قد تُسبب العمى والأزمات القلبيّة.. كيف يمكن أن تؤثر الصدفية على جسدك بالكامل

عربي بوست
تم النشر: 2022/10/01 الساعة 12:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/10/01 الساعة 12:02 بتوقيت غرينتش
Shutter Stock/ الصدفية

تُعتبر الصدفية من الأمراض المزعجة لأي شخص قد يُصاب بها، فلا أحد يحب أن يظهر لديه طفح جلدي وبقع قشرية، سواء على فروة رأسه أو حتى على ركبتيه أو جذع جسمه، ولكن في المقابل هل كنتم تعلمون أنّ مساوئ الصدفية أكبر من ذلك بكثير، وقد تصل إلى حدّ التسبّب في حدوث التهابات مزمنة قد تكون خطيرة؟

ما هي الصدفية؟

الصدفية هي مرض جلدي مزمن، يعكس بالأساس الكثير مما يحدث داخل الجسم، تحدث الصدفية نتيجة فرط نشاط الجهاز المناعي، الأمر الذي يتسبّب في حدوث التهابات مزمنة.

بينما نرى آثار تلك الالتهابات ظاهرة على سطح الجلد، فإنَّها قد تنتقل أيضاً إلى مناطق أخرى من الجسم، من بينها العينان والمفاصل والقلب.

تابع القراءة لفهم ما يحدث بالضبط عندما تكون مصاباً بالصدفية، وكيف يمكن أن يتجاوز تأثير هذه الحالة المرضية سطح الجلد؛ ليمتد إلى أجزاء أخرى من الجسم، بالإضافة إلى معرفة بعض خيارات العلاج المُجدية.

ماذا يحدث لجهازك المناعي؟

وفقاً لما ذكرته مجلة SELF الأمريكية، فإنه عندما يحتاج جسمك إلى الاستجابة لعدوى أو إصابة أو مادة تهدد صحتك بطريقة ما (مثل مسببات الحساسية)، ينبغي لجهازك المناعي البدء في تحفيز خلايا مختلفة لمواجهة أي عدوى دخيلة، قد تُمثّل ضرراً محتملاً على الجسم.

تنتقل هذه الخلايا إلى المنطقة المصابة وتبدأ عملية الشفاء، التي يصاحبها حدوث التهابات. عندما يحدث نشاط زائد في جهازك المناعي، كما هو الحال مع جميع أمراض المناعة الذاتية، ومن ضمنها الصدفية، فإنَّه يستمر في إرسال عدد كبير من الخلايا المقاومة المسببة للالتهاب، حتى في حالة عدم وجود تهديد حقيقي للجسم.

Shutter Stock/ الصدفية
Shutter Stock/ الصدفية

في حالة الأشخاص المصابين بالصدفية، يُعتقد أنَّ ثمة استجابة مناعية مغلوطة، حيث يخطئ الجهاز المناعي في تمييز الخلايا الصحية ويهاجمها باعتبارها مصدر تهديد للجسم.

يؤدي ذلك إلى تحفيز نمو خلايا الجلد الجديدة بمعدل أسرع من الطبيعي، مسبباً الطفح الجلدي المميز للصدفية.

ثمة عدة أنواع من الصدفية، إذ يعاني غالبية المصابين من صدفية الطبقات (الصدفية اللويحية)، حيث يظهر الطفح الجلدي على شكل طبقات رقيقة من الجلد الجاف المتقشر الأحمر اللون، ومغطاة بقشور فضية.

يقول بنيامين أنغار، الأستاذ المساعد بقسم الأمراض الجلدية في "مدرسة طب ماونت سيناي" الأمريكية: يُعد هذا الطفح الجلدي مجرد علامة واضحة مرئية على الالتهاب، لكن يمكن للطبيب قياس مستويات الالتهاب داخل الجسم".

وأضاف: "قد يتسبب وجود مستويات التهاب أعلى من المعدل المعتاد باستمرار في إلحاق أضرار بمختلف أجزاء الجسم، بدءاً من مفاصلك إلى شرايينك". 

يعتبر الأشخاص المصابون بالصدفية أكثر عرضة أيضاً للإصابة بأنواع أخرى من أمراض المناعة الذاتية، من بينها أشكال معينة من التهاب المفاصل ومرض الأمعاء الالتهابي (IBD).

تأثير الصدفية على القلب والأوعية الدموية

إنَّ الإصابة بحالة متوسطة إلى شديدة من الصدفية تزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والتمثيل الغذائي، مثل ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم والسمنة.

لذلك، فإنّ حدوث الالتهاب الجهازي في الجسم مرتبط بتراكم الترسبات والكوليسترول في الشرايين، ما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى عرقلة التدفق الصحي للدم وتعريضك لخطر الإصابة بأمراض القلب.

وبسبب تلك المخاطر الصحية المحتملة، يُستحسن للأشخاص المصابين بالصدفية إجراء فحص سنوي لضغط الدم والكوليسترول، والتحدث مع الطبيب الخاص بهم في حال وجود تاريخ طبي للعائلة مع أمراض القلب.

تأثير الصدفية على المفاصل

وفقاً لمؤسسة National Psoriasis Foundation الأمريكية، يعاني حوالي 30% من المصابين بالصدفية من التهاب المفاصل الصدفي، وهو حالة التهابية في المفاصل والأوتار والأربطة.

ويجري تشخيص معظم الأشخاص بالصدفية أولاً قبل احتمالية تطويرهم لأعراض التهاب المفاصل الصدفي – مثل آلام المفاصل وآلام أسفل الظهر وتورم في أصابع اليدين والقدمين.

بينما قد تظهر بعض علامات الالتهاب المرتبطة بالصدفية والتهاب المفاصل الصدفي في الاختبار المعملي، فإنَّه لم يتضح بعد سبب الارتباط الوثيق بين كلتا الحالتين. لكن من المعروف طبياً أنَّ التهاب المفاصل الصدفي قد يصيب أي مريض بالصدفية في أي عمر.

تأثير الصدفية على الجهاز الهضمي

إذا كنت مصاباً بالصدفية، تتضاعف احتمالية إصابتك بداء الأمعاء الالتهابي (IBD) بمقدار 5 مرات.

ومع ذلك، لا يمكننا الجزم حقاً بأنَّ الصدفية تسبب داء الأمعاء الالتهابي أو العكس، لكن العلاقة بينهما جديرة بالملاحظة.

يعود مرة أخرى السبب المحتمل للارتباط بين الحالتين إلى حدوث الالتهاب المزمن، لأنَّ داء الأمعاء الالتهابي -بما في ذلك مرض كرون والتهاب القولون التقرحي- يندرج أيضاً ضمن أمراض المناعة الذاتية. إذا كانت الأعراض -مثل الشعور بالانتفاخ وآلام البطن والإسهال ووجود دم في البراز- تظهر على نحو متكرر، أو تستمر لأكثر من بضعة أيام، فينبغي استشارة الطبيب الخاص بك لتلقي العلاج المناسب.

تأثير الصدفية على العينين

قد تؤثر الصدفية تأثيراً واضحاً في مظهر الجلد حول العينين، حيث يظهر طفح جلدي متقشر ومثير للحكة.

لكن الالتهاب الكامن داخل الجسم الناجم عن الصدفية أو التهاب المفاصل الصدفي قد يؤدي إلى حدوث التهاب للعينين.

مرة أخرى، لم يتضح بعد سبب حدوث ذلك بالضبط، لكن الالتهاب الخاص بالصدفية قد يلحق ضرراً بخلايا العينين. وفقاً لبحث نُشر في مجلة طب الأسرة والرعاية الصحية الأولية، يعاني حوالي 65% من المصابين بالصدفية من التهاب في العين في مرحلة ما من حياتهم.

هذا يعني احتمالية تطور الحالة إلى التهاب العنبية، وهو التهاب داخل العين تشمل أعراضه حدوث احمرار والشعور بألم وتشوش في الرؤية. قد يؤدي التهاب العنبية إلى فقدان دائم للرؤية في حال تُرك دون علاج. فإذا كانت تعاني من هذه الأعراض، فمن المهم استشارة الطبيب الخاص بك، الذي قد يوصيك بزيارة طبيب عيون.

أسباب الصدفية

وفقاً لما ذكره موقع Mayo Clinic الطبي الأمريكي، فإنّ السبب الأساسي وراء الصدفية هو وجود مشكلة في الجهاز المناعي تسبب نمو خلايا الجلد أسرع من المعتاد.

وينتج عن هذا النمو السريع للخلايا في أكثر أنواع الصدفية شيوعاً -المعروف باسم الصدفية اللويحية- بقع قشرية جافة.

لا يُعرف بشكل واضح سبب الإصابة بالصدفية، لكن يُعتقد أنها مشكلة في الجهاز المناعي تهاجم فيها الخلايا المقاومة للعدوى خلايا الجلد السليمة على سبيل الخطأ، ويعتقد أن العوامل الوراثية والبيئية تؤدي دوراً في هذا الأمر. وهذه الحالة ليست معدية.

أعراض الصدفية

تشمل المؤشرات والأعراض الشائعة للصدفية ما يلي:

  1. طفح جلدي على شكل بقع يتفاوت شكله كثيراً من شخص لآخر، ويتراوح ما بين بقع تشبه قشرة الرأس، وطفح جلدي شديد على نطاق واسع من الجسم.
  2. الطفح الجلدي متنوع اللون الذي يميل إلى درجات الأرغواني مع قشور رمادية على البشرة البنية أو السوداء، أو قد يميل الطفح إلى درجات الوردي والأحمر مع قشور فضية على الجلد الأبيض.
  3. بقع صغيرة متقشرة (تشيع بين الأطفال).
  4. جلد جاف متشقق، وقد ينزف.
  5. الحكة أو الحرقان أو الوجع.
  6. الطفح الجلدي الدوري الذي يحتدم لبضعة أسابيع أو أشهر ثم يهدأ،

هناك عدة أنواع من الصدفية، يختلف كل منها في المؤشرات والأعراض:

الصدفية اللويحية: تسبب الصدفية اللويحية، وهي أكثر أنواع الصدفية شيوعاً، ظهور بقع جلدية (لويحات) جافة ومثيرة للحكة وبارزة ومغطاة بقشور. وقد تكون قليلة أو كثيرة. وتظهر عادةً على المرفقين والركبتين وأسفل الظهر وفروة الرأس. وتختلف البقع في اللون حسب لون البشرة. وقد يشفى الجلد المصاب مع ترك تغيرات مؤقتة في اللون (فرط التصبغ التالي للالتهاب)، خاصة على البشرة البنية أو السوداء.

صدفية الأظافر: قد تؤثر الصدفية على أظافر اليدين والقدمين، مما يؤدي ظهور حُفَرٍ صغيرة في الأظافر، وتغير لونها ونموها بشكل غير طبيعي. وقد تصبح الأظافر المصابة بأعراض الصدفية رخوة ومنفصلة عن قاعدة الظفر (انفكاك الظفر). وقد تؤدي الحالات الشديدة إلى تفتت الظفر.

الصدفية النقطية أو القَطْرية: تؤثر الصدفية النقطية في المقام الأول على اليافعين والأطفال. وعادةً ما تحدث بسبب عدوى بكتيرية مثل التهاب الحلق العقدي. وتتميز ببقع قشرية صغيرة على شكل قطرات على الجذع أو الذراعين أو الساقين.

صدفية الثنيات: تؤثر صدفية الثنيات بشكل رئيسي في ثنيات الجلد، ولا سيما في الأُربية والأليتين والثدي. وتتسبب في ظهور بقع ملساء من الجلد الملتهب تزداد سوءاً مع الاحتكاك والتعرق. وقد تؤدي الالتهابات الفطرية إلى ظهور هذا النوع من الصدفية.

الصدفية البثرية: تسبب الصدفية البثرية، وهي نوع نادر، بثوراً ظاهرة مليئة بالصديد. ويمكن أن تظهر على شكل بقع منتشرة أو في مناطق صغيرة على راحة اليد أو باطن القدم.

الصدفية المحمِّرة للجلد: يمكن أن يغطي النوع الأقل شيوعاً من الصدفية، وهو الصدفية المحمِّرة للجلد، الجسم بالكامل بطفح جلدي متقشر يمكن أن يسبب شعورا شديدا بالحكة أو الحرق. ويمكن أن تكون قصيرة الأجل (حادة) أو طويلة الأجل (مزمنة).

Shutter Stock/ السبب الأساسي وراء الصدفية هو وجود مشكلة في الجهاز المناعي تسبب نمو خلايا الجلد أسرع من المعتاد.
Shutter Stock/ السبب الأساسي وراء الصدفية هو وجود مشكلة في الجهاز المناعي تسبب نمو خلايا الجلد أسرع من المعتاد.

محفزات الصَّدفية

قد لا تظهر الأعراض على العديد من الأشخاص المعرضين للإصابة بالصدفية لسنوات حتى تحفز بعض العوامل البيئية المرض، وتتضمن المحفِّزات الشائعة للصدفية ما يلي:

  • حالات العدوى، مثل التهاب الحلق العقدي أو حالات العدوى الجلدية.
  • أحوال الطقس، خاصةً الأجواء الباردة والجافة.
  • إصابات الجلد مثل: الجروح أو الخدوش أو لدغات الحشرات أو حروق الشمس الشديدة.
  • التدخين والتعرض للتدخين السلبي.
  • الإفراط في شُرب الكحوليات.
  • أدوية معينة، من بينها الليثيوم وأدوية ارتفاع ضغط الدم والأدوية المضادة للملاريا.

المضاعفات

إذا كنت مصاباً بالصدفية، فأنت أكثر عُرضة للإصابة بحالات مَرَضية أخرى؛ منها:

  1. التهاب المفاصل الصدفي الذي يسبب الألم والتيبس والتورم في المفاصل وحولها.
  2. تغيرات مؤقتة في لون الجلد (فرط التصبغ أو نقص التصبغ التاليين للالتهاب) في المناطق التي تلتئم فيها اللويحات.
  3. أمراض العين، مثل التهاب الملتحمة والتهاب الجفن والتهاب العنبية.
  4. السُمنة.
  5. مرض السكري من النوع الثاني.
  6. ارتفاع ضغط الدم.
  7. المرض القلبي الوعائي.
  8. أمراض المناعة الذاتية الأخرى، مثل الداء البطني والتصلب ومرض الأمعاء الالتهابي المسمى داء كرون.
  9. مشكلات الصحة العقلية مثل تراجع الثقة بالنفس والاكتئاب.

علاج الصدفية

لحسن الحظ، هناك العديد من العلاجات، بعضها يبطئ نمو خلايا الجلد الجديدة، والبعض الآخر يخفف الحكة وجفاف الجلد.

سيختار طبيبك خطة العلاج المناسبة لك بناءً على حجم الطفح الجلدي، ومكانه على جسمك وعمرك وصحتك العامة وأشياء أخرى، تشمل العلاجات الشائعة وفقاً لما ذكره موقع WebMD الطبي الأمريكي ما يلي:

  • كريمات الستيرويد.
  • مرطبات للبشرة الجافة.
  • قطران الفحم (علاج شائع لصدفية فروة الرأس، متوفر في المستحضرات والكريمات والرغوات والشامبو ومحاليل الاستحمام).
  • كريم أو مرهم يحتوي على فيتامين د (نوع قوي يطلبه طبيبك. فيتامين د في الأطعمة والحبوب ليس له أي تأثير).
  • كريمات الريتينويد.

عوامل الخطر

يمكن أن يُصاب أي إنسان بالصدفية، ويبدأ حوالي ثلث حالات الإصابة في مرحلة الطفولة. وقد تزيد العوامل التالية من خطر الإصابة بالمرض:

التاريخ العائلي المرضي: تسري الحالة المَرضية في العائلات، فإصابة أحد الوالدين بالصدفية يزيد من خطر إصابتك بالمرض، كما أن إصابة الوالدين معاً بالصدفية يزيد من احتمالية إصابتك بالمرض بشكل أكبر.التدخين: لا يؤدي تدخين التبغ إلى زيادة احتمالية الإصابة بالصدفية فحسب، بل قد يزيد أيضاً من شدة المرض.

ملحوظة مهمة حول المعلومات الطبية الواردة في المقالة

يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.

إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.

تحميل المزيد