أسباب قرقرة البطن ليست كثيرة؛ وفي الواقع فإن أصوات البطن لا تُعتبر ظاهرة استثنائية أبداً، بل إنها أمرٌ طبيعي ويُمكن لأي شخص أن يختبرها خلال جميع مراحل حياته، وهي معروفة علمياً باسم Borborygmi.
لا بدّ أن جميعنا مرّ بتلك اللحظة: أنتَ جالس في مكانٍ عام صامت تماماً، وفجأة تقرر معدتك أن تتذمر بصوتٍ عال، فتبتسم محاولاً إخفاء حرجك، أو تسأل نفسك "هل أنا جائع"؟ هذا تحديداً ما يُطلق عليه اسم قرقرة البطن.
وفي الحقيقة، فإن جسم الإنسان مدهش. تخيّل أنه يُصدر أصواتاً مختلفة أثناء عمل أعضائه الداخلية جاهدة للحفاظ على صحتك. ونحن هنا نتحدث عن الأصوات المسموعة، مثل طقطقة المفاصل أو قرقرة البطن، وغيرها.
وبالحديث عن أصوات البطن، هل تساءلتَ يوماً: ما هي أسباب قرقرة البطن؟ أو ما الذي يحدث بالضبط حتى نسمع قرقرة البطن في الأساس؟ ما الذي يحاول جسمنا أن يخبرنا به؟
أسباب قرقرة البطن بعد الأكل
أصوات البطن التي نسمعها مصدرها المعدة بالفعل، لكنها قد تأتي أحياناً من الأمعاء الدقيقة على طول القناة الهضمية، لذلك سيفيدنا أن نبدأ بإلقاء نظرةٍ فاحصة على الطريقة التي يعمل بها الجهاز الهضمي.
جهازنا الهضمي عبارة عن أنبوبٍ طويل، يبدأ من الفم وينتهي عند فتحة الشرج، يربط بين مختلف الأعضاء والمسارات التي تلعب أدواراً مهمة في الهضم. لكن من أهم المعلومات التي يجب معرفتها عن الجهاز الهضمي هو الطريقة التي يدفع بها الطعام.
هذه الطريقة هي التي تفسّر أسباب قرقرة البطن بعد الأكل. وما يحصل في الحقيقة أن موجات من الانقباضات العضلية تدفع محتويات الطعام إلى أسفل الأمعاء الدقيقة، في عمليةٍ تُسمّى "التمعج".
وهذه الانقباضات تساعد على خلط الطعام والسوائل وعصائر الجهاز الهضمي ببعضها، قبل أن تتحول إلى مزيجٍ لزج يُعرف باسم الـ"كيموس". وأصوات البطن، أو قرقرة البطن، التي نسمعها ناتجة عن تحرك هذه المكونات الصلبة والسائلة مع الغازات والهواء.
أسباب أصوات البطن عند الجوع
قرقرة البطن بعد الأكل ليست الحالة الوحيدة التي نسمع فيها أصواتاً، ولكن هذه الأصوات تكون أقلّ وضوحاً حين يوجد طعامٌ في معدتك أو أمعائك الدقيقة، وفقاً لموقع Healthline الصحي.
لذلك حين يكون صوت قرقرة البطن أعلى من أي وقت، فاعلم أن معدتك تخبرك أنها تحتاج إلى الأكل. فهل الانقباضات العضلية، التي تهضم الطعام، هي السبب في هذه الحالة أيضاً؟
نوعاً ما؛ فحين تكون معدتك فارغة، يفرز دماغك هرموناً محفزاً للشهية يُسمّى الـ"جريلين"، المعروف أيضاً بـ"هرمون الجوع". يُرسل الجريلين إشارات إلى عضلات الجهاز الهضمي، فتبدأ عملية التمعج من جديد.
وهنا تحدث الأصوات مرة أخرى، لكن ما هي أسباب قرقرة البطن هنا؟
هما سببان في الواقع: الأول أن هذه الانقباضات "تكتسح" أي بقايا طعام قد تكون فاتتها في المرة الأولى. والسبب الثاني من أسباب قرقرة البطن أن هذه الأصوات هي إشعارٌ بالجوع، ستأتي وتذهب كل ساعة تقريباً، إلى أن تأكل مرّة أخرى.
ولكن عليك أن تكون حذراً؛ ففي بعض الحالات، قد تُشير قرقرة البطن إلى اضطراب المعدة، خصوصاً حين تغيب أصوات البطن ويحلّ مكانها التقلصات، أو الغثيان، أو القيء، أو الإمساك.
هل يمكن السيطرة على قرقرة البطن؟
النصيحتان الوحيدتان اللتان يمكن من خلالهما السيطرة على أصوات البطن هي التقليل من الأطعمة التي تسبّب الغازات أولاً، إلى جانب تناول وجباتٍ صغيرة كثيرة خلال النهار، بدلاً من وجباتٍ كبيرة قليلة.
عندها فقط، لن تسنح الفرصة لجهازك الهضمي بتكوين قرقرة البطن -أو قرقرة التمعج- لو أن أمعاءك تحوي طعاماً خفيفاً. لكن احذر غياب قرقرة البطن نهائياً، فهذه نقطة مهمة عليك الانتباه إليها.
من المهم أن ندرك أولاً أن أصوات البطن أمرٌ طبيعي تماماً، لأن هذا يعني ببساطة أن الأمعاء تعمل؛ لذا لا داعي للقلق بشأن ذلك، ما لم تزعجك الأعراض المصاحبة للأصوات، مثل الألم أو الانتفاخ.
ووفقاً لموقع Very Well Health، عندما تغيب قرقرة البطن تماماً من الجهاز الهضمي، يُطلق على تلك الحالة "غياب أصوات الأمعاء"؛ وهي في الواقع مثيرة للقلق؛ لأنها تعني أن المعدة لا تعمل كما ينبغي، وقد تُشير لوجود مشكلةٍ في الجهاز الهضمي.
لذلك ينبغي زيارة الطبيب، الذي قد يطلب منك إجراء اختبارات لتحديد ما إذا كان هناك خطب ما، أم لا. وهذا هو الحال بشكلٍ خاص لو شعرتَ بأعراضٍ أخرى، مثل ألم في البطن أو نزيف من المستقيم.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.