رغم استهلاكها بشكلٍ متفاوت بين الدول، إلا أن القهوة تحظى بشعبية كبيرة وتُصنّف على أنها أحد أكثر أنواع المشروبات انتشاراً في العالم، إذا لم نقل الأكثر انتشاراً. ولعلّ بعضنا يكاد لا يتصوّر حياته خالية منها، ويسأل: كيف كان شكل الحياة من دونها؟
يستهلك العالم يومياً أكثر من مليارَي فنجانٍ من القهوة، ليتحوّل هذا المشروب إلى محرّكٍ أساسي لعجلة الاقتصاد في عددٍ من الدول؛ آخرها الصين، التي انضمّت إلى قائمة الدول التي تستهلك كميات كبيرة من القهوة يومياً، ليشقّ هذا المشروب طريقه بقوة وسط ثقافة الشاي السائدة منذ قرون.
إذا كنتَ شغوفاً بالقهوة، وتعتمد على الكافيين لتُنجز أعمالك ومهامك اليومية، فاطمئن: أنت لستَ وحدك. لكن دعنا نأخذ من وقتك قليلاً لنطرح ونجيب عن السؤال التالي: هل هي جيّدة لخسارة الوزن؟
من المؤكد في البداية أن تأثير القهوة النفسي هو الأكثر شيوعاً عنها، وهناك أدلة دامغة تُشير إلى أنها تعزز التركيز. ولكن، ما هي الفوائد الإيجابية الأخرى؟
في حين تؤكد بعض الأدلة البحثية أن الكافيين قد يقلّل الشهية بشكلٍ متواضع ويعزز التمثيل الغذائي، أي الـMetabolism في الجسم، فإن الصورة العامة أكثر تعقيداً؛ لأن معظم الدراسات في هذا الإطار صغيرة الحجم؛ لذا يصعب استخلاص استنتاجاتٍ نهائية.
هناك أيضاً تباين كبير يعتمد على كيفية تناول قهوتك. من المُحتمل أن يحتوي اللاتيه المنكّه مثلاً على سعرات حرارية أعلى بكثير من الإسبريسو. وغالباً ما تكون مكملات الكافيين مركزة أيضاً، مما يزيد من مخاطر الآثار الجانبية، مثل: الأرق، والقلق، وزيادة معدل ضربات القلب، والغثيان.
مع كل تلك المعلومات المتناقضة، دعونا نركّز على سؤالٍ واحد في الوقت الحالي: هل القهوة جيدة لخسارة الوزن؟ وما علاقتها بالوزن عموماً؟
هل القهوة جيدة لخسارة الوزن؟
من المهم في البداية، قبل الإجابة بشكلٍ مباشر عن هذا السؤال، معالجة كيفية فقدان الوزن. ورغم أن عوامل مختلفة تلعب دوراً في هذا الإطار، مثل الهرمونات والعمر، إلا أننا نفقد الوزن في نهاية المطاف من خلال تناول نظامٍ غذائي متوازن.
وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، من المحتمل أن نرى نتائج أفضل من خلال التركيز على نظامٍ غذائي كثيف المغذيات، وزيادة التمارين الرياضية عن طريق التحكم في أجزاءٍ معينة من جسمنا.
ولكن الخبر الجميل هو أن عشاق القهوة التركية والعربية، والسوداء (Black Coffee) لا يزال بإمكانهم الاستمتاع بها- باعتدالٍ طبعاً- كجزءٍ من حياتهم اليومية، نظراً لاحتوائها على سعرات حرارية لا تُذكَر مقارنةً بأنواع القهوة المنكّهة.
ولكن في الوقت الذي تلعب فيه القهوة دوراً في سد الشهية وزيادة الـMetabolism، فإن ذلك قد يكون أمراً مزعجاً للبعض. يُظهِر بحثٌ أُجري في العام 2018 أن تأثير الكافيين يختلف من شخصٍ إلى آخر، مما يجعل تعميم آثاره أمراً صعباً.
"هل تساعدك القهوة على إنقاص الوزن"؟ تُجيب الدكتورة شيامالا فيشنوموهان، أخصائية تغذية وخبيرة غذاء وتغذية، لموقع Live Science قائلة: "الأرجح لا، وبالتأكيد لا يُمكن حدوث ذلك من دون إنقاص السعرات الحرارية التي نتناولها. إدارة الوزن أكثر تعقيداً بكثير من احتساء فناجين منها، ومشاهدة أرطال الدهون تذوب".
لذلك، دعونا نتعمّق أكثر في بحثنا عن القهوة، ونتعرّف إلى ما إذا كانت قادرة- أم لا- على مساعدتنا في خسارة الوزن.
قد تؤدي إلى سد الشهية
يُمكن للكافيين أن يقلّل من شهيتنا، مما قد يؤدي تلقائياً إلى حصولنا على سعرات حرارية أقل، عندما نتناول الطعام من بعد القهوة. لكن انتبه، هناك محاذير.
تقول الدكتورة فيشنوموهان: "في حين أن القهوة يمكن أن تقلّل من عمل هرمون الغريلين، الخاص بالجوع، فإننا غير متأكدين من مدى أهمية تأثيرات سد الشهية". وتضيف: "على سبيل المثال، وجدت دراسة نُشرت في المجلة الدولية لعلوم الغذاء والتغذية أن شرب كوبٍ قبل الوجبة يقلّل من السعرات الحرارية المتناولة. لكن آثار سد الشهية لم تستمر أكثر من ثلاث إلى أربع ساعات".
الأدلة متضاربة، ومع ذلك وجدت دراسة واحدة في مجلة Obesity أن الذين يعانون من زيادة الوزن وتناولوا القهوة قبل الطعام، قلّلوا من السعرات الحرارية في وجبتهم التالية. وفي تجربة أخرى، نُشِرَت في مجلة Appetite، خلُصت إلى أن القهوة ليس لها تأثير على السعرات الحرارية المستهلكة.
لا يفهم الخبراء تماماً الآلية الكامنة وراء الانخفاض في هرمون الغريلين، لكن دراسة واحدة صغيرة في مجلة الكلية الأمريكية للتغذية أسفرت عن نتائج مفاجئة. فقد وجد الباحثون أن القهوة منزوعة الكافيين تسد الشهية أكثر من القهوة التي تحتوي على الكافيين!
قد تؤدي إلى زيادة عمل التمثيل الغذائي
فائدة أخرى من الكافيين هي أنه يعزز التمثيل الغذائي، أي الـMetabolism الخاص بك، ويساعدك على حرق المزيد من السعرات الحرارية.
يُمكن لتناول القهوة أن يسرّع عملية التمثيل الغذائي، ويرجع ذلك على الأرجح إلى الكافيين. فهو يعزز حرق الدهون، من خلال زيادة توليد الحرارة، وتحفيز الناقلات العصبية مثل الأدرينالين.
كذلك فإن دراسة صغيرة واحدة، أُجريت عام 2017 في علم وظائف الأعضاء السريرية، وجدت أن مزيجاً من القهوة وممارسة الرياضة يعزز من عملية تكسير الدهون. ومع ذلك، ولأن الدراسة كانت على نطاقٍ صغير، فنحن بحاجة إلى مزيدٍ من البحث.
بمرور الوقت، يمكن لجسمك أن يعتاد على الكافيين، فيتحمّله وتخفّ آثاره. ما يعني أنه ليس له تأثير طويل المدى، وفقاً للمعاهد الوطنية للصحة. لكن مع ذلك، لا تمِل إلى الإفراط في الشرب؛ فهناك آثار جانبية غير مرحب بها، بما في ذلك التوتر وسرعة ضربات القلب.
هل يمكن أن تكون القهوة سيئة لخسارة الوزن؟
بينما قد يكون للقهوة دور متواضع في خطة إنقاص الوزن، يجب أن تتجنب الأخطاء الشائعة التي قد تؤدي إلى زيادة الوزن بشكلٍ غير مقصود. لذلك، احترس من السعرات الحرارية المضافة.
إذا كنت ترغب في التخلص من الوزن الزائد، خذ قهوتك "سادة"، عربية/تركية أم سوداء. ترتفع السعرات الحرارية بسرعة عند إضافة الحليب والقشدة والسكر والشراب. وهناك صلة عميقة بين المشروبات المحلاة بالسكر والسمنة.
وإذا كنتَ تحب المذاق الحلو في قهوتك، فإليك نصيحة مجانية ستحبها بالتأكيد: جرّب القرفة بدلاً من السكر، وسيمكنك بالتالي خفض السعرات الحرارية.
وبالحديث عن السعرات الحرارية المضافة، قاوم رغبتك في تناول كعكة أو بسكويت أو ملبن مع قهوتك. والأهم أن تجرّب تناول القهوة في المنزل، حتى تتجنب الإغراء.