يحدث قصور/فشل القلب، الذي يُسمَّى أحياناً بقصور القلب الاحتقاني، عندما لا تضخُّ عضلة القلب الدمَ كما ينبغي لها. وقد يحدث ذلك بسبب ضيق الشرايين في القلب، أو الارتفاع في ضغط الدم.
فيصبح القلب عاجزاً عن ضخّ ما يكفي من الدم إلى الجسم؛ ما يؤدي تدريجياً إلى تعطيل جميع وظائف الجسم الرئيسية.
عند بعض الأشخاص الذين يعانون من فشل القلب، يجد القلب صعوبةً في ضخِّ ما يكفي من الدم لدعم أعضاء أخرى في الجسم؛ فيما قد يعاني آخرون من تصلُّب عضلة القلب نفسِها، وهو ما يمنع أو يُقلل من تدفق الدم إلى القلب.
ووفقاً لموقع Healthline الطبي، يمكن أن يؤثر قصور القلب على الجانبين الأيمن أو الأيسر من القلب، أو كليهما في نفس الوقت، كما يمكن أن يكون إما حالة حادة/قصيرة الأجل، أو مُزمنة/مستمرة.
يمكن للعلاج أن يُحسّن من أعراض قصور القلب وعلاماته، والمساعدة في العيش لفترة طبيعية وأطول، لكن هذا لن يحدث من دون تغييرات جذرية في نمط الحياة بهدف التعامل مع هذا المرض بشكلٍ أفضل.
ورغم أنه يصعب تقبّل فكرة حصول فشل القلب بشكلٍ مفاجئ، فإن هذه الحالة المرضية الخطيرة أكثر شيوعاً مما تدرك، وتهدد فئة كبيرة من الناس، حتى الحوامل. ولهذا السبب من المهم استيعاب ماهية وأعراض فشل القلب الاحتقاني، وما هو الشعور المصاحب له، لتحديد العلامات المبكرة له، إن وجدت.
إلى جانب حقيقة أن غالبية أعراض فشل القلب، ولا سيما عندما تصير حالة صحية مزمنة، قد تكون غامضة؛ لذا، فإن بعض الأشخاص قد يعانون من فشل القلب ولا يعرفون حتى إنهم يمرون به.
معلومات قد لا تعرفها عن أعراض فشل القلب
صحيحٌ أن حجم قلبك صغير نسبياً، لكن مهمته أساسية. ففي كل يوم، يضخ هذا العضو ما يعادل 2000 غالون من الدم إلى جسمك، وفقاً لجمعية القلب الأمريكية (AHA)، في حال كان يعمل بشكلٍ طبيعي.
يُعتبر القلب جزءاً مهماً من الجهاز القلبي الوعائي، ويؤدي دورين رئيسين:
- إرسال الدم إلى الرئتين حتى يُحمّل بالأوكسجين.
- ضخّ الدم الجديد، المُحمَّل بالأوكسجين والغني بالمواد الغذائية، إلى بقية الجسم.
لذلك وعندما لا يضخ القلب الكمية الكافية من الدم، لن تؤدي أعضاء الجسم الأخرى وظائفها بصورة ملائمة كما ينبغي، فيُعرف ذلك بأنه فشل القلب.
وعند حدوث فشل القلب، لا يوزع القلب الدم بشكلٍ كافٍ بما يسمح للشخص بأداء الأنشطة الطبيعية. وفي هذا الإطار، تتنوع أعراض قصور/فشل القلب تنوعاً كبيراً، وهذه أبرزها:
- التعب المُفرط.
- زيادة الوزن المُفاجئة.
- فقدان الشهية.
- خفقان القلب.
- انتفاخ البطن.
- تورم في الساق والكاحل.
- زيادة الحاجة إلى التبول ليلاً.
تشير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) إلى أن حوالي 6.2 مليون شخص في الولايات المتحدة يُعانون من فشل/قصور القلب. وبحلول عام 2030، يُقدّر أن يرتفع الرقم بنسبة 46%، ليصل عدد المتأثرين بفشل القلب إلى 8 ملايين.
كيف تقلل من خطر التعرض لقصور القلب؟
هناك عوامل كثيرة يمكنها أن تقلل أو تزيد من خطر التعرض لفشل القلب. فنمط الحياة الذي تعيشه، إضافةً إلى الجينات وتاريخ أمراض القلب والأوعية الدموية في عائلتك، يمكن أن تضطلع بدورٍ في تطوّر فشل القلب أو تراجعه.
يمكنك تقليل فرص إصابتك بقصور القلب، عندما تضع في حسبانك إدخال هذه التغييرات الثلاثة إلى أسلوب حياتك:
1- راقب معدلات ضغط الدم
إن ارتفاع ضغط الدم يمثل علامة أكيدة على أمراض القلب عموماً، ومن بينها فشل القلب. فحين تكون مصاباً بارتفاع ضغط الدم، تصبح عضلة القلب أكثر ضخامة وتصلباً، وتتضرر الخلايا الموجودة داخل الشرايين، التي تنقل الدم من القلب.
حينئذٍ، سيواجه قلبك صعوبةً في ضخّ الكمية الملائمة من الدم. وفي نهاية المطاف، يمكن أن يصير القلب منهكاً وضعيفاً، حينها تكون قد أُصبتَ بما يُسمّى فشل/قصور القلب.
المعدل المثالي لضغط الدم يكون عادةً أقلّ من 80/120 ملليمتراً من الزئبق؛ ومن أجل المحافظة عليه، عليك أن تمنح الأولوية في حياتك إلى ممارسة التمارين الرياضية، وتناول الوجبات المغذية، إضافةً إلى الحصول على نومٍ جيد، والإقلاع عن الكحول والتدخين.
ومع كلّ ذلك، يجب أن تسيطر على مستويات التوتر والإجهاد في حياتك اليومية. قد يكون الكلام أسهل من تطبيقه، لكنها قواعد أساسية للتعامل مع قصور القلب.
2- تغييرات طفيفة في حِميتك الغذائية
ولا نقصد هنا أنه عليك اتباع حِمية غذائية صارمة، على العكس. المقصود بالحمية هنا هي حمية صحية للقلب، وإدخال تغييرات طفيفة على طبيعة وجباتك اليومية، يمكنها أن تُحدث تأثيراً كبيراً.
يكمُن التعديل الأكبر في تقليل جرعات الصوديوم التي تحصل عليها في غذائك، وها نحن نقول الصوديوم لتخفيف وقع الجملة عليك. لكن نعم، عليك ألا تستهلك الملح بشكلٍ مفرط.
صحيح أنه يجعل الوجبات الغذائية أطيب، لكن جمعية القلب الأمريكية توصي بألا تتجاوز كمية الصوديوم المُستهلكة يومياً 2300 ملليغرام، مع العلم أن الشخص العادي يستهلك على الأرجح أكثر من 3400 ملليغرام يومياً.
في حديثه مع موقع Self، يوضح الدكتور ديفيد سميث، طبيب القلب في مركز Premier Cardiovascular Care في ولاية نورث كارولينا أن "الملح يجعلك تحبس كثيراً من السوائل، التي يمكنها أن تؤدي إلى مزيد من الضغط في الأوعية الدموية".
يمكن أن يؤثر ذلك في قدرة الكُلى على أداء وظيفتها بصورة ملائمة؛ مما قد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم.
يقول الدكتور سميث: "إذا لم تعمل الكُلى بصورة ملائمة، فإنك تحبس كل تلك السوائل، ولا تبولها. فيصير القلب عاجزاً عن الضخ، وبالتالي لا تستطيع الكُلية ضخ كل السوائل الزائدة؛ مما قد يمهد الطريق أمام فشل القلب".
من الجيد أيضاً رفع مستويات البوتاسيوم؛ لأن البوتاسيوم يعادل تأثير الصوديوم ويساعد في تنظيم توازن السوائل في جسمك. يمكن العثور على الصوديوم بوفرة في العدس المطبوخ، والقرع، والقراصيا، والبطاطا المطبوخة، والموز، وعديد من الفواكه والخضروات والبقوليات والمكسرات والأسماك الأخرى.
يوصي الدكتور سميث بتناول كميات من الطعام الغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، مثل: أسماك السلمون، والسردين، والتونة؛ نظراً إلى أن جسمك لا يفرز هذه الدهون بنفسه.
تساعد هذه الأنواع من الأحماض الدهنية غير المشبعة في خفض ضغط الدم والدهون الثلاثية (وهي نوعية من الدهون الموجودة في الدم)، وإبطاء تراكم الترسبات في الشرايين، والمساعدة على مكافحة الالتهابات في الجسم وجميعها تُعرف بأنها من علامات الإصابة بأمراض القلب.
3- علاج فشل القلب؟ الحركة ثم الحركة
لا نقصد هنا التمارين الشديدة، لكن عليك أن تتحرك يومياً ما لا يقلّ عن نصف ساعة، لأن فوائد التمارين الأساسية أنها ترفع ضخ القلب للدم.
معظم الأطباء يوصون بأداء حركات مُجدية لـ30 أو 40 دقيقة معظم أيام الأسبوع؛ مثل المشي أو ركوب الدراجة أو أعمال البستنة أو حتى الرقص، أي حركة من شأنها أن تجعل قلبكم ينبض بصورة أسرع.
إن إضافة التمارين بانتظام إلى روتينك اليومي من شأنها أن تساعد على تدريب قلبك ورئتيك لفترة زمنية مخصّصة، مما يحسّن دوران الدم ويساعد قلبك في ضخّ الدم بصورة أكثر كفاءة.
ووفقاً للمكتبة الوطنية للطب، فإن التمارين تساعد في خفض ضغط الدم، والسيطرة على مستويات الكوليسترول، وخفض التوتر. وتأكد من أنك لا تبالغ في شدة التمارين التي تمارسها في البداية.
الخلاصة: صحيحٌ أن بعض عوامل فشل القلب تكون خارجة عن السيطرة، لكن التركيز على التغييرات الطفيفة والمؤثرة في نفس الوقت، سوف يساعدك في المحافظة على صحة قلبك على المدى الطويل؛ فالأوان لم يفُت أبداً.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.