سواء ارتبط ذلك بإبقائك مستيقظاً في الليل أو بمقاطعة يومك، أو بكليهما معاً، فلا شكّ أن التعامل مع السعال ليس بالأمر السهل؛ وقد يصبح الأمر أصعب في حال لم تختفِ الأعراض، وصرت تتعامل مع السعال المستمر.
أسباب السعال المستمر ليست كثيرة من الناحية الطبية؛ فهو غالباً ما يكون مرتبطاً، إما بعدوى حادة، أو بحالة صحية معيّنة أساسية. لذلك، دائماً ما يُنصح بمراجعة الطبيب في حالة السعال المستمر.
لا شك أن نزلات البرد، وأمراض الجهاز التنفسي عموماً، مزعجة للغاية. لكن قد تلاحظون أن السعال هو أحد الأعراض الذي غالباً ما يستمر، حتى بعد الشفاء من الرشح وسيلان الأنف.. لكن، هل تساءلتم عن سبب هذا السعال المستمر؟
أسباب السعال المستمر
بعيداً عن الحالات الصحية المعينة، لنتفق أولاً على أن أهم أسباب السعال المستمر -حتى بعد زوال أعراض نزلات البرد أو الإنفلونزا– هو الالتهاب المستمر الذي قد يأتي من مصادر مختلفة، ما يزيد من صعوبة علاجه.
قد يحدث الالتهاب نتيجة عدوى فيروسية أو بكتيرية تتسبّب في التهاب المجرى الهوائي والأنف. يؤدي هذا الالتهاب إلى تهيج الأغشية المخاطية في المجرى الهوائي والأنف، فينتج عنه السعال مع البلغم، المرتبط بنزلات البرد.
ووفقاً لمعاهد الصحة الوطنية الأمريكية (NIH)، فإن التهاب الأنف يؤدي بدوره إلى ما يُعرف بـ"التنقيط الأنفي الخلفي"، وهو المخاط الذي يرجع من الأنف إلى الحلق، ويسبّب السعال.
عندما تدخل الجزيئات (المسببة للعدوى) إلى مجرى الهواء، عبر الأنف أو الفم، فإنها تحفز مستقبلات عصبية في الرئتين. هذا التحفيز من شأنه أن يُخبر الدماغ أن هذه الجزيئات دخيلة، فيتراكم الضغط في الحجاب الحاجز، وينطلق الهواء بالقوة إلى الخارج مصحوباً بالجزيئات والبلغم.
بالإضافة إلى التهاب الأنف، فإن من أسباب السعال المستمر (بعد نزلات البرد) أن التهاب المجرى الهوائي ليس سهلاً، وقد يستغرق بضعة أسابيع قبل أن يهدأ. وأحياناً، قد تمتد هذه الفترة إذا كان الشخص قد أُصيب بالتهاباتٍ سابقة في الرئة، أو كان مدخناً.
ووفقاً لموقع Very Well Health، فإن الخلايا البلعمية الكبيرة (Macrophages) والخلايا الحبيبية المتعادلة (Neutrophils) تساعد على مكافحة العدوى في مجرى الهواء، عندما يمرض الشخص.
تتسم هذه الخلايا بكونها خلايا التهابية، وقد تبقى أحياناً في مجرى الهواء بعد الشفاء من نزلة البرد أحياناً، فتُبقيه ملتهباً.. وهذا سببٌ آخر من أسباب السعال المستمر، حتى بعد زوال أعراض العدوى الأخرى.
في الوقت نفسه، قد تكون أنسجة مجرى الهواء شديدة الحساسية للجزيئات المسببة للعدوى، التي تدخل عبر الأنف أو الفم. فهناك نظام معقد من الأعصاب والعضلات في مجرى الهواء، والحلق، والدماغ، وهو الذي يتحكم في السعال.
الأمر يشبه ردة الفعل الانعكاسية الطبيعية حين تضرب ركبتك بيدك، فتتحرك ساقك إلى الأمام تلقائياً. قد تتواجد في المجرى الهوائي أنواع مماثلة من ردات الفعل. وبشكلٍ مبسط أكثر، فإن البلغم والفيروسات هي اليد في هذه الحالة، والسعال هو الساق.
وبمجرد أن يهدأ الالتهاب، يصبح رد الفعل التلقائي أقلّ حساسية، ومن المفترض حينذاك اختفاء السعال.
علاج السعال المستمر
يُعدّ دواء السعال، الذي لا يستلزم وصفة طبية، خطوة أولى جيدة في طريق البحث عن الراحة.. لكن في حال السعال المستمر، فمن الضروري استشارة طبيب، خصوصاً إذا لازمك لأكثر من شهر.
بالنسبة إلى السعال المستمر الذي يمتد إلى 3 أو 4 أسابيع بعد المرض، فهناك بعض السلوكيات والعلاجات المنزلية التي قد تساعد في تقصير فترة استمرار السعال، أو على الأقلّ تخفيف حدّته.
ووفقاً لموقع كلية الطب في جامعة هارفارد (Health.Harvard.edu)، إذا كان التنقيط الأنفي الخلفي مصحوباً بسعال، فإن استخدام محلول ملحي للأنف قد يساعد في تقليل الالتهاب المساهم في التنقيط. وهذا المحلول متاح في جميع الصيدليات ويُباع غالباً من دون وصفةٍ طبية.
وقد أظهرت بعض الأبحاث الحديثة أن المحلول الملحي، إذا أُضيف إليه العسل، يمكنهما أن يساعدا في تهدئة السعال المستمر بعد نزلة البرد. ومع ذلك، هناك حاجة إلى مزيدٍ من الدراسات لتأكيد فاعلية المنتجات الطبيعية، لكن تجريب الخلطة لن يكون ضاراً بكل الأحوال.
كذلك، فإن أقراص ترطيب الحلق -على أنواعها- يمكنها المساعدة في تهدئة الحنجرة، وتخفيف حدة السعال. لكن في حال بقي البلغم في الممرات الهوائية، فقد يؤذي أنسجة المجرى الهوائي الرقيقة، أو الرئتين، أو حتى يعيق التنفس.
يوصي موقع Live Science الأمريكي بممارسة الرياضة، لتحفيز التنفس العميق وتخفيف السعال مع البلغم، أو تناول طارد للبلغم؛ ما قد يساعد في القضاء على تلك المهيجات الالتهابية نهائياً.
ومع ذلك، يجب استشارة الطبيب إذا استمر السعال لأكثر من شهرٍ وكان مصحوباً بأعراضٍ أخرى، مثل: الحمى، وضيق التنفس، أو البلغم الأخضر والأصفر. فقد يرغب الطبيب في إجراء أشعة سينية على الصدر، أو اختبار وظائف الرئة، للتحقق من احتمالية الإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن مثلاً أو الربو، أو أي أمراض أخرى.
وبعيداً عن السعال المستمر بعد نزلات البرد، فقد يكون هذا السعال إشارة على إصابتك بأمراضٍ خطرة، خصوصاً إذا لازمك لأكثر من شهر. وإضافةً إلى المحفزات البيئية، مثل التعرض المتكرر للغبار أو الدخان، تشمل أسباب السعال المستمر ما يلي:
- الإصابة بالربو
- التهاب الشعب الهوائية المزمن
- انتفاخ الرئة
- ارتجاع المريء (GERD)
- السكتة القلبية
- التدخين أو استخدام السيجارة الإلكترونية (سعال المدخن)
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تسبب بعض الأدوية السعال المستمر، مثل مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين، التي تساعد في خفض ضغط الدم.
لذلك يجب أن تستشير طبيباً، إذا كنت تعاني من سعالٍ يستمر لأكثر من ثمانية أسابيع، فهو الذي يمكنه تقييم أعراضك والعمل على تحديد علاج السعال المستمر، بعد معرفة أسبابه.