من منا لا يحب التمدد على الشاطئ، والاستمتاع بهدير موج البحر، لكن المشكلة الأساسية أن فصل الصيف أصبح حاراً للغاية في السنوات الأخيرة، وقد لا يقتصر الأمر على الانزعاج من الحر الشديد، لكن يمكن أن ينتهي الأمر بتعرّضنا لـ"الإجهاد الحراري".
ففي موجات الحر الشديدة، التي يبدو أنها باقية وتتمدد هذه السنة، تبدو أبسط المهام اليومية كأنها جحيمٌ مطلق. ومع غياب التكييف في المنزل، لاسيما في البلاد التي تعاني من أزمة اقتصادية وأزمة انقطاع الكهرباء، فمجرد الذهاب إلى العمل قد يُشعرنا بالضيق.
ما هو الإجهاد الحراري؟
الإجهاد الحراري هو مرض مرتبط بدرجات الحرارة العالية، ويصيبنا عندما لا تتصدى له آليات التبريد المعتادة في جسمنا. ونتيجةً لذلك، تصبح ساخناً بدرجة كبيرة، ما قد يُلحق الضرر بنا لو لم نتخذ خطوات عملية لخفض درجة الحرارة سريعاً.
وفقاً لموقع Mayo Clinic الطبي، وللإبقاء على درجة حرارة الجسم الأساسية عند ما يقارب 37 درجة مئوية، يقوم الجسم بآلياتٍ دفاعية مختلفة للتبريد أو التسخين عند الضرورة.
وفي درجات الحرارة الشديدة، لاسيما لفترات طويلة من الزمن أو أثناء بذل مجهودٍ إضافي، فيمكن أن ينتهي الأمر باستهلاك جسدنا لحرارةٍ أكثر من تلك التي يتخلص منها عبر تلك الآليات.
والطريقة الأكثر وضوحاً، التي يستجيب من خلالها الجسم للحرارة الشديدة والجهد، هي التعرق. يرطب العرق سطح الجسم ويبرده أثناء تبخره، ما يساعد على تنظيم درجة حرارة الجسم تلقائياً.
ربما تبدأ في التعرّق بغزارة، أو ترغب في شرب الماء باستمرار، أو تشعر بالدوار والغثيان. بغضّ النظر عن أعراض الإجهاد الحراري، لا يمكننا إلقاء اللوم عليك إذا كان هذا الحر الشديد يُشعرك بالضيق واستنزاف الطاقة.
فأعراض الإجهاد الحراري، الناجمة عن التعرّض للحرارة الزائدة يمكن أن تدخل في مرحلة خطيرة. ووفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، يتسبب الإجهاد الحراري في تسارع نبضات القلب أو شعورك بالدوار أيضاً.
فدرجات الحرارة التي تتجاوز 37.7 درجة مئوية لا تزيد من معدلات ضربات القلب فحسب، بل ترفع أيضاً ضغط الدم، وتؤدي إلى الشعور بضيق التنفس.
وهذه ليست المخاطر الوحيدة. فإذا ارتفعت درجة حرارة جسمك كثيراً ولم تستطع تبريده، قد تعاني أيضاً من تشنجات حرارية، أو تُصاب بضربة شمس، أو أي شكل من أشكال الاعتلالات الجسدية المرتبطة بالحرارة.
إذا كنا نعيش في عالمٍ مثالي لكنا قادرين على اجتياز موجة الحر الشديدة والبقاء في أماكن مكيّفة، لكن مع الأسف لا يتمتع جميع الناس برفاهية شراء مكيّف وتشغيله على الكهرباء أو المولد الكهربائي.
أضف إلى ذلك أن الكثير من الوظائف تتطلب وجود العاملين في الهواء الطلق، حتى خلال ساعات النهار الأشد حرارة، فضلاً عن أن الصيف أساساً هو فصل الاحتفالات والرحلات والمغامرات في الهواء الطلق.
انطلاقاً من كلّ ما ورد، من المهم أن تعي جيداً أنك قد تصاب بالإجهاد الحراري في أي وقت. إليك نصائح عملية لإغاثة فورية، حين تلاحظ أن الحرارة أصبحت شديدة إلى درجةٍ تفوق قدرتك على تحمّلها:
1- اذهب إلى الظل أو التكييف
عندما لا يتسنى لك العودة سريعاً إلى المنزل، فالوقوف تحت شجرة كبيرة أو ظلال أحد المباني قد يحميك من التعرض المباشر لأشعة الشمس، ويخفف من حدة شعورك بعدم الراحة.
لكن لو لاحظتَ أن أعراضك تتجه نحو الإجهاد الحراري أو ضربة الشمس، فإن الوقوف في الظل لن يفيدك على الأرجح، لأنه لن يخفض درجة حرارة جسمك. الخيار الأفضل هو الدخول إلى مكانٍ قريب به مُكيّف هواء، حتى يهدأ جسمك وتنخفض درجة حرارته.
2- اشرب الكثير من السوائل
تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى التعرّق بغزارة، ما يُفقدنا كمية كبيرة من المياه الموجودة داخل جسمنا.
من الناحية العلمية، يفقد جسمنا أيضاً الكثير من المعادن المهمة عبر عملية التعرّق، وهو ما قد يؤدي إلى جفاف الجسم ويزيد من خطر إصابتنا بالإجهاد الحراري وغيرها من المشكلات المرتبطة بالحرارة الزائدة.
لذلك، يجب شرب الماء باستمرار طوال اليوم خلال فترات الحر الشديد، لتجنّب حدوث أي مما سبق. فنحن بحاجة إلى شرب المزيد من الماء كلما زادت حرارة الطقس.
لكن في حال لاحظتَ أنك تتعرق أكثر من المعتاد، وتشعر بالإعياء، أو تعاني من تشنجات عضلية، فهذه كلها علامات تشير إلى إصابتك بالجفاف ومن المهم عند هذه النقطة إعادة الترطيب إلى جسمك.
وفي هذه المرحلة يكون شرب الماء جيداً، لكن من الأفضل اختيار السوائل الغنية بالمعادن المشحونة كهربائياً، أي "الإلكتروليتات".
تساعد تلك المعادن المشحونة كهربائياً -مثل الصوديوم والبوتاسيوم- جسمك على الاحتفاظ بالسوائل داخل خلاياه. وفي هذا الإطار "محلول بيديالايت" فعّال جداً في معالجة الجفاف، ويمكن لماء جوز الهند أن يكون بديلاً رائعاً أيضاً.
يعزز ماء جوز الهند الترطيب وينظم مستويات السكر، وبعيداً عن كونه مشروباً لذيذاً ومنعشاً، فهو يملك مجموعة من العناصر الغذائية المهمة، خصوصاً بالنسبة للباحثين عن الإلكتروليتات المفقودة بعد التعرّق.
3- انقع منديلاً في الماء البارد وضعه على رقبتك
وضع منشفة مبللة بالماء البارد على مناطق الرقبة والظهر والأكتاف -وإن أمكن بمنطقتي الصدر والبطن أيضاً- سيساعد جدياً في تبريد بشرتك وخفض درجة حرارة جسمك. ولكن تأكد من تجنّب وضعها على أنفك أو فمك، حتى لا تعاني من صعوبة التنفس.
على الرغم من مثالية اختيار المنشفة (لأنَّها ستغطي مساحة أكبر وستحتوي على كمية أكبر من الماء)، ثمة احتمال كبير ألا يكون في متناول يديك واحدة خصوصاً إذا كنتَ تقوم برحلة في السيارة وتتجول في مناطق نائية.
في هذه الحالة نقترح عليك استخدام منديلٍ أو أي قطعة قماش. ولو تعذر ذلك أيضاً، استخدم المناشف الورقية من أي دورة مياه عامة، انقعها بالماء البارد وضعها على رقبتك وظهرك وكتفيك.
بهذه الطريقة سوف يتبخر الماء من المنشفة أو المنديل المبلل ويسحب الحرارة من جسمك، وهو ما يُبرّد بشرتك ويساعد على تنظيم درجة حرارة جسمك.
الوقوف أمام مروحة أو مُكيّف هواء، أثناء فعل ذلك، سيساعدك على التعافي والاسترخاء بطريقةٍ أسرع. ويمكنك خلال التخطيط للذهاب في رحلة بعيدة أو نائية أن تشتري مروحة يدوية محمولة وتستبق تعرّضك لأي اعتلالٍ جسدي.
4- توقف عن القيام بأي نشاطٍ جسدي وتمدد
إذا كنت تقود السيارة، أو تتمشى في الطبيعة، عليك أن تتوقف عن ذلك فوراً. ابحث عن مكانٍ لا تضربه أشعة الشمس واستلقِ فيه، من دون أن تقوم بأي حركة أو نشاطٍ جسدي، مهما كان خفيفاً.
ومن المهم عند هذه النقطة أن تتجنب الاستلقاء في السيارة، لا سيما إن كانت مركونة في الشمس. فدرجة الحرارة داخل السيارة يمكنها أن ترتفع إلى مستويات خطرة، وبسرعة كبيرة قد لا تلاحظها إذا كنت بداخلها.
لذلك غالباً ما تطلب إرشادات السلامة العامة منا ألا ندع أطفالنا أو حيواناتنا الأليفة ينتظروننا داخل السيارة المتوقفة. وحتى لو تركت النوافذ مفتوحة، فقد يكون الجلوس في السيارة مميتاً خلال يومٍ حار.
ولو كنتَ تعلم أنك ذاهب في رحلة بعيدة خلال يومٍ شديد الحرارة، حاول أن تغيّر توقيت قيامك بها، وابتعد مثلاً عن الفترة الممتدة بين الساعة 10 صباحاً والـ3 بعد الظهر، حين تكون درجة الحرارة في أوجها.