إضافةً إلى الحر الشديد والرطوبة، يحمل الصيف معه لدغة البعوض المزعجة التي تفسد أمسياتنا، وساعات نومنا، وأحياناً نهاراتنا. وحتى اللحظة لا يمكن فهم إصرار محبّي الصيف على اعتباره الفصل الأجمل في السنة، وتفضيله على الشتاء.
بشكلٍ عام، لا تُعتبر لدغة البعوض خطيرة. فهي تتسبب على الأغلب بحكة شديدة وردّ فعلٍ تحسّسي لا أكثر، لكنها في بعض الأحيان قد تسبب بعض المضاعفات، عن طريق نقل البكتيريا وتسبّبها بالعدوى.
عادةً ما تظهر على جلد الإنسان، الذي تعرّض إلى لدغة بعوضة، بقعٌ حمراء صغيرة. قد تكون مؤلمة أحياناً، وتتسبب بحكة قوية، وتظهر عليها انتفاخات مزعجة. وفي أحيانٍ أخرى، تتحول تلك الانتفاخات إلى بثور مملوءة بسوائل، تنزف دماً عند حكها.
ووفقاً لما ذكره موقع Express البريطاني، فإن البعوضة تبصق مادة مضادة للتخثر في الجرح بمجرد أن تمزق جلدك، ما يسمح لها بالتغذي من دمك لفترة أطول.
قد لا تكون هناك طريقة مضمونة للتخلص من لدغات البعوض على الفور، أو بشكلٍ كامل، لكن توجد بعض العلاجات الموثوقة التي يمكنها المساعدة في تخفيف الحكة المزعجة، حتى يتسنى لك الحصول على قسطٍ من النوم.
لكن قبل التحدث عن كيفية التخلص من لدغات البعوض، وتقديم مقترحات حول الطرق الأكثر فاعلية لعلاجها، لنتعرّف بشكلٍ دقيق على ما الذي يحدث فعلياً عندما تلدغنا بعوضة.
لدغة البعوض وعلاماتها
دائماً ما تأتي لدغات البعوض من الأنثى، لأنها تحتاج البروتين الموجود في دمك لتطوير بيضها، بينما يتغذى ذكر البعوض على النباتات حصراً. تشعر إناث البعوض بثاني أكسيد الكربون ورائحة الجلد، وتستطيع تتبعها ومطاردتها وصولاً إلى وجبتها.
ويمكن لوجبتها أن تتنوع حسب طول الأشخاص ورائحتهم، لون ملابسهم، وفئة دمهم. فهي في الحقيقة تفضّل الحوامل وطويلي القامة، إضافةً إلى أصحاب فصيلة الدم من فئة O.
بمجرد أن تعثر الأنثى عليك، ستخرق جلدك وأوعيتك الدموية، باستخدام إبرٍ طويلة تشبه قشة الشرب. وأثناء التغذية على دمائك، تحقن البعوضة لعابها داخلك، مما يؤدي إلى رد الفعل الالتهابي بعدها. لماذا وما سبب الالتهاب الذي يحدث؟
في حديثٍ إلى مجلة Allure الأمريكية، يقول ديفيد بانك (طبيب جلدية) إن الالتهاب يحدث نتيجة استجابةٍ مناعية يُفرزها جسمك.
وأوضح أن هذه الاستجابة ليست إلا إشارة إلى أن جسمك يحاول مقاومة المادة الغريبة التي دخلته (اللعاب في هذه الحالة)، وتابع مضيفاً: "يلعب جهازك المناعي دوراً كبيراً في تحديد ردّ الفعل بعد تعرّضه للدغة البعوض، لذا تختلف حدة الانزعاج من اللدغة بين شخصٍ وآخر".
الغالبية العظمى تُصاب بالاحمرار، والحكة، وأحياناً التورم في مكان اللدغة، بينما تظهر على الآخرين استجابة أكبر تُعرف باسم "الشرى" نتيجة رد فعلهم التحسسي.
من المحتمل أن تعاني من تورمٍ أو حكة أكثر استمرارية، إذا زرت مكاناً جديداً فيه أنواع حشرات جديدة، أو إذا بدأت فصلاً جديداً من فصول السنة، أو في حال لم تتعرض للدغة بعوض منذ فترة.
متى يجب أن تزور الطبيب؟
تقول القاعدة العامة إنه عليك زيارة الطبيب متى شعرت بالقلق حيال عدم تعافي جلدك بشكلٍ صحيح، بعد لدغة البعوض، أي عندما لا تلاحظ أيّ تحسن في التورم والحكة في غضون أسبوع.
لذلك وإذا لاحظت وجود جلدٍ مفتوح (جرح) أو تقرحات، فلا بدّ أن تحصل على استشارةٍ طبية على الفور. ومن المهم الإشارة هنا إلى أن أي لدغة بسيطة يمكنها أن تتفاقم، إذا ما تمّ حكها بشدة، لذا تجنب الحكة القوية.
كذلك، إذا كنت تعاني من أعراضٍ تشبه الإنفلونزا، مثل الحمى أو الغثيان، فيجب عليك زيارة الطبيب؛ وعليك أن تتوجه فوراً إلى غرفة الطوارئ إذا كنت تعاني صعوبةً في التنفس، لا تهمل الأمر فهو ليس مزحة، فمن المحتمل أن تكون مصاباً بردّ فعلٍ تحسّسي.
علاج لدغات البعوض
لا تهدد لدغات البعوض حياتنا عموماً، رغم أنها مزعجة. ومن المرجح أن تكون العلاجات المنزلية، أو الأدوية التي تباع من دون وصفة، كافية لعلاج لدغات البعوض في العادة.
لكن إذا كان جلدك أكثر تحسّساً من الغالبية، وتحولت النتوءات الصغيرة إلى حساسية، فسيصف لك طبيب الجلدية أحد كريمات الستيريود عالية الفعالية.
أما في ما يتعلق بالعلاجات المنزلية، فلا تصدق كل نصيحة تسمعها. في حين يؤكد كثيرون على مدى فاعلية صودا الخبز مع معجون الأسنان في علاج لدغات البعوض، فإن كلاهما من القلويات التي قد تصيب بشرتك بالتهيج والجفاف.
وبدلاً من ذلك، يمكنك الالتزام بالحلول التالية:
1- مضادات الهستامين
عندما يلدغك البعوض، يفرز جهازك المناعي مادةً تُدعى الهستامين، لمساعدة جسمك في التخلص من مسبب الحساسية.
يدفعك الهستامين إلى العطس والشعور بالحكة، لذا فإن مضادات الهستامين التي تؤخذ عن طريق الفم تساعد في تقليل الالتهاب والحكة بصفة عامة. وتُعد أدوية زيرتك وبينادريل من الخيارات الفعالة، لكن تأثير زيرتك المهدئ أقلّ من بينادريل.
2- الهيدروكورتيزون
يمكن استخدام كريمات الهيدروكورتيزون (بنسبة 1%) التي تباع من دون وصفة قدر الحاجة، فمن الآمن استخدامها على الوجه لمدة تصل إلى أسبوعين.
تستطيع جرعة صغيرة من مادة الكورتيكوستيرويد الاستوائية أن تهدئ الالتهاب والحكة، كما تحتوي بعض التركيبات على مكونات مهدئة أخرى، مثل الألوي فيرا، لتحقيق راحة أكبر.
الثلج
يمكن أن تساعد درجات الحرارة الباردة والجليد على تقليل الالتهاب، يعمل الثلج أيضاً على تخدير الجلد، ما قد يمنحك راحةً فورية، ولكن قصيرة المدى. يوصي موقع Mayo Clinic باستخدام كيس بارد أو مليء بالثلج المجروش لتخفيف الحكة التي تسببها لدغة البعوض.
لا تترك الثلج على اللدغة مباشرة لأكثر من خمس دقائق، لأنه يمكن أن يتلف الجلد، يمكنك أيضاً وضع حاجز، مثل منشفة، بين جلدك والثلج حتى تتمكن من ترك الثلج على اللدغة لفترة أطول.
يمكنك أن تستخدم كمادات الثلج أيضاً، التي تأتي بحجمٍ وشكلٍ مثاليين لعلاج اللدغات المنفردة، فهي تُباع أيضاً في مجموعة من عدة قطع ولا تحتاج إلى تغليفها.
جل الصبار
الألوفيرا له استخدامات عديدة تتجاوز الزينة، لقد ثبت أن جل الصبار بداخله خصائص مضادة للالتهابات، ويمكن أن يساعد في التئام الجروح الطفيفة أو تهدئة الالتهابات، لهذا السبب قد يكون علاجاً جيداً لعلاج لدغة الحشرات أيضاً.
يمكن علاج لدغة البعوض عن طريق استخدام جل الصبار، أحد أفضل العلاجات الطبيعية، فهو جيد للالتهابات وتهيج الجلد بسبب تركيبته الغنية بالفيتامينات.
وجل الصبار هو الهلام المستخرج من أوراق الصبار، وطريقة استخدامه سهلة. يُغسل الصبار جيداً، يُقسم إلى قسمين، ويُستخرج هلامه بملعقة، ومن ثمّ يُطبق مباشرةً على الأماكن المصابة.
يُترك على المنطقة المصابة لمدة لا تزيد عن 30 دقيقة، ثم تُشطف بالماء البارد. ويمكن زيادة فاعلية جل الصبار من خلال خلطه مع القليل من البابونغ.
والأمر سهل، فكل ما عليك فعله هو غلي ملعقة من البابونغ، وتضيف الخلاصة إلى ربع كوب من جل الصبار، ومن ثم استخدام قطعة قطن ودهن المنطقة المصابة.