قد يظن البعض أنه من غير الضار أن تجلس على مقعد مكتبك بشكل مريح وترخي ظهرك أثناء تصفّح البريد أو رسائلك النصية، كما قد لا ينتبه كثيرون إلى انحناء أعناقهم أثناء استخدام الهاتف في متابعة واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي على مدار اليوم، لكن الحقيقة أن العديد من تلك العادات اليومية البسيطة التي نمارسها من دون وعي تلعب دوراً كبيراً ومؤثراً في معاناة جسمك من الآلام المزمنة، خاصة ألم الظهر والعنق.
يوضح أخصائيو العلاج الطبيعي أن هناك العديد من وضعيات الجسم اليومية التي يمكن أن تكون السبب في معاناة الشخص من آلام الظهر المؤلمة، بل حتى قد تسبب مشاكل صحية خطيرة على المدى الطويل.
تطور مشكلة ألم الظهر المزمن
تتباين آلام الظهر وتتراوح بين وجع دائم خفيف، لألم حاد أو شعور بالطعن، أو إحساس بالوخز أو الحرقان. إذا كنت تعاني من آلام الظهر المزمنة، فقد تشعر وكأنك في حالة من عدم الراحة المستمرة أو أنك تنتظر عودة الألم عند بذل أقل جهد. وربما تتساءل بالضبط: كيف وصل بك الأمر إلى هذه الحال؟
في الحقيقة، تحدث معظم نوبات الألم المزمن للظهر نتيجة لعادات أساسية ونمط معين يتبعه الشخص بشكل خاطئ في نمط حياته المعتاد يومياً. بالتأكيد، يمكن أن تؤدي الحوادث والحركات غير الملائمة إلى المعاناة من ألم الظهر، لكن هذه الأحداث العابرة ليست السبب الأساسي عادةً.
لذا من الضروري تحديد وفهم الأسباب الكامنة وراء آلام الظهر المزمنة لمعرفة كيف يمكنك الحصول على راحة دائمة.
أعراض ألم الظهر المزمن
عادة ما تظهر أعراض آلام الظهر المزمنة تدريجياً وتستمر لفترة طويلة، وتمتد لأكثر من 6 أسابيع متواصلة. وهي -كما أسلفنا- لا تنتج عن حدث أو إصابة معينة، ولا تختفي من تلقاء نفسها دون علاج طبي.
ولأن الألم المزمن طويل الأمد، فإنه غالباً ما يجعل المصاب يتجنب النشاط البدني أو يعوضه بطرق أخرى، مما قد يجعل الألم أسوأ على المدى الطويل.
تأثير الجلسة غير السليمة وحركة الجسم الخطأ على الظهر
يمكن أن تؤدي العادات السيئة إلى إجهاد العمود الفقري وإجهاد الأنسجة الرخوة المحيطة به. وبمرور الوقت، يمكن لهذا الضغط المتكرر أن يضعف وحتى يكسر المكونات الهيكلية للعمود الفقري. ويشمل ذلك وضعية الجسم عند الجلوس والوقوف، أو ميكانيكا الجسم عند كل حركة تقوم بها، كما يمكن أن يكون لبيئة وظروف العمل تأثير كبير.
إذا كانت وظيفتك مثلاً تتطلب رفعاً منتظماً أو حركة متكررة أو الجلوس لساعات طويلة، فقد يكون كل هذا سبباً أساسياً لمعاناتك من ألم الظهر المزمن.
ويُعد الجلوس على مكتب لفترات طويلة دون تمديد الجسم وترخيته بشكل دوري، يمكن أن يتسبب ذلك في شد عضلات الفخذ. وبمرور الوقت، يمكن أن يؤدي ذلك إلى ضعف الوركين وأوتار الركبة، مما يؤدي إلى آلام أسفل الظهر.
ولتحديد ما تعاني منه بالضبط لكي تتمكن من تعديله والتعافي من المشكلة، يوضح خبراء العلاج الطبيعي واللياقة العادات اليومية الأكثر تأثيراً في مشاكل ألم الظهر والأكثر شيوعاً بين الناس كالتالي:
ثني الظهر عند الجلوس على المكتب
يمكن للوظائف المكتبية أن تجعل من الصعب الحفاظ على وضع جسم جيد. فعند الشعور بالتعب من العمل، يتدلى الجسم على الكرسي وتنحني الأكتاف فوق الشاشة ولوحة المفاتيح.
الجلوس بهذا الشكل المقوس لساعات طويلة يزيد الوضع سوءاً، ولا يوفر الدعم لصحة الرقبة والعمود الفقري.
لعلاج هذا يجب استهداف الجلوس مع وضع الأذنين في مستوى الكتف والفخذ في خط مستقيم مع إرخاء المنكبين. كما يجدر إبقاء القدمين مسطحتين على الأرض ووضع الشاشة أمام الوجه مباشرة على مستوى العين.
علاوة على ذلك، من الضروري أخذ فترات راحة منتظمة للتمدد والحركة.
الانحناء للأمام عند تصفح الهاتف
يُعد الانحناء فوق الهاتف مع إمالة الرأس للأمام من أكبر الأسباب في عصرنا الحديث التي تزيد من حمل الوزن على الرقبة بشكل كبير وتسبب ألم الظهر والعنق بشكل مزمن.
لذا عند فحص الهاتف، يجب أولاً عدم استهلاك ساعات طويلة في تصفحه لحماية العين والعقل من الإجهاد، وثانياً من الضروري تجنب النظر في الهاتف عند السير لكي لا يحدث انحناء في الجسم بدون انتباه.
بدلاً من ذلك، يُنصح بالجلوس بشكل مريح والنظر إلى الشاشة مع رفع الهاتف إلى مستوى العين.
الاستلقاء الخاطئ على الأريكة
بعد يوم حافل من العمل، يستلقي الملايين حول العالم على أريكتهم أمام التلفاز للحصول على قسط من الراحة. لكن غالباً ما تكون تلك الوضعيات المزعومة لـ"الراحة" مؤلمة ومتعبة للغاية على المدى الطويل، وتضغط الظهر والعمود الفقري بسبب ثنيهما في وضعيات غير طبيعية.
ويُعد أفضل وضع للاستلقاء والاسترخاء هو دعم الظهر جيداً من خلال وسادة قوية خلف العمود الفقري. كذلك يمكن تجربة وضع وسادة بين الساقين (إذا كنت تنام على جانبك) أو تحت ركبتيك (إذا كنت مستلقياً على ظهرك).
طريقة التعامل المثلى مع مشاكل الظهر
يساعد تمديد الظهر وتقويته على إرخاء العضلات المشدودة، وزيادة الحركة ودعم العمود الفقري القطني، بينما تحافظ التمارين على مرونة العمود الفقري وتحريك العضلات.
ويُعد الحفاظ على وضعية جسم جيدة خلال اليوم أمراً أساسياً لصحة الظهر والعمود الفقري والعنق، مما يضمن عدم تراكم الضغط والتوتر في الفقرات.
ومن الضروري كذلك إيجاد وضعيات النوم الأمثل بالنسبة لك، والحصول على فراش صحي ومريح يدعم العمود الفقري، وذلك لتجنب أي تداعيات طويلة المدى بسبب النوم لساعات طويلة في وضعيات مؤذية للعظام والعضلات.