عند إزالة سماعات الهاتف عن أذنيك ستواجه مشهداً مألوفاً للغاية، وإن كان مقززاً، وهو تراكمات شمع الأذن بها.
الكثيرون يرون أن هذا الشمع المتراكم في السماعات يقوم فقط بتلويثها، أو تقليل فاعلية استعمالها، بعد إعاقة السمع بشكل جيد.
لكن هل يمكن أن تكون لهذه المادة اللزجة المزعجة فائدة؟ وما سبب تكونها من الأساس؟ وهل طريقة التنظيف قد تؤدي إلى مشاكل فيما ما بعد؟
يخبرنا العلم أن هذه المادة التي تنظف السماعات منها مهمة فعلاً لصحة أذنيك، وقد تؤذي نفسك عن غير قصد إذا حاولت إزالتها.
من ماذا يتكون شمع الأذن؟
يتكون شمع الأذن من خلايا الجلد الميتة الممزوجة بإفرازات من الغدد الدهنية والعرقية في الأذن. وتنشأ خلايا الجلد الموجودة في قناة الأذن الخارجية في وسط طبلة الأذن، ثم تنتقل إلى المدخل، وهناك تختلط بمزيج من الزيوت يسمى الزهم الذي له دور ترطيب البشرة.
بعد ذلك يمتزج الزهم، الذي تفرزه ما يسمى بالغدد الدهنية المرتبطة ببصيلات الشعر، بإفرازات الغدد العرقية وخلايا الجلد المتساقطة ليتكون شمع الأذن.
وحسب تصريح لكيفن مونرو، أستاذ علم السمع بجامعة مانشستر بالمملكة المتحدة، لموقع Live" "Science، يقول: "الغرض من تكون هذا الشمع هو تشحيم الجلد في قناة الأذن لاحتجاز الأوساخ والغبار تماماً مثلما يفعل المخاط في الأنف، إذ إن الأذن تعتبر مثل النفق أو الكهف، وجوّها قد يصبح دافئاً ورطباً، وهي بيئة مثالية لنمو البكتيريا".
كما تفرز الغدد الدهنية والعرقية أيضاً بروتينات مضادة للميكروبات في هذا المزيج، وهذا يحمي الأذن من الالتهابات البكتيرية والفطرية.
ما فائدة شمع الأذن؟
أثبتت عدة دراسات أن شمع الأذن يعيق نمو مسببات أمراض الأذن الشائعة، مثل فطر المبيضات البيضاء والبكتيريا الزائفة الزنجارية والمكورات العنقودية الذهبية.
وهذا قد يكون سببه الطبيعة الحمضية قليلاً لشمع الأذن، الذي يتراوح رقمه الهيدروجيني بين 5.2 و7.0، والبروتينات المناعية التي يحتوي عليها، مثل الأجسام المضادة التي تلتصق بالغزاة والليزوزيم، وهو إنزيم يكسر جدران خلايا بعض البكتيريا.
ولهذا يُنصح بتجنب إزالة هذه المادة اللزجة في حال لم عدم تسببها في أي مشاكل، لكن في حال تراكم الشمع في الأذن، يصبح التصرف الصحيح هو زيارة الطبيب، من أجل تجنب الشعور بأي نوع من الألم أو الانسدادات، أو صعوبات في السمع، من خلال استعمال جهاز شفط مجهري خاص، او باستخدام جهاز ري الماء الإلكتروني الذي يضخ الماء في الأذن بضغط منخفض.
فيما يعد تراكم شمع الأذن المزعج أكثر شيوعاً بين الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاماً، لأنه مع تقدم العمر، تقل سرعة خروج الشمع من الأذن وتُفرز كمية أكبر منه.
وإلى جانب هذه التغييرات المرتبطة بالعمر، فارتداء سماعات الأذن أو سدادات الأذن أو أدوات السمع التي تمنع خروج شمع الأذن قد تؤدي أيضاً إلى تراكمه.
لذلك ينبه الأطباء المختصون إلى ضرورة عدم إزالة شمع الأذن باستخدام مسحات القطن، لأنها تدفع الشمع إلى داخل الأذن وقد يسبب هذا ضرراً لطبلة الأذن.
معلومات وحقائق غريبة عن شمع الأذن
قد يؤدي العبث في الأذن في بعض الأحيان إلى التعرض لبعض الأعراض الغريبة، أبرزها السعال، وذلك بسبب الاستجابة الغريبة التي يحفزها الفرع الأذني للعصب المبهم، المعروف أيضاً باسم عصب أرنولد أو عصب ألدرمان.
وأظهرت دراسات أن منعكس سعال الأذن المرتبط بعصب أرنولد يؤثر على حوالي 2% إلى 4% من الأشخاص. وقد يصاب هؤلاء الأشخاص أحياناً بالسعال المزمن بسبب تراكم شمع الأذن أو استخدام أدوات السمع التي تثير هذا العصب.
كما يمكن أن يؤدي تراكم الشمع في الأذن إلى ازدواج السمع، وهي ظاهرة صوتية تجعل الشخص يسمع الصوت بشكل مختلف في كل أذن.
فمثلاً، حين يصدر صوت، قد تسمع إحدى الأذنين طبقة الصوت الفعلية بينما تلتقط الأخرى طبقة أقل أو أعلى. وهذا التأثير المزعج يختفي بمرور الوقت عند البعض ولكنه يظل للأبد عند آخرين.
ومن بين المعلومات التي يمكن اعتبارها أكثر غرابة، هي أن نبتة الكية التي تستعمل في زينة المنزل قد تؤدي إلى الإصابة بالصمم.
ففي الفترة من عام 2012 إلى عام 2017، أصيب ما لا يقل عن 28 شخصاً بأضرار في قناة الأذن بعد تعرضهم لأوراق نبتة اليكة. والبعض كان محظوظاً ولم يصب سوى بخدش مزعج، لكن الأغلبية أصيبوا بثقب في غشاء الطبلة.
وتحدث هذه المشكلة بسبب دبدبة أوراق هذه النبتة التي تخترق الأذن مثل السيف، مما يؤدي إلى تمزق طبلة الأذن.
وفي سياق آخر، تم إيجاد طريقة حديثة من أجل علاج طنين الأذن، الذي يحصل بسبب انسداد الأذن بالشمع، وهي عن طريق صعق اللسان.
وفي عام 2020، كشفت شركة في أيرلندا عن شكل جديد من العلاج قالت إنه يقضي على طنين الأذن لمدة تصل إلى عام، وابتكرت جهازاً يسمى لينير Lenire، وهو يصعق الفم لضبط الطنين المتواصل. وخلال هذا العلاج الغريب، يستمع المريض إلى الموسيقى عبر سماعات بلوتوث بينما يصعق الجهاز العصب ثلاثي التوائم اللسان صعقة خفيفة.
اعتمد لينير على تقنية تُعرف باسم العلاج بالتعديل العصبي ثنائي الوضع، وهذه الصدمات الخفيفة تعمل على تشتيت انتباه الدماغ، وإعادة تدريبه على كتم صوت طنين الأذن.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.