على الرغم من أن هناك مميزات يجنيها الشخص الذي يفضِّل العيش وحيداً وبعيداً عن ثرثرات الناس، فإن الوحدة والعزلة الاجتماعية، على ما يبدو، لهما مضار صحية قد تؤدي إلى الموت أحياناً.
الشعور بالوحدة يسبب نوبات قلبية وسكتات دماغية
دراسة حديثة نشرتها جمعية القلب الأمريكية (AHA) في 5 أغسطس/آب 2022، حذَّرت من أنَّ العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة يجعلان الناس أكثر عرضة بنسبة 30% للإصابة بالنوبات القلبية أو السكتة الدماغية أو الوفاة.
وقال الدكتور كريستال وايلي سيني، الذي ترأس الفريق الذي أجرى الدراسة: "على مدى 40 عاماً من البحث، أثبتت الدراسة بوضوحٍ أن العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة يرتبطان بنتائج صحية ضارة".
وأكد سيني وفقاً لما ذكرته صحيفة WebMD الطبية الأمريكية، أن ما يقرب من ربع البالغين في الولايات المتحدة الأمريكية الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً أو أكبر، معزولون اجتماعياً، وقد يكون ما يصل إلى 47% وحيديين، مضيفاً أن خطر الوحدة والعزلة الاجتماعية يزداد مع تقدُّم العمر، بسبب عدّة عوامل، مثل التقاعد والترمل.
فيما يقترح الباحثون أن هذه الزيادة يمكن مقارنتها بعوامل الخطر النفسي الأخرى المعترف بها، مثل القلق والعمل المجهد.
ما الجيل الأكثر عزلة؟
في المقابل تشير جامعة هارفارد إلى أن الجيل الأكثر وحدة هو الجيل Z- الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و22 عاماً- والذين قد يكونون أيضاً الأكثر عزلة.
أما السبب ففسرت الجامعة بأن ذلك قد يكون بسبب قضائهم وقتاً أطول على وسائل التواصل الاجتماعي ووقتاً أقل في الانخراط بأنشطة شخصية مفيدة.
هل العزلة والوحدة متشابهتان؟
على الرغم من أن العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة مرتبطان، فإنهما ليسا الشيء نفسه، إذ إن الأفراد يمكنهم أن يعيشوا حياة منعزلة نسبياً ولا يشعرون بالوحدة، وعكس ذلك، قد يظل الأشخاص الذين لديهم العديد من الاتصالات الاجتماعية يعانون من الوحدة.
فالعزلة الاجتماعية هي وجود اتصال شخصي غير متكرر مع الأشخاص من أجل العلاقات الاجتماعية، مثل العائلة أو الأصدقاء أو أفراد من المجتمع نفسه أو المجموعة الدينية. أما الوحدة فهي عندما تشعر بأنك وحيد أو أن اتصالك بالآخرين أقل مما تريد.
وللتحقق من العلاقة بين العزلة الاجتماعية وصحة القلب والأوعية الدموية وصحة الدماغ، استعرض فريق الكتابة بحثاً عن العزلة الاجتماعية نُشر حتى يوليو/تموز 2021.
ووجدت المراجعة أن العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة من العوامل المتكررة ولكن لا تحظى بالتقدير والتي تؤثر على القلب والأوعية الدموية والدماغ، كما يرتبط الافتقار إلى الروابط الاجتماعية بارتفاع خطر الوفاة المبكرة لأي سبب، خاصة عند الرجال.
وعند تقييم عوامل الخطر للعزلة الاجتماعية، من المهم أن نتذكر أن الاكتئاب قد يسبب العزلة، والعزلة قد تجعل الاكتئاب أكثر احتمالاً.
فيما ترتبط العزلة الاجتماعية في مرحلة الطفولة بزيادة عوامل الخطر على صحة القلب، وضمن ذلك السمنة وارتفاع ضغط الدم وارتفاع مستويات السكر في الدم.
كما أن العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة يرتبطان أيضاً بتوقعات أسوأ لدى الأفراد المصابين، بالفعل بأمراض القلب التاجية أو السكتة الدماغية.
إلى جانب السلوكيات التي لها تأثير ضار على صحة القلب والدماغ، ترتبط العزلة والوحدة بمستويات أقل من النشاط البدني المبلغ عنه ذاتياً وانخفاض تناول الفواكه والخضراوات.
الوحدة والعزلة الاجتماعية يدفعان الشخص إلى التدخين
كريستوفر ألين، طبيب القلب الأولُ في مؤسسة القلب البريطانية، قال: "العزلة الاجتماعية مشكلة خطيرة تؤثر على عدة آلاف من الناس في جميع أنحاء العالم، نحن نعلم أن الشعور بالوحدة وقلة الاتصالات الاجتماعية يمكن أن يؤديا إلى عادات نمط الحياة السيئة مثل التدخين، مما قد يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية".
وأضاف: "من المهم لأي شخص يتأثر بالوحدة أن يتذكر أنه يمكنه الوصول إلى طبيبه العام للحصول على المساعدة والمشورة، وأيضاً اتخاذ مزيد من الخطوات لتحسين رفاهيته".
طرق التغلب على الوحدة
الشعور بالوحدة يؤثر على كثير منا، لا سيما كبار السن الذين يقضي الملايين منهم معظم أيام الأسبوع دون رؤية أو التحدث إلى أي شخص.
فيما يلي، بعض الأفكار التي قد تساعد على تقليل الشعور بالوحدة، لاسيما لكبار السن.
ممارسة هواية جديدة
يعد التقاعد وقتاً رائعاً لاستعادة هوايات قديمة مرة أخرى، أو حتى ممارسة هوايات جديدة، مثل قراءة الكتب أو الرسم أو حتى المشي والتعرف على أصدقاء جدد.
كما يمكنك إنشاء مجموعتك الخاصة، والالتقاء كل شهر، والتناوب على استضافتهم في منزلك وتقديم الوجبات الخفيفة.
إذا كنت ترغب فقط في القراءة مع الآخرين من حولك، فإن معظم المكتبات توفر الوصول والتسهيلات لكبار السن والأشخاص ذوي القدرة المحدودة على الحركة.
الرياضات الجماعية
تعتبر الرياضات الجماعية طريقة رائعة لتكوين صداقات والتي تنصح بها جمعية القلب البريطانية، لأنك تقابل الأشخاص أنفسهم بشكل منتظم.
وتشمل الرياضات الجماعية غير المرهقة البولينغ والمشي والسنوكر وتنس الطاولة.
زيارة المقهى الشعبي في منطقتك
واحدة من أفضل الطرق لمقابلة أشخاص جدد وتكون اجتماعياً، شرب فنجان من القهوة وكوب من الشاي في مقهى الحي، حيث تتعرف على كثير من الأصدقاء.
تخطيط الوجبات
قد تسهّل الوحدة إهمال الوجبات والانغماس في نوبات الشراهة غير الصحيّة.
ومن المهم تناول الطعام الصحي حتى لو كنت بمفردك أو تعاني من مشاعر العزلة الاجتماعية.
لذا عليك اعتياد تخطيط وجباتك للأسبوع، أو التخطيط لتناول الغداء أو العشاء مع صديق أو أحد أفراد العائلة.
قيِّم أهداف حياتك
الوحدة يمكنها أن تعسِّر متابعة الأهداف طويلة المدى أو رؤية الصورة الأكبر للمستقبل.
وبالمثل، من الصعب أن تشعر بالوحدة في حالة وضوح تلك الأهداف، الشخصية أو المهنية.
اقضِ الوقت الكافي لمراجعة أهدافك المنشودة لهذا العام وتقييم المحاولات التي بذلتها لتحقيق أهدافك حتى هذه اللحظة.
وضع في اعتبارك تبديل الأهداف غير الواقعية، وتقسيم مسارك الذي تنتهجه نحو الأهداف الواقعية إلى خطوات قابلة للتحقيق، لتناسب الإنجاز على المدى القصير.
وأخيراً، فإن الشعور بالوحدة شعور عابر ومُؤقَّت في معظم الأوقات، أي إنَّنا نعلم أنَّه سيمرُّ مع الوقت وستدفعنا الوحدة إلى محاولة التواصل مع الآخرين.
ولكن بالنسبة لكثيرين من بيننا، فإنَّ هذا الشعور أمرٌ يُصيبنا طوال الوقت، إذ يصير حالةً قائمة أكثر من كونها مُجرَّد مشكلةٍ مؤقتة، ويُمكن لهذه الوحدة المزمنة أن تُؤذينا بمرور الوقت.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.