تُعتبر تمارين البيلاتس (Pilates) اليوم أكثر شعبية من أي رياضة أخرى، يكفي أن تعرف أن 6 ملايين أمريكي يمارسونها بانتظام لتتأكد من ذلك!
ولعلها اكتسبت شعبيتها في السنوات الماضية، بعدما أعلنت نجمات العالم أنهن يلجأن إلى البيلاتس للحفاظ على رشاقتهن، مثل: جينيفر أنيستون وكيندال جينر، وحتى دوقة ساسكس ميغان ماركل، التي قالت إنها استفادت منها خلال فترة الحمل.
توازن تمارين البيلاتس بين تمارين "الكارديو" الخفيفة، وتمارين المرونة والقوة، وتقنيات التنفس المتخصصة. ويمكن القول إنها تندرج ضمن تمارين المقاومة، من منظورٍ تقني.
تنشأ هذه المقاومة من خلال وزن الجسم، والمعدات المتخصصة التي تساعد المتدرب على أداء تمرينٍ تصحيحي لكامل الجسم. لكن من وجهة مدربي البيلاتس، فهي نظام رياضي يعزز مرونة الجسم وبناء قوة العضلات.
لكن هل تعلمون أن تمارين البيلاتس ليست حديثة العهد أبداً، وأنه تمّ تطويرها منذ نحو 100 عام لإعادة تأهيل الجنود المصابين في الأساس؟
فكيف بدأت تمارين البيلاتس؟
وُجد نظام اللياقة البدنية المعروف باسم "بيلاتس"، منذ أن بدأ جوزيف بيلاتس وزوجته كلارا في تعليم أسلوب تمارينهما في نيويورك عام 1926. لكن قبل ذلك، عاش الألماني جوزيف بيلاتس في إنجلترا حيث عمل ملاكماً ومدرباً للدفاع عن النفس.
خلال الحرب العالمية الأولى، وعند اعتقاله مع مواطنين ألمان آخرين، طوّر أسلوبه في اللياقة البدنية بشكلٍ أكبر من خلال تعليم زملائه المعتقلين؛ حتى أصبح منظماً في مستشفى جزيرة مان البريطانية، وعمل مع مرضى -لا سيما جنود- غير قادرين على المشي.
طوّر تقنية خاصة به عندما ثبت نوابض السرير الحديدية على أسرة المستشفى، للمساعدة في دعم أطراف المرضى. ومن خلال تلك التقنية، طوّر قطعة البيلاتس الشهيرة، المعروفة باسم "كاديلاك".
لاحقاً في أوائل عشرينيات القرن الماضي، هاجر جوزيف بيلاتس مع زوجته كلارا إلى الولايات المتحدة. وفي العام 1926، طوّرا وعلّما معاً تمارين تكييف الجسم الشهيرة (Body Conditioning) في نيويورك.
تزامن ذلك مع افتتاحهما لاستديو خاص بهما، تميّز بالكثير من المعدات التي صُمّمت خصوصاً لتعزيز عملهما في إعادة التأهيل. وسرعان ما شاعت تقنية الزوجين، التي لم تكن تُعرف بعد باسم تمارين البيلاتس.
انتشرت التقنية تحديداً في أوساط الرقص، لا سيما أنها كانت تساعد في تعافي الراقصين من الإصابة أو تحسين تقنياتهم الراقصة وليونة جسدهم. فأصبح الاستديو الخاص بالزوجين مكاناً يزوره العديد من مشاهير الرقص حول العالم، مثل: روث سانت دينيس، وتيد شون، ومارثا غراهام، وغيرهم.
لم تُعرف تمارين البيلاتس باسمها إلا بعد وفاته عام 1967، وكانت تمارينه يُطلق عليها اسم "الكونترولوجيا"؛ فلجوزيف بيلاتس كتابٌ شهير بعنوان "العودة إلى الحياة من خلال الكونترولوجيا"، نُشر عام 1945.
ووفقاً لموقع Pilates Foundation، وفي حين كان جوزيف هو الذي يقف خلف هذه التقنية، كانت زوجته كلارا هي المعلمة الحقيقية في الاستديو وهي صاحبة الفضل في تعليم التقنية إلى المتدربين.
كانت كلارا القوة الدافعة خلف جوزيف بيلاتس، وقد أسّست وطورت تقنيات تكييف الجسم وتمارين البيلاتس لاحقاً، لتناسب الاحتياجات الفردية للمتمرنين.
فوائد البيلاتس وكيف تختلف عن اليوغا؟
تعتمد تمارين البيلاتس بشكلٍ أساسي على ما يُعرف بالقوة الأساسية (أو القوة الجوهرية)، وتركز على تحسين توازن الجسم وثباته، من خلال الوصول إلى العضلات العميقة وتدريبها، أي عضلات البطن الداخلية والظهر.
تتراوح مدة جلسة تمارين البيلاتس من 30 إلى 60 دقيقة، ويمكن ممارستها إما بارتداء الجوارب، أو بقدمين حافيتين. وخلال الجلسة، يتم استخدام الحصيرة المخصصة للبيلاتس أو معدات وأدوات تمارين خاصة.
تقول مدربة البيلاتس أليسيا أنغارو لموقع USA Today: "نستخدم في تمارين البيلاتس أكثر من 12 أداة خاصة، من بينها جهاز يُطلق عليه اسم المُصلح (Reformer). وعادةً ما نلبي في الجلسة الواحدة احتياجات كل فرد".
وتؤكد أنغارو أن هناك اختلافات كبيرة بين البيلاتس واليوغا. فاليوغا ممارسة روحانية قديمة للغاية، تعود أصولها إلى الديانة الهندوسية، في حين أن البيلاتس لا تستند في تمارينها إلى أي روحانيات وهي حديثة للغاية مقارنةً باليوغا.
تعتمد اليوغا أيضاً اعتماداً أساسياً على تمارين التنفس العميق، بدرجة أكبر كثيراً من تمارين البيلاتس. تركز اليوغا على مزامنة أنفاسنا مع حركتنا، وقد تشمل أيضاً ممارسة بعض تمارين التأمل، وهو أسلوب يمنح الشعور بالاسترخاء العميق.
تنطوي تمارين البيلاتس على مجموعة من الفوائد الصحية المؤكدة، فهي تعمل على تحسين وضعية الجسم وتخفيف آلام الظهر، إلى جانب زيادة الطاقة وتقليل التوتر. وقد ثَبُتَ دورها في تحسين الحياة الجنسية للفرد.
تتميز تمارين البيلاتس بكونها ترميمية للجسم، فهي تجدد قوة ونشاط ومرونة الجسم في الوقت نفسه، وتحسّن التوازن العضلي أيضاً. ويمكن للأفراد من جميع الأعمار ممارستها والاستفادة من فوائد البيلاتس الصحية.