من الطبيعي الشعور بضيق التنفس أثناء الحمل، ولا يرجع هذا العرض فقط للإحساس العارم بالحماسة أنكِ على وشك الحصول على مولود جديد.
في حقيقة الأمر، يُعد ضيق التنفس أمراً شائعاً أثناء الحمل، حيث يتوسع الرحم لأعلى ويتكيف الجسم مع التغيرات الهرمونية الشديدة التي تمر به للتهيئة للرحلة المقبلة.
ومع ذلك، في بعض الحالات النادرة، قد تشير صعوبات التنفس إلى مضاعفات خطيرة، مثل الالتهاب الرئوي أو جلطات الدم، أو حتى مشاكل القلب أو السرطان.
في هذا التقرير نستعرض أسباب ضيق التنفس أثناء الحمل، ومتى يشير الأمر إلى مشكلة صحية تستلزم الحصول على رعاية صحية متخصصة.
أسباب ضيق التنفس أثناء الحمل
في بداية الحمل، يحدث ضيق التنفس عادةً بسبب زيادة مستويات هرمون البروجسترون في الجسم. وتظهر الأبحاث العلمية، بحسب مجلة Parents للأمومة والطفولة، أن ما بين 60% إلى 70% من الحوامل يعانين من هذا العرض.
ففي الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، قد تشعر المرأة الحامل فجأة بصعوبة التنفس؛ تزامناً مع تكيُّف جسمها مع المستويات الهرمونية الجديدة. وغالباً ما تختفي هذه الأعراض بعد بضعة أسابيع، ثم تعود إلى الظهور خلال الثلث الثاني أو الثالث من الحمل.
في المرة الثانية التي يتكرر فيها الأمر، يتزامن ضيق التنفس أثناء الحمل مع نمو الطفل داخل البطن بشكل كبير، فيتم ضغط الأعضاء الأخرى ودفعها جانباً لإفساح المجال له.
قد لا يكون للرئتين في تلك الفترة مساحة كافية للتوسع والشعور بالتنفس الكامل والعميق، كما لا يتمكن الحجاب الحاجز من أن يقدم الكثير من المساعدة؛ لأنه مضغوط هو الآخر.
وتلفت الطبيبة وأخصائية أمراض النساء والتوليد الأمريكية، لورا رايلي، إلى أنه بالرغم من كونها أعراض مزعجة لكنها لا تستدعي القلق.
إذ أنه على افتراض عدم وجود أسباب كامنة إلى جانب الحمل، فإن ضيق التنفس ليس علامة على وجود مشكلة صحية للمرأة التي تنتظر مولوداً جديداً، وهذا الضغط على الرئتين لا يسبب أي ضرر دائم.
فبعد ولادة الطفل، تعود الأعضاء الداخلية إلى وضعها السابق تلقائياً.
يُذكر أن مشكلة ضيق التنفس أثناء الحمل أحياناً تزول فجأة في الأسابيع الأخيرة قبل الوضع، وذلك عندما يسقط رأس الطفل في قناة الولادة، عادة قبل حوالي أسبوعين أو 3 أسابيع من موعد الوضع، وبالتالي سيكون لدى المرأة الحامل مساحة أكبر للتنفس بسبب اتساع مساحة الحجاب الحاجز.
أسباب صحية أخرى لضيق التنفس أثناء الحمل
إذا كانت المرأة الحامل تعاني من ضيق شديد في التنفس، فمن الضروري لها التحدث مع الطبيب المتخصص أو التوجه للطوارئ.
ففي حين أن التغيرات في الحمل يمكن أن تسبب بعض ضيق التنفس كما أسلفنا، فإن الحالات الطبية الأخرى يمكن أن تساهم أيضاً في تفاقم المشكلة. وهي تشمل التالي بحسب موقع Medical News Today للصحة والمعلومات الطبية:
- الربو: قد يؤدي الحمل إلى تفاقم أعراض الربو التي تعاني منها المرأة في العادة. لذا يجب أن تتحدث السيدات المصابات بالربو مع الطبيب لبحث الخيارات الآمنة للعلاج أثناء الحمل، مثل أجهزة الاستنشاق أو الأدوية.
- اعتلال عضلة القلب المرتبط بالولادة: هو نوع من قصور القلب يمكن أن يحدث أثناء الحمل أو بعد الولادة مباشرة. وتشمل الأعراض تورم الكاحل وانخفاض ضغط الدم والإرهاق وخفقان القلب الشديد.
وقد ينسب العديد من الأشخاص أعراضهم في البداية إلى الحمل، ولكن يمكن أن تؤثر الحالة بشكل خطير على صحة المرأة، وغالباً ما تتطلب العلاج العاجل والخاص.
- الانسداد الرئوي: يحدث الانسداد الرئوي عندما تنحشر جلطة دموية في شرايين الرئتين. يمكن أن يؤثر الانسداد بشكل كبير على التنفس ويسبب السعال، كما يسبب ألماً في الصدر وضيقاً في التنفس، وقد يهدد الحياة.
خطوات عملية للتعامل مع المشكلة
قد يكون الشعور بضيق التنفس أثناء الحمل أمراً مزعجاً ويحد من النشاط البدني للمرأة خلال شهور حملها الطويلة، وبالرغم من أنه لا توجد علاجات مخصصة لتلك الحالة، لكن هناك بعض الخطوات التي من شأنها التخفيف من أثرها المزعج:
1- ممارسة الجلسة الجيدة ووضعية الجسم المنتصبة، ويمكن لأحزمة دعم الحمل أن تجعل الجلوس الصحيح أسهل. هذه الأحزمة متوفرة في المتاجر المتخصصة وعبر الإنترنت.
2- النوم مع وسادات لدعم الجزء العلوي من الظهر، مما يسمح للجاذبية بسحب الرحم لأسفل وإعطاء الرئتين مساحة أكبر للتنفس والحركة.
ويمكن أن يساعد الميل قليلاً إلى اليسار في هذا الوضع أيضاً على إبقاء الرحم بعيداً عن الشريان الأورطي الرئيسي الذي ينقل الدم المؤكسد عبر الجسم لتعزيز الإحساس بالتنفس العميق.
3- ممارسة تقنيات التنفس العميق التي يشيع استخدامها في المخاض، مثل تنفس لاماز.
4- الراحة عند الحاجة. من الضروري أخذ فترات راحة والاستلقاء في وضعية مريحة إذا أصبح التنفس صعباً للغاية على المرأة أثناء الحمل.
كذلك في المراحل المتأخرة من الحمل، قد لا تتمكن السيدات من القيام بنفس مستوى النشاط البدني كما كان من قبل، وبالتالي من الضروري الراحة التامة.
متى يجب استشارة الطبيب؟
بينما تعاني الكثير من السيدات من ضيق التنفس أثناء الحمل، تتطلب بعض الأعراض العلاج والرعاية الطبية المتخصصة. لذا من الضروري التوجه للطبيب فوراً أو لعيادات الطوارئ المتخصصة في الحالات التالية:
- المعاناة من شفاه أو أصابع زرقاء.
- خفقان القلب أو ارتفاع شديد في معدل ضربات القلب.
- الشعور بألم عند التنفس.
- ضيق شديد في التنفس يزداد سوءاً.
- الإحساس بأزيز عن التقاط الأنفاس.
وفي حال كانت المرأة لا تزال تعاني من ضيق التنفس بعد الحمل والولادة، فقد يكون هذا علامة على حدوث مضاعفات ما بعد الولادة، مثل مشكلة في القلب. لذلك يجب الحصول على العناية الطبية في أقرب وقت ممكن.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.