فوق تلّة مُطلة على تقاطع البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي في المغرب يوجد أحد أكثر الأماكن السياحية استقطاباً للسياح في مدينة طنجة الملقبة بعروس المغرب، لمنارة كاب سبارطيل قصة تاريخية جعلتها توضع فوق الورقة النقدية المغربية من فئة 200 درهم.
لهذا المكان جمالية خاصة؛ إذ يجمع بين الغابة والبحر في التقاء فريد لأمواج البحر المتوسط والمحيط، منارة "كاب سبارطيل" أو "رأس سبارطيل" التاريخية تعتبر هذه الأخيرة الأقدم في المغرب ومن بين الأقدم في القارة الإفريقية.
خطر القراصنة وبناء المارة
لمنارة كاب سبارطيل المغربية تاريخ قديم، يعود تاريخ إنشائها إلى سنة 1864 وذلك في عهد السلطان المغربي محمد بن عبد الرحمن، عرفت هذه الأخيرة مراحل تاريخية وتحولات بالإضافة إلى العديد من التعديلات.
بدأت القصة عند ظهور السفن البخارية، والتي كان القراصنة يمثلون الخطر الرئيسي في المنطقة، بالإضافة إلى عرقلة المجاهدين المسلمين القادمين من ميناء سلا القريبة من الرباط العاصمة الحالية للمغرب.
طوال القرن 16 تزايدت السفن التي مرت من أمام المنطقة والتي تعبر من المحيط الأطلسي الممتد من جزر الكناري إلى الضفاف الشمالية لإسبانيا.
فيما بعد أصبح خطر غرق السفن يمثل تهديداً أساسياً في المنطقة القريبة من مدينة طنجة المغربية من بين أشهر الحوادث التي شهدتها المنطقة وذلك بعد غرق الفرقاطة التعليمية البرازيلية، والتي أودت بـ250 من الطلبة الضباط عام 1860.
هذه الحادثة دفعت السلطان المغربي محمد بن عبد الرحمن إلى إصدار أوامره سنة 1861 بتشييد منارة كاب سبارطيل والتي دام بناؤها من طرف مهندس فرنسي ويد عاملة مغربية أكثر من سنتين، غير أن افتتاحها الرسمي كان في 15 أكتوبر/تشرين الأول سنة 1864.
وبعد سنوات وقّع المغرب اتفاقية مع أزيد من 50 بلداً حول العالم بخصوص نفقات تشغيل وصيانة المنارة، ثم مرت السنوات ليتم اعتماد قرار فتحها في وجه عموم الزوار عام 2020؛ حيث أضحت مزاراً سياحياً يجذب آلاف الزوار والسياح كل عام.
منارة كاب سبارطيل التراثية ولقب عالمي
حسب موقع "independentarabia" لُقّبت منارة رأس سبارطيل بلقب المنارة التراثية لسنة 2023 وذلك من قبل مجلس الجمعية الدولية للتشوير البحري المنعقد في شهر مايو/أيار في البرازيل لتكون بذلك المنارة العربية والإفريقية الوحيدة التي حازت هذا اللقب.
وسبق منارة "رأس سبارطيل" للفوز باللقب العالمي، كل من منارة "هوميكوت" الكورية عام 2022، ومنارة "كاب بايرون" الأسترالية 2021، ومنارة "سانتا أنطونيو دي بارا" 2020، ثم منارة "كوردون" الفرنسية في 2019.
من أجل الحصول على هذا اللقب يتعين على المنارة أن تستوفي ثلاثة شروط رئيسية وذلك من أجل تقديم ملف الترشيح.
أول الشروط التي توفرت، وفق مسؤولين في وزارة التجهيز الوصية على المنارة، هو معمارها الفريد، بالنظر إلى كونها تشبه الصومعة المغربية، ويبلغ علوها 31 متراً، وتملك سلماً دائرياً ملتفاً يتشكل من 101 درجة، حيث يمكن للزائر أن يصعد عبر هذا السلم إلى أعلى المنارة لمشاهدة معانقة الماء للخضرة.
ثاني الشروط التي أتاحت للمنارة المغربية حيازة لقب "المنارة التراثية لعام 2023″، يتمثل في كونها تتميز بصيانة جيدة داخل محيط المنارة من طرف القائمين عليها.
وثالثاً انفتاح المنارة على عموم الناس من زوار وسائحين، وهو ما تم بالفعل منذ عام 2020.
عند زيارة منارة كاب سبارطيل لا تفوت الفرصة لرؤية اللافتة التي تظهر كلاً من المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، بالإضافة إلى اقتناء بعض الأشياء التذكارية التي تباع إلى جانب المنارة والتقاط الصور التذكارية.