في السنوات القليلة الماضية، بدأت بعض الشركات في العالم بتصنيع مشروبات غازية حديثة مختلفة، سماها البعض بـ"صودا البروبيوتيك" ،لأنها تحتوي على "البروبيوتيك" و"البريبيوتك"، ولها العديد من النكهات بدءاً من الرمان وصولاً إلى الزنجبيل والبصل.
في حين يُزعم أن هذا النوع من المشروبات الغازية الذي اكتسب مؤخراً شهرة كبيرة بفضل بعض الفيديوهات على "تيك توك"، يحتوي على نسبة سكر أقل من المشروبات الغازية التقليدية، إضافة إلى أنَّه مصنوع من مكونات يُعتقد أنَّها تعزز صحة الأمعاء.
مشروب صودا البروبيوتيك والبريبيوتك
وفقاً لأخصائية التغذية وخبيرة صحة الأمعاء ماريليا شامون، فإنّ صانعي هذه المشروبات الغازية وجدوا طريقة ذكية لإضافة الألياف الغذائية (البريبيوتك) والميكروبات (البروبيوتيك) المفيدة للصحة، داخل عبوات المشروبات الأكثر شعبية في العالم.
وعلى الرغم من فوائد البروبيوتيك والبريبيوتك للصحة بشكل عام، فإنّ ماريليا شامون أبدت عدم اقتناعها التام بما يُروَّج عن تلك المشروبات، قائلة لموقع Healthline الأمريكي: "أنا شخصياً لا أرى فائدة كبيرة لها، باستثناء زيادة حصتك الغذائية من الألياف".
وأضافت: "إذا كنت تتبع نظاماً غذائياً غربياً يعتمد في الغالب على السكريات المكررة والكربوهيدرات وتناول كمية كبيرة من البروتين الحيواني والدهون المشبعة مع قليل من الفاكهة والخضراوات والحبوب الكاملة، فقد تساهم المشروبات الغازية التي تحتوي على البريبيوتك في منحك كمية الألياف الغذائية اليومية الموصى بها".
وتابعت: "ومع ذلك، من الأفضل أن يركز الأفراد على تحسين أنماطهم الغذائية بدلاً من الاعتماد على مشروبات البريبيوتيك لدعم أهدافهم الصحية".
بينما ترى ماريليا أنَّ تلك المشروبات الغازية قد تكون وسيلة مريحة وممتعة لإدراج الألياف الغذائية في الروتين اليومي للفرد، كما تعتقد أنَّه لا ينبغي لهذا النوع من المشروبات أن يحل محل نظام غذائي غني بالأطعمة الكاملة.
من جهته يقول الطبيب وأستاذ التغذية المساعد بجامعة سانت لويس، ويتني لينسنماير، إنّ فكرة إضافة الكربوهيدرات إلى علبة الكولا الخاصة بك لم تكن معروفة في عالم الصحة، ولكن المزيد والمزيد من الأبحاث، مثل دراسة نشرت بمجلة Current Developments in Nutrition في مارس/آذار 2018، وجدت أن نوع الكربوهيدرات المعروف باسم البريبايوتكس قد يلعب دوراً أساسياً في صحة الأمعاء.
وأضاف: "نظراً إلى أن الألياف تقنياً هي الجزء غير القابل للهضم من النباتات، فلا يتم تفكيكها بواسطة أجسامنا بالطريقة المعتادة بواسطة الإنزيمات الهاضمة، وهنا يأتي دور البكتيريا الموجودة في أمعائنا، والمعروفة باسم البروبيوتيك، من أجل تفكيك الألياف إلى جزيئات تعرف باسم الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة".
في دراسة نشرت في مارس/آذار 2020 بمجلة Nutrients، اقترح العلماء أنه إذا قمت بإطعام بكتيريا البروبيوتيك، فسوف تزدهر، وبالتالي تحسن وظيفة التمثيل الغذائي لديك، وتخفض مستويات الكوليسترول لديك، وتحافظ على التحكم في نسبة الجلوكوز في الدم.
يحصل معظم الناس على البريبايوتكس في الأطعمة التي يأكلونها كل يوم، وتحديداً من الخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة والبذور.
للاستفادة من هذا الوعي الجديد بالبريبايوتكس، يقوم صانعو المشروبات باستخراج الألياف (الإينولين هو مادة شائعة) من مصادر الغذاء وإضافتها إلى المشروبات المعبأة مثل الصودا.
من المحتمل أن تكون مشروعاً مربحاً، حيث يقدر أحد تقارير الصناعة أن سوق البريبايوتكس سيتضاعف تقريباً، من 4.95 مليار دولار في عام 2020 إلى 9.5 مليار دولار في عام 2027.
ما الفرق بين البروبيوتيك والبريبيوتيك؟
ببساطة، البروبيوتيك هي كائنات حية دقيقة، عادةً بكتيريا، تعيش في أمعائنا للحفاظ عليها متوازنة وصحية.
البريبيوتيك هي نوع من ألياف لا يستطيع الجسم هضمها وتعمل بمثابة غذاء للبروبيوتيك حتى تساعدها على النمو والازدهار في أمعائنا.
تعمل البروبيوتيك والبريبيوتيك معاً للحفاظ على صحة جهازنا الهضمي وتوازنه. إذن، هل هناك أي فوائد للحصول عليهما من مشروب غازي؟
فوائد مشروبات البروبيوتيك والبريبيوتيكس مقابل أضرارها!
في حين أن الفوائد الصحية للمشروبات الغازية التي تحتوي على البريبايوتك وغيرها من المشروبات غير واضحة وغير مؤكدة من قبل إدارة الغذاء والدواء، فإن مكوناتها الأخرى تخضع لقواعد أكثر صرامة، مما يجعلها خياراً أقل خطورة من مكملات البريبايوتك، لأي شخص يريد تجربتها.
البريبايوتكس في المشروبات جيدة التحمل بشكل عام وتتسبب في قليل من الآثار الجانبية الضارة لمعظم الناس، لكن الأشخاص المصابين بالقولون العصبي يجب عليهم استشارة الطبيب قبل شرب هذه المشروبات، إذ من الممكن حدوث انزعاج خفيف في الجهاز الهضمي، مثل الغازات والانتفاخ.
في المقابل يرى موقع Everyday Health الطبي أنّ مشروبات البريبايوتيك لن تحل أبداً محل النظام الغذائي المتوازن الغني بالخضرلوات والفواكه والحبوب الكاملة، ولكن يمكن أن تكون إضافة جيدة إلى إجمالي استهلاكك للمشروبات عندما تبحث عن شيء آخر غير الماء.
في حين يوصي الموقع الطبي بأنك إذا أردت شرب صودا البريبايوتيك فابحث عن علامة تجارية لا تحتوي على أكثر من 5 غرامات من السكر لكل عبوة صغيرة، لكن لا تعتمد على مشروبات البريبايوتك لدعم صحة أمعائك، لأنها ليست بديلاً عن الأطعمة الكاملة الغنية بالبريبايوتك.
أفضل خيار لك هو محاولة دمج مزيد من تلك الأطعمة- الثوم والبصل والموز والشوفان والتفاح- في نظامك الغذائي قدر الإمكان.
في حين يرى موقع Medindia الطبي الهندي، أنّ شرب هذه المشروبات له فوائد صحية ومخاطر محتملة، فمن ناحية الفوائد يُعتقد أنّ صودا البريبايوتك تعزز وظيفة الهضم والمناعة من خلال تحفيز تخليق الأجسام المضادة، كما قد يكون لها آثار مفيدة على الحالة المزاجية والصحة العقلية من خلال تعزيز إنتاج الناقلات العصبية مثل السيروتونين.
أما من ناحية المخاطر، فإنها قد تكون سبباً مباشراً في التسبب بالانتفاخ والغازات؛ لكون ألياف البريبايوتك المستخدمة في هذه الأنواع من المشروبات الغازية هي عادة الإنولين.
علاوة على ذلك، تحتوي بعض هذه المشروبات الغازية على نسبة عالية من السكر، مما قد يساهم في الإصابة بأمراض القلب وبعض الأورام الخبيثة ومرض السكري من النوع 2 والسمنة.
أطعمة غنية بالبروبيوتيك
في حين أن هناك العديد من الأطعمة الطبيعية التي تحتوي على البكتيريا النافعة (البروبيوتيك)، وأهمها وفقاً لما ذكره موقع WebTEB:
- الزبادي
- الكفير
- مخلل الملفوف
- مخلل الخيار
- الثوم
- الموز الأخضر
طرق تستطيع من خلالها تحسين صحة أمعائك
فيما يلي، بعض القواعد حول كيفية التمتع بأمعاء صحية والحفاظ عليها:
تناول 30 نوعاً مختلفاً من النباتات في الأسبوع
تقول أخصائية التغذية كريستين جاكسون: "إن كثيراً من نصائح النظام الغذائي تركز على التقييد؛ تقليل السعرات الحرارية والدهون، ولكن من أجل صحة القناة الهضمية، فكِّر في الإضافات إلى نظامك الغذائي، خاصةً النباتات".
وأضافت وفقاً لما ذكرته لصحيفة The Guardian البريطانية: "يجب أن نهدف إلى تناول ما لا يقل عن 30 نباتاً مختلفاً في الأسبوع -حتى القهوة تعتبر واحدة من هذه النباتات، وكذلك التوابل والحبوب أيضاً- لذلك لا تلتزم فقط بالخبز والمعكرونة (المصنوعة من القمح) طوال الأسبوع، بل أضف أنواعاً أخرى مثل الشعير والأرز والكينوا".
اختر الأطعمة المليئة بالبوليفينولات القوية
البوليفينولات عبارة عن مغذيات دقيقة موجودة في العديد من الأطعمة والمشروبات النباتية، لها خصائص مضادة للأكسدة، لذلك قد تلعب دوراً في منع العديد من الأمراض الشائعة المرتبطة بالإجهاد التأكسدي.
البوليفينول هو أكثر مضادات الأكسدة وفرة في جسم الإنسان، وتأتي من الأطعمة النباتية، تم التعرف على مئات من مادة البوليفينول في الأطعمة. هناك نوعان رئيسيان: الفلافونويد والأحماض الفينولية، والتي يُنصح بتناولها في النظام الغذائي بنحو غرام واحد في اليوم.
احصل على ما يكفي من الألياف
وفقاً لماريا آدمز، وهي أستاذ التغذية المساعد بكلية Endicott في بيفرلي، ماساتشوستس الأمريكية، فإنّ تناول نظام غذائي غني بالألياف وغني بالحبوب الكاملة والخضراوات والفواكه والبقوليات يمكن أن يحسن الجهاز الهضمي.
وتقول آدامز، وفقاً لما ذكره موقع Everyday Health الطبي: "يساعد النظام الغذائي الغني بالألياف في الحفاظ على حركة الطعام عبر الجهاز الهضمي، مما يجعلك أقل عرضة للإصابة بالإمساك".
الحد من الأطعمة الغنية بالدهون
بشكل عام، تميل الأطعمة الدهنية إلى إبطاء عملية الهضم، مما يجعلك أكثر عرضة للإمساك.
ولكن نظراً إلى أن من المهم الحصول على بعض الدهون الصحية في نظامك الغذائي، يوصي الأطباء بمزج الأطعمة الدهنية مع الأطعمة الغنية بالألياف؛ لمساعدة الأشياء على التحرك بشكل أكثر سلاسة.
تحرَّك طوال اليوم بقدر استطاعتك
تحرك بقدر ما تستطيع طوال اليوم، لن يكون القيام بتمارين مكثفة لمدة ساعة ثم الجلوس على مكتب لبقية اليوم مفيداً لعملية الهضم.
أشياء بسيطة مثل الخروج أثناء استراحة الغداء ومحاولة المشي لمدة 20 دقيقة، يمكن أن تساعد حقاً.
نحن نعلم أن الحركة في الخارج بشكل خاص ستساعد الميكروبيوم أيضاً، لأنك تتلامس مع مزيد من الميكروبات، يمكن أن يساعدك التحرك على تقليل الشعور بالانتفاخ.
خلاصة القول، لا يزال الخبراء متشككين بشأن فائدة مشروبات صودا البروبيوتيك والبريبيوتك لكلٍّ من صحة أمعائك وصحتك العامة.
قد تساعدك تلك المشروبات في تناول الكمية اليومية الموصى بها من الألياف، لكن لا ينبغي أن تحل محل الأطعمة والمشروبات الغنية بالمغذيات.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.