لطالما سمعنا أنّ الشوكولاتة السوداء هي سرّ من أسرار الحصول على السعادة، ولكن هل هذا الكلام صحيح، وهل هو مُثبت علمياً، أم أنها مجرّد خرافة اخترعها التجار لزيادة مبيعات هذه الحلوى المفضلة لدى الكثيرين؟
فوائد الشوكولاتة السوداء
لنبدأ بالجواب، ومن ثم ننتقل إلى الأسباب، فالحقيقة المُثبتة علمياً هي أنّ الشوكولاتة السوداء لها فوائد لكامل الجسم، والتي قد لا تتوقعها، خاصة عندما يتعلق الأمر برفع معنوياتك، ولكن ذلك يتوقف على نوع الشوكولاتة التي تتناولها.
في إحدى الدراسات التي أجرتها الجمعية الكيميائية الأمريكية American Chemical Society، في عام 2009، تناول 30 مشاركاً 40 غراماً من الشوكولاتة الداكنة لمدة تصل إلى 14 يوماً، قام الباحثون باختبار عينات الدم والبول في بداية الدراسة ومنتصفها ونهايتها.
ومن المثير للاهتمام أن الأشخاص في الدراسة، المصنفين على أنهم "قلقون جداً" أظهروا صورة استقلابية مميزة، تدل على توازن الطاقة المختلفة وميكروبيوم الأمعاء، وهذا منطقي، بالنظر إلى مقدار ما نعرفه عن اتصال القناة الهضمية بالدماغ.
أما عن النتائج فقد لاحظ الباحثون أن الشوكولاتة السوداء "الداكنة" قلَّلت من إفراز هرمون التوتر الكورتيزول والكاتيكولامينات، مع تثبيط الفروق المرتبطة بالإجهاد جزئياً في استقلاب الطاقة (الجلايسين، والسترات، والترانس- أكونيتات، والبرولين، وبيتا ألانين) والأنشطة الميكروبية في القناة الهضمية (الهيبورات وب-كريسول كبريتات).
هذا يعني أن الدراسة تقدم دليلاً قوياً على أن الاستهلاك اليومي لـ40 غراماً من الشوكولاتة السوداء خلال فترة أسبوعين يمكن أن يساعد في تقليل هرمونات التوتر، وله آثار مفيدة على عملية التمثيل الغذائي.
الشوكولاتة السوداء تخفف أعراض الاكتئاب
درست الأبحاث الحديثة في جامعة كوليدج، في العاصمة البريطانية لندن، في العام 2019، أكثر من 13000 شخص، ووجدت أن الأفراد الذين أبلغوا عن تناول أي شوكولاتة داكنة في فترتين من 24 ساعة كانوا أقل عرضة بنسبة 70% للإبلاغ عن أعراض الاكتئاب من أولئك الذين لم يتناولوا الشوكولاتة على الإطلاق.
وأضافت الدراسة أنّ الشوكولاتة الداكنة تحتوي على مكونات ذات تأثير نفسي تعطي نتائج جيدة؛ الأول هو فينيل إيثيل أمين، وهو معدل عصبي يساعد على تنظيم الحالة المزاجية.
بالإضافة إلى ذلك، تحتوي الشوكولاتة الداكنة على تركيز أعلى من مضادات الأكسدة التي تقلل الالتهاب، وهي حالة مرتبطة بظهور الاكتئاب.
الشوكولاتة السوداء تقي من أمراض القلب وتقلل خطر الإصابة بالسكتة الدماغية
تقول مجلة Inc. Magazine الأمريكية، إن الاستهلاك اليومي للشوكولاتة السوداء بإمكانه أن يقلل من مستويات LDL (الكوليسترول الضار).
بالإضافة إلى ذلك فإنه يمكن أن تساعد الشوكولاتة السوداء أيضاً في تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب، بنسبة تصل إلى 30%، وخطر الوفاة من السكتة الدماغية بنسبة تقارب 50%، وأن تحسن من الأداء الإدراكي .
في حين يؤكد موقع Everyday Health الطبي الأمر من خلال نشره مراجعة منهجية نُشرت في عام 2020 في المجلة الأوروبية لأمراض القلب الوقائية، ووجدت أنّ تناول الشوكولاتة مرة واحدة في الأسبوع كان مرتبطاً بانخفاض خطر الإصابة بانسداد الشرايين بنسبة 8%.
فيما حللت دراسة كبيرة أخرى، نُشرت في عام 2021، في المجلة الأمريكية للتغذية السريرية، البيانات من أكثر من 188 ألفاً من من المحاربين القدامى، وخلصت إلى أن تناول حوالي 1 أوقية من الشوكولاتة بانتظام كان مرتبطاً بانخفاض خطر الإصابة بأمراض الشريان التاجي.
وذلك لأنّ مركبات الفلافونويد الموجودة في الشوكولاتة الداكنة هي التي تحافظ على صحة القلب.
كما تساعد هذه المواد الكيميائية في إنتاج أكسيد النيتريك، الذي يتسبب في استرخاء الأوعية الدموية وانخفاض ضغط الدم.
الشوكولاتة السوداء تمنع فقدان الذاكرة
تناول الشوكولاتة الداكنة بنسب عالية من الكاكاو، مثل 70%، قد يفيد عقلك، لأن الشوكولاتة تحفز النشاط العصبي في مناطق الدماغ المرتبطة بالمتعة والمكافأة، ما يقلل بدوره من التوتر ويحسن مزاجك.
ووجدت الأبحاث التي تم تقديمها في اجتماع علم الأحياء التجريبي لعام 2018، أن تناول 48 غراماً من الشوكولاتة السوداء، التي تحتوي على 70% من شوكولاتة الكاكاو العضوية، يزيد من المرونة العصبية، وقدرة الدماغ على تكوين روابط متشابكة جديدة، والتي يمكن أن تكون لها تأثيرات إيجابية على الذاكرة، والإدراك والمزاج.
الشوكولاتة السوداء تقلل مخاطر الإصابة بمرض السكري
لا يبدو تناول الشوكولاتة كل يوم أفضل طريقة للوقاية من مرض السكري، لكن تناول الكميات الصحية من الشوكولاتة الداكنة الغنية بالكاكاو يمكن أن يحسن فعلاً كيفية استقلاب الجسم للجلوكوز عند تناوله كجزء من نظام غذائي صحي.
إذ تسبب مقاومة الإنسولين ارتفاع نسبة الجلوكوز في الدم (السكر)، وهي السمة المميزة لمرض السكري من النوع 2، وفقاً لمقال نُشر في عام 2019، بواسطة StatPearls، وهي مجلة أمريكية متخصصة في مجال الرعاية الصحية.
وفي دراسة نُشرت في عام 2017، في Journal of Community and Hospital Internal Medicine Perspectives، تم العثور على مركبات الفلافونويد في الشوكولاتة الداكنة لتقليل الإجهاد التأكسدي، والذي يعتقد العلماء أنه السبب الرئيسي لمقاومة الإنسولين وتقليل مخاطر الإصابة بأمراض مثل مرض السكري.
الشوكولاتة السوداء تساعد في إنقاص الوزن
يبدو أن تناول الشوكولاتة السوداء يومياً يبدو وكأنه الطريقة الأخيرة لفقدان الوزن، لأنها قد تلعب دوراً في التحكم في الشهية، والتي بدورها يمكن أن تساعد في إنقاص الوزن.
كتب عالم الأعصاب ويل كلور كتاباً عن هذا الموضوع بعنوان Eat Chocolate Lose Weight، يصف كيف أن تناول القليل من الشوكولاتة الداكنة قبل أو بعد الوجبات يؤدي إلى تحفيز الهرمونات التي تشير إلى الدماغ بالشبع.
بالطبع، يمكن أن يؤدي تناول أكثر من الكمية الموصى بها يومياً إلى إبطال أي فقدان محتمل للوزن، كما أن تناول الشوكولاتة السوداء لن يبطل آثار النظام الغذائي غير الصحي بشكل عام.
كما وجدت الأبحاث السابقة أنه أثناء الهضم تتصرف الشوكولاتة مثل البريبايوتيك، وهو نوع من الألياف يشجع على نمو البكتيريا المفيدة في الأمعاء.
وكلما كانت الميكروبات "جيدة" أكثر في نظامك كان جسمك قادراً على امتصاص العناصر الغذائية بشكل أفضل، ودعم التمثيل الغذائي الصحي، وفقاً لكلية هارفارد تي إتش تشان للصحة العامة.
السعرات الحرارية في الشوكولاتة السوداء
إذا كنت تراقب وزنك، فحتى كمية صغيرة من الشوكولاتة لها تأثير في السعرات الحرارية، إذ يحتوي 15 غراماً من الشوكولاتة السوداء عادة على ما بين 70 و80 سعراً حرارياً، اعتماداً على النسبة المئوية لمواد الكاكاو الصلبة، وهي العجينة الناتجة عن تخمير وتحميص وسحق حبوب الكاكاو، ثم يتم خلط الكاكاو بمكونات أخرى مثل الحليب والسكر، لإنتاج مجموعة واسعة من الشوكولاتة.
بينما يمكن أن تحتوي "الشوكولاتة السوداء" على ما لا يقل عن 45 إلى 50% من مواد الكاكاو الصلبة، تظهر الأبحاث أن أكبر الفوائد تأتي من الشوكولاتة الداكنة، التي تحتوي على 60% على الأقل من مواد الكاكاو الصلبة.
وأخيراً، صحيح أنّ للشوكولاتة السوداء كل هذه الفوائد، فإنه ليس من السهل الحصول عليها بدون إضافة الكثير من السكر، مثل التي تُباع في الأسواق المليئة بالمحليات الطبيعية أو مستخلصات الفاكهة.
قد يهمك أيضاً: استخدمها الأمريكيون بدلاً من المال، والمكسيكيون اعتبروها هدية الآلهة.. قصة اختراع الشوكولا!
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.