يعمل فريق من العلماء الروس، في قلب منطقة سيبيريا، على إعادة إيقاظ الفيروسات القديمة لتحديد كيفية تطورها، ما أثار مخاوف من وقوع كارثة قد تؤدي إلى تفشي جائحات جديدة، في وقت لا يزال فيه العالم يتعافى من وباء فيروس كورونا المستجد، حسب ما ذكرته صحيفة "التايمز" البريطانية، الجمعة، 16 ديسمبر/كانون الأول 2022.
الصحيفة أشارت إلى أن العلماء في مركز أبحاث "فيكتور" في منطقة نوفوسيبيرسك في روسيا يعملون على تحليل بقايا الماموث ووحيد القرن الصوفي وحيوانات أخرى من العصر الجليدي؛ لتحديد وإحياء فيروسات ما قبل التاريخ، والمعروفة أيضاً باسم "فيروسات الحفريات".
ويساعد العلماء في مهمتهم تلك أن جثث تلك الحيوانات قد حافظت على قوامها بشكل شبه مثالي، بفضل الظروف المناخية في جمهورية ياقوتيا الروسية التي توصف بأنها "أكثر البقاع برودة على وجه الأرض"، حيث تنخفض الحرارة في تلك الأراضي الشاسعة إلى ما دون 55 درجة مئوية تحت الصفر.
ووفقاً لمركز الأبحاث الروسي، فإن الدراسة التي بدأت في العام المنصرم تهدف إلى تحديد كيفية تطور الفيروسات.
فيروس "الزومبي"
وتصدّر مشروع مماثل عناوين الصحف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أن أعلن علماء فرنسيون أنهم أعادوا إحياء فيروس "الزومبي"، الذي كان موجوداً تحت قاع بحيرة في ياقوتيا منذ ما يقرب من 50 ألف عام.
إلى ذلك، قال الباحثون الفرنسيون إنهم على عكس العلماء الروس، كانوا يركزون حصرياً على الفيروسات التي تسبب "الأميبا"، والتي تشكل خطراً ضئيلاً على الحيوانات أو البشر.
إذ قال البروفيسور، جان ميشيل كلافيري، من المركز الوطني للأبحاث العلمية في جامعة إيكس بمدينة مرسيليا إن الأبحاث التي يجريها مركز فيكتور "محفوفة بمخاطر كبيرة"، مشيراً إلى أن "أنظمتنا المناعية لم تواجه هذا النوع من الفيروسات من قبل، والتي قد يتراوح عمر بعضها بين 200 ألف و400 ألف سنة".
كما حذّر كلافيري من أن الفيروسات التي قتلت الماموث وحيوانات أخرى في عصور ما قبل التاريخ، ستكون قادرة على نقل العدوى إلى البشر أيضاً.
من جهتها، أوضحت خبيرة الأمن الحيوي في جامعة "كينغز كوليدج لندن"، فيليبا لينتزوس، أنه: "لا توجد مناقشات كافية بشأن ما إذا كانت البشرية على استعداد لتحمل هذه المخاطر".
وتابعت: "كثير منا، ممن يحللون ويتابعون ما يفعلونه (العلماء الروس)، غير مقتنعين بأن الفوائد المحتمَلة، والتي ستكون في المستقبل البعيد، تفوق بالضرورة المخاطر الحقيقية المحتملة في الوقت الحاضر".
وأضافت لينتزوس:" حتى مع الممارسات الآمنة بشكل عام، لا يزال من الممكن وقوع الحوادث".
مركز أبحاث فيكتور
ويُعد مركز أبحاث فيكتور، المختص في علوم الفيروسات، مختبر أسلحة بيولوجي سوفييتي سابق، وهو واحد من 59 مختبراً بيولوجياً يتمتع بأقصى درجات الأمان في العالم، كما أنه واحد من مختبرين (الآخر في أميركا) مسموح لهما بالاحتفاظ بعينات من فيروس الجدري القاتل.
ورغم ذلك، فقد تضررت سمعة المختبر الروسي، الشديد الحراسة، بعد وقوع عدد من الحوادث، ففي عام 2019، اندلع حريق في أحد منشآته، ما أدى إلى إصابة عامل وتحطيم بعض النوافذ، ونفى المعهد وقتها حدوث أي تسرّب في الفيروسات إلى الخارج.
وفي العام 2004، توفيت باحثة بعد وخز نفسها عن طريق الخطأ بإبرة تحتوي على فيروس الإيبولا، وفي هذا الصدد يقول البروفيسور الفرنسي كلافيري: "لن أكون واثقاً تماماً من أن كل شيء قد جرى تحديثه في معهد فيكتور".
ومثل جميع المختبرات عالية الأمان التي تحتوي على فيروسات قاتلة، يجري فحص المختبر الروسي بشكل دوري من قبل منظمة الصحة العالمية، ولم يجد أحدث تقرير لها عام 2019 أي مخاوف كبيرة.
ورغم ذلك، لم يتمكن فريق منظمة الصحة العالمية من مراقبة الباحثين في المختبر بشكل عملي؛ حيث تم إغلاق المنشأة بسبب "الصيانة المجدولة".
وجرى تجميد التعاون بين العلماء الغربيين وموسكو إلى حد كبير منذ أن أمر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بإرسال قواته لغزو أوكرانيا في فبراير/شباط، في حين رفض مختبر فيكتور طلب تعليق تقدمت به صحيفة "التايمز".