يتم تشخيص متلازمة التليف الكيسي، ويرمز لها بـ "CF"، كونها عبارة عن اضطراب وراثي يسبب ضرراً شديداً للرئتين والجهاز الهضمي وأعضاء أخرى في الجسم، وذلك بسبب تأثيرها على الخلايا التي تنتج المخاط والعرق والعصارة الهضمية.
إذ عادة ما تكون السوائل المفرزة في الجسم رقيقة وزلقة، إلا أن الأشخاص المصابين بالتليف الكيسي، تصبح الإفرازات لزجة وسميكة لديهم، بسبب الجين الذي به الطفرة.
وعوض أن تقوم هذه الإفرازات في الجسم بعملية تشحيم، فإنها تسد الأنابيب والقنوات والممرات المختلفة في الجسم، خاصةً في الرئتين والبنكرياس، مما يؤدي إلى أمراض خطيرة قد تسبب الوفاة في بعض الحالات.
ما هي متلازمة التليف الكيسي؟
يحتاج المصابون بمتلازمة التليف الكيسي إلى رعاية كبيرة، إلا أنه خلال السنوات الأخيرة، وبسبب تطور طرق العلاج، أصبح بإمكانهم الذهاب إلى المدرسة أو العمل، والتمتع بحياة طبيعية نوعاً ما.
إذ أصبح معدل عمر الأشخاص المصابين بالتليف الكيسي يصل إلى 30 أو 40 سنة، فيما يمكن أن يعيش بعضهم إلى حدود الخمسينات من العمر.
وقد يتم تشخيص هذه المتلازمة خلال الأشهر الأولى بعد الولادة، قبل ظهور الأعراض، وذلك من خلال فحص الجنين بعد الوضع.
وتختلف أعراض التليف الكيسي حسب شدة المرض؛ إذ إنه يمكن أن تتفاقم أو تتحسن مع مرور الوقت بالنسبة لنفس المريض.
كما أن الأعراض قد يتأخر ظهورها لدى المريض، ويمكن أن يعاني منها بعد سنوات المراهقة أو البلوغ، ما يؤدي إلى تفاقم المرض، ويمكن أن تكون على شكل نوبات متكررة من التهاب البنكرياس، والعقم، والالتهاب الرئوي المتكرر.
أعراض التليف الكيسي على الجهاز التنفسي والهضمي
يعاني الأشخاص المصابون بالتليف الكيسي من ارتفاع مستوى الملح في العرق عن المعدل الطبيعي، كما يؤثر هذا المرض على الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي.
إذ تتمثل الأعراض المتعلقة بالجهاز التنفسي في انسداد الأنابيب التي تحمل الهواء داخل وخارج الرئتين، بسبب المخاط السميك واللزج.
وهذه المشكلة تؤدي إلى مشاكل أخرى، هي كالتالي:
- سعال مستمر ينتج مخاطاً سميكاً
- صفير
- التهابات الرئة المتكررة
- التهاب الممرات الأنفية أو انسداد الأنف
- التهاب الجيوب الأنفية المتكرر
أما فيما يخص علامات وأعراض الجهاز الهضمي، فإن متلازمة التليف الكيسي، وبسبب المخاط السميك، قد يعاني المريض من انسداد الأنابيب التي تحمل الإنزيمات الهضمية من البنكرياس إلى الأمعاء الدقيقة.
إذ إنه بدون هذه الإنزيمات الهضمية، لن تتمكن الأمعاء من امتصاص العناصر الغذائية الموجودة في الطعام الذي تتناوله، مما يؤدي إلى:
- براز دهني كريه الرائحة.
- ضعف في زيادة الوزن والنمو.
- انسداد معوي، خاصة عند الأطفال حديثي الولادة.
- الإمساك المزمن أو الشديد، مما يؤدي إلى تدلي المستقيم من فتحة الشرج.
أسباب الإصابة بالتليف الكيسي
يعتبر السبب وراء الإصابة بمتلازمة التليف الكيسي هو طفرة الجين منظم التوصيل، وتغير في البروتين الذي ينظم حركة الملح داخل وخارج الخلايا، ما يؤدي إلى مخاط سميك ولزج في الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي والتناسلي، بالإضافة إلى زيادة الملح في العرق.
ويحتاج الطفل إلى وراثة نسخة واحدة من الجين من كلا الوالدين ليصبح مصاباً بالتليف الكيسي، وفي حال أصيب بنسخة واحدة من الجين يصبح بذلك حاملاً للمرض، وهناك احتمالية أن ينقله إلى أطفاله، حتى وإن لم يتعرض إلى أي أعراض.
ونظراً لأن التليف الكيسي هو اضطراب وراثي، فإنه من السهل أن ينتقل بين العائلات، ما يجعل التاريخ العائلي مع هذا المرض من بين عوامل الخطر التي تؤدي له.
ويعتبر هذا المرض منتشراً بشكل أكبر بالنسبة لسكان شمال أوروبا، مع العلم أنه يمكن أن يصيب جميع الأجناس الأخرى.
متى يجب رؤية الطبيب؟
يحتاج التليف الكيسي لمتابعة مستمرة ومنتظمة مع الطبيب، والتي يجب أن تتم كل ثلاثة أشهر على الأقل، مع زيارة الطبيب بشكل عاجل في حال تفاقم الأعراض أو ظهور أخرى جديدة، مثل زيادة المخاط أكثر من المعتاد، أو تغير لون المخاط، أو نقص الطاقة، أو فقدان الوزن، أو الإمساك الشديد، أو ألم الصدر الشديد، أو صعوبة في التنفس، أو إنتفاخ المعدة المصاحب للألم.
المضاعفات الصحية بسبب التليف الكيسي
هناك العديد من المضاعفات الصحية التي يسببها التليف الكيسي، والتي تسبب في تدهور حالة المصاب، وقد تؤدي إلى الوفاة المبكرة.
ومن بين هذه المضاعفات نجد كلاً من:
- تلف الممرات الهوائية، او توسع القصبات، الذي يؤدي إلى صعوبة تحريك الهواء داخل وخارج الرئتين وإزالة المخاط من أنابيب الشعب الهوائية.
- الالتهابات المزمنة، بسبب المخاط السميك في الرئتين والجيوب الأنفية التي تؤدي إلى تكاثر البكتيريا والفطريات التي يصعب علاجها.
- أورام الأنف أو الزوائد الأنفية، وذلك بسبب تورم والتهاب البطانة الموجودة داخل الأنف، والتي يمكن أن تتطور إلى نمو لحمي ناعم.
- سعال الدم بسبب توسع القصبات بجانب الأوعية الدموية في الرئتين، الشيء الذي يتطور إلى تلف مجرى الهواء والعدوى ليصل إلى سعال الدم.
- تسرب الهواء إلى الفراغ الذي يفصل الرئتين عن جدار الصدر، إذ ينهار جزء من الرئة أو كلها، مما يؤدي إلى ألم مفاجئ في الصدر وضيق في التنفس.
- توقف التنفس مع مرور الوقت، حيث يمكن أن يتلف التليف الكيسي أنسجة الرئة بشدة لدرجة أنها تتوقف عن العمل، وغالباً ما يحصل هذا الأمر بشكل تدريجي، إذ غالباً ما تكون نهاية هذا الأمر هي الوفاة لصعوبة التدخل الطبي.
- النوبات الحادة المتمثلة في السعال المصحوب بتراكم المخاط الذي يؤدي إلى صعوبة التنفس، ويتطلب هذا الأمر العلاج بالمضادات الحيوية، وقد تحتاج هذه الحالة أحياناً للعلاج في المستشفى.
- نقص غذائي بسبب سد المخاط السميك للأنابيب التي تنقل الإنزيمات الهضمية من البنكرياس إلى الأمعاء، وبدون هذه الإنزيمات لا يستطيع الجسم امتصاص البروتين أو الدهون أو الفيتامينات التي تذوب في الدهون، لذلك لا يصبح من الصعب الحصول على ما يكفي الجسم من العناصر الغذائية التي يحتاجها بشكل يومي.
- مرض السكري الذي يصاب به الجسم بسبب خلل في إنتاج البنكرياس، إذ إن حوالي 20٪ من المراهقين و40٪ إلى 50٪ من البالغين المصابين بالتليف الكيسي يصابون بمرض السكري.
- مرض الكبد بسبب انسداد الأنبوب الذي ينقل الصفراء من الكبد والمرارة إلى الأمعاء الدقيقة؛ ما يؤدي إلى التهاب، قد يؤدي إلى مشاكل في الكبد مثل اليرقان وتليف الكبد وأحياناً حصوات المرارة.
- انسداد معوي يمكن أن يصيب جميع مرضى التليف الكيسي في جميع الأعمار، إذ يمكن أن يحدث الانغلاف، وهي حالة ينزلق فيها جزء من الأمعاء داخل قسم مجاور من الأمعاء مثل التلسكوب القابل للطي.
- متلازمة الانسداد المعوي القاصي هو انسداد جزئي أو كامل، حيث تلتقي الأمعاء الدقيقة بالأمعاء الغليظة. يتطلب الأمر تدخلاً طبياً عاجلاً.
مضاعفات المتلازمة على الجهاز التناسلي
هناك بعض المضاعفات الصحية التي تصيب الجهاز التناسلي بالنسبة للأشخاص المصابين بمتلازمة التليف الكيسي، والتي تتمثل في:
- العقم عند الرجال، وهو الذي يصيب أغلب الرجال المصابين بهذه المتلازمة، وذلك بسبب انسداد الأنبوب الذي يربط الخصيتين وغدة البروستاتا بالمخاط، يمكن علاج هذه المشكلة من خلال الجراحة.
- انخفاض الخصوبة عند النساء، إلا أن هذا الأمر لا يمنع حصول عملية الحمل، بالرغم من أنه قد يؤدي إلى تفاقم الأعراض، لذلك من الضروري مراجعة الطبيب عند عملية الحمل.