تتنازع الدول على نسبة البطاطا المقلية إلى مطبخها، فالفرنسيون يدّعون أنهم أصحاب هذا الاكتشاف، مع العلم أن البطاطا كانت محظورة في فرنسا، لأنه كان يُعتقد أنها تسبّب العديد من الأمراض مثل الجذام.
أما البلجيكيون فينفون رواية الفرنسيين، ويدّعون أنهم أول من قدَّم البطاطا المقلية على موائدهم، وللألمان كذلك قصة تاريخية شهيرة، تشير إلى أنهم عرفوا هذا الطبق في وقت مبكر.
مهما كان أصل البطاطا المقلية وفصلها فهي من دون شك الأشهى لدى عدد كبير منا، وحاضرة بقوة في نظامنا الغذائي اليومي، رغم معرفتنا بآثارها السلبية على الوزن وصحة الجسم بشكلٍ عام.
لكن هل تعلمون أن البطاطا المقلية قد يكون لها تأثيرٌ سلبي على صحتنا النفسية أيضاً؟
البطاطا المقلية مرتبطة بالقلق والاكتئاب
وجد فريقٌ بحثي في مدينة "هانغتشو" الصينية، أن الاستهلاك المتكرر للأطعمة المقلية، لاسيما البطاطا المقلية، مرتبط بزيادة خطر الإصابة باضطرابات القلق بنسبة 12%، والاكتئاب بنسبة 7%، مقارنةً بالأشخاص الذين لم يتناولوا هذه الأطعمة.
ووفقاً للورقة البحثية، التي نُشرت في 24 أبريل/نيسان 2023، ضمن دورية "وقائع الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم (PNAS)"، فإن النتائج تؤكد على "أهمية الحدّ من استهلاك الأطعمة المقلية للحفاظ على الصحة النفسية".
قد يؤدي الطعام غير الصحي، والتغذية السيئة، إلى التأثير سلباً على الحالة المزاجية للفرد، حسبما أفادت دراسة سابقة أُشير إليها في سياق الدراسة الصينية الجديدة.
واللافت أن الدراسة الحالية قيّمت 140 ألفاً و728 شخصاً على مدى 11 عاماً، وقد عثر الباحثون على أكثر من 8 آلاف حالة إصابة بالقلق و12,735 حالة إصابة بالاكتئاب وسط المشاركين الذين تناولوا الأطعمة المقلية، بعد استبعاد مَن ثَبتت إصابتهم بالاكتئاب خلال العامين الأولين.
وجد الباحثون أيضاً أن البطاطا المقلية تحديداً أسهمت في زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب، بنسبة 2% أكثر من اللحوم البيضاء المقلية، وتبيّن أن المشاركين الذين استهلكوا البطاطا المقلية بانتظام كانوا من فئة الشباب.
الأمر نفسه ينطبق على أسماك الدانيو المخططة
تعتبر البطاطا المقلية أحد الأطعمة النشوية المثيرة للقلق، جراء تأثيراتها المحتملة في الحالة المزاجية، لأنَّها تسبب ارتفاعات كبيرة في نسبة السكر في الدم، وما ينجم عن ذلك من استجابات هرمونية.
ويشير الباحثون في الدراسة الجديدة إلى أن المادة المسؤولة عن ارتفاع خطر الإصابة بالقلق والاكتئاب هي "الأكريلاميد" (Acrylamide)، وهي مادة كيميائية تتشكّل في الأطعمة بعد طهيها بدرجاتٍ حرارة عالية، مثل القلي أو التحميص.
في دراسةٍ منفصلة أشير إليها في الدراسة الجديدة، واصل الباحثون تعريض أسماك الدانيو المخططة إلى مادة "الأكريلاميد"، فوجدوا أن التعرّض طويل الأمد لها دفع بالأسماك للعيش في مناطق مظلمة داخل الحوض، وهي علامة تُشير إلى ارتفاع مستوى القلق لدى الأسماك.
أظهرت أسماك الدانيو المخططة أيضاً قدرة منخفضة على استكشاف ما حولها، والتواصل الاجتماعي مع بقية الأسماك داخل الحوض، حيث لم تسبح بالقرب من أسماك الدانيو المخططة الأخرى، رغم أن الدانيو معروفة بتشكيل مجموعات مع نفس نوعها.
ويُرجح أن اختيار سمك الدانيو المخطط نابع من أن استجاباته السلوكية للقلق ثابتة ومتسقة، ما يوفر مصدراً للبيانات البيولوجية والسلوكية.
في رسالةٍ إلى شبكة CNN الأمريكية، أشار يو تشانغ (أحد الباحثين في الدراسة الحالية)، إلى أنه لا داعي للهلع بشأن التأثيرات السلبية للأطعمة المقلية، لكنه قال في الوقت نفسه: "تقليل استهلاك الأطعمة المقلية، لا سيما البطاطا، قد يكون مفيداً للصحة النفسية والصحة العامة".
شهد عام 2020 زيادةً في حالات الإصابة باضطرابات القلق والاكتئاب بنسبة 27.6% و25.6% على التوالي، في جميع أنحاء العالم. وهذا ما أشارت إليه الدراسة الحديثة، من خلال تقديرات منظمة الصحة العالمية الأخيرة، حول أن أكثر من 5% من البالغين يعانون من الاكتئاب على مستوى العالم.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.