يعتبر الرهاب أو الفوبيا نوعاً من الخوف يفوق درجة الخوف الطبيعي، أو المنطقي من شيء معين، إذ إن بعض من يعانون الرهاب يعيشون حياة عادية، وتظهر عليهم أعراضه فقط عند مصادفة الشيء الذي يخافون منه، مثل رهاب المرتفعات.
لكن في المقابل، هناك أشخاص آخرون يعانون نوعاً مختلفاً من الرهاب، يعيق حياتهم العادية، ويمنع تواصلهم بشكل طبيعي مع العالم الخارجي، وهؤلاء الأشخاص مصابون بالرهاب المحدد.
الرهاب المحدد.. الخوف من الضوء أو الاستحمام
يشار إلى أن الرهاب هو أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً، إذ إنه يؤثر على 10% من سكان الولايات المتحدة، ويعتبر الرهاب المحدد من بين أكثر الأنواع تأثيراً على حياة الإنسان الطبيعية، إذ إنه يؤثر على 8.7% من مجموع الأشخاص المصابين به في الولايات المتحدة الأمريكية.
إذ إن الرهاب المحدد يمكن أن يمنع القدرة على التعامل بشكل طبيعي في مختلف مجالات الحياة، من بينها الدراسة، والعمل، والتواصل مع الاشخاص الآخرين.
وهناك أنواع مختلفة من الفوبيا، التي تدخل في خانة الرهاب المحدد، من بينها رهاب الاستحمام، الذي يجعل رائحة الشخص كريهة، ومصاباً بعدة أمراض، مما يمنعه من التواصل مع الأشخاص بشكل عادي وسهل.
وكذلك هناك رهاب الخروج من المنزل؛ خوفاً من التقاط الجراثيم، أو تفادياً للتعامل مع الأشخاص في الخارج، أو حتى للابتعاد عن الأماكن المزدحمة، مما يجعل احتمالية الخروج من أجل الدراسة أو العمل صعبة جداً.
كما أن هناك رهاباً آخر يدخل في الخانة نفسها، وهو رهاب الضوء، إذ إن الشخص المصاب به لا يمكنه الوجود في أماكن بها ضوء، أو الخروج إلى الخارج خلال النهار، مما يسبب النتائج السلبية نفسها المذكورة سابقاً.
كما أن هناك أنواعاً أخرى من الرهاب المحدد، المرتبطة بمجالات مختلفة، مثل رهاب الحيوانات، أو رهاب البرق والرعد، أو رهاب الركوب في الطائرة، لكن هذه الأنواع تكون أقل حدة، بسبب قلة التعرض لها.
التصرف بغرابة والشعور بالغثيان
هناك عدة أعراض توضح أن الشخص مصاب بالرهاب المحدد، أولها الشعور بالخوف غير المبرر من أماكن أو أفعال عادية جداّ، وتجنبها بشكل مستمر.
كما أن حالة الرهاب من الممكن أن تظهر في حال التفكير أو توقع احتمالية حدوث الشيء الذي يخاف منه الشخص، والتي صاحبها صعوبة التصرف بشكل عادي، وغريب، لا يمكن التحكم فيه.
إذ إن الشخص في هذه الحالة يكون معرضاً للشعور بالدوار، والاختناق، والتعرق المفرط، وتسارع دقات القلب، والغثيان، والرغبة في الهرب، أو التعامل بطريقة عدوانية وغضب، وهذه الحالة تعرف عند الأطفال أكثر من الكبار.
العلاج بالعرض لمقاومة الرهاب المحدد
في العادة لا يضطر الأشخاص المصابون بالرهاب للذهاب إلى الطبيب من أجل العلاج، لكن في حال كان الرهاب محدداً، وله آثار سلبية على سير الحياة العادية للشخص، تصبح زيارة الطبيب أمراً مطلوباً، من أجل العودة لممارسة الحياة بشكل طبيعي، والانخراط في المجتمع من جديد.
ومن أكثر أنواع العلاج شيوعاً في حالة الرهاب المحدد، العلاج بالتعرض، ويعني مواجهة الشخص بمخاوفه، والتعرض لها بشكل تدريجي، إلى أن يتم الوصول إلى مرحلة عدم الخوف والتقبل.
كما أن هناك نوعاً آخر من العلاج، وهو المعرفي السلوكي، الذي يتم عن طريق تغيير التشوهات المعرفية غير المفيدة في عقل الإنسان، من خلال بحث المعالج في اللاواعي وراء سلوكيات المريض من أجل الوصول إلى علاج، إذ كان يستعمل سابقاً من أجل علاج الأشخاص المصابين بالاكتئاب، لكن تبين بعد ذلك أنه طريقة مناسبة لعلاج القلق وأنواع مختلفة من الرهاب.
كما يمكن الاستعانة بالأدوية من أجل العلاج، لكنها تكون فقط عبارة عن مهدئات لحظية، تساعد في التقليل من الشعور بالخوف عند التعرض للرهاب، أو الشعور بالخطر منه.
التجارب السلبية وعامل الوراثة.. أسباب الرهاب المحدد
هناك أسباب كثيرة تؤدي إلى الرهاب المحدد، من بينها عيش تجارب سلبية تركت بصمة قوية في ذاكرة الإنسان، تجعله غير قادر على التعاطي مع الأمر السيئ بالنسبة له، كالخروج من البيت مثلاً.
كما أن للوراثة دوراً في الإصابة بالرهاب المحدد، في حال كان أحد الأبوين، أو أحد أفراد العائلة يعاني نوعاً من الرهاب.
إضافة إلى تغيرات وظيفة الدماغ، التي تقود الشخص إلى الخوف من أشياء أو سلوكيات عادية، كان يقوم بها سابقاً بشكل عادي.
كما أن سماع تجارب الآخرين السلبية عن رهاب ما، من الممكن أن تؤثر على الشخص، وتخلق لديه الخوف والقلق، الذي يتحول إلى رهاب محدد.