يُعتبر الإيدز (AIDS)، أو فيروس نقص المناعة البشرية، مرضاً مزمناً قد يشكّل خطراً على حياة الإنسان، وهو ناجم عن فيروس يسبّب قصوراً في الجهاز المناعي. يتداخل فيروس نقص المناعة البشرية HIV مع قدرة الجسم على محاربة العدوى والمرض، من خلال تدمير الجهاز المناعي.
وفيروس نقص المناعة البشرية (Human Immunodeficiency Virus) ينتقل جنسياً، وعن طريق التعرّض للدم الذي يحمل العدوى، أو عبر تعاطي المخدرات عن طريق الحقن أو تشارُكها. كما قد ينتقل من الأم للطفل خلال الحمل، أو الولادة، أو الرضاعة الطبيعية.
من المهم الإشارة هنا إلى أن فيروس نقص المناعة البشرية قد يستغرق سنوات عدّة، قبل أن يُضعف الجهاز المناعي، إلى درجة الإصابة بالإيدز. وفي حال عولج الفيروس، يمكن التعايش معه.
لا يوجد علاج شافٍ لفيروس نقص المناعة البشري/الإيدز، ولكن تعمل الأدوية على السيطرة على العدوى والوقاية من مضاعفات المرض. وقد أثبتت مضادات الفيروسات، التي تعالج فيروس نقص المناعة البشري، فعاليتها في تقليل حالات الوفاة منه حول العالم.
كيف يعمل مرض الإيدز؟
يسلب الفيروس الجسم قدرته على محاربة الفيروسات، والجراثيم، والفطريات، من خلال ضربه للجهاز المناعي، فيصبح الجسم عرضةً للإصابة بأمراض مختلفة.
ووفق موقع WebTeb، يمكن للإيدز أن يعرّض جسم الإنسان للإصابة بأنواعٍ معينة من السرطان والالتهابات التي كان بإمكانه محاربتها والتغلّب عليها، مثل الالتهاب الرئوي، والسحايا.
وكما ذكرنا، يشكل مصطلح نقص المناعة المُكتسب أو مُتلازمة العوز المناعي المُكتسب (Acquired Immunodeficiency Syndrome) تعريفاً لمرض الإيدز في مراحله الأكثر تقدماً.
في يونيو/حزيران من عام 1981، أعلن علماء في الولايات المتحدة عن أول دليلٍ سريري لمرضٍ عُرف لاحقاً باسم الإيدز. وفي عام 1983، اكتُشف أن فيروس نقص المناعة البشرية هو السبب.
ووفق الموقع الرسمي للأمم المتحدة، فقد أصيب نحو 75 مليون شخص بالفيروس منذ بداية تفشي الوباء، وتوفي ما يقارب 32 مليوناً من أمراضٍ مرتبطة بالإيدز. وفي عام 2019، وصل عدد الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية إلى 38 مليوناً.
ولكن اعتباراً من عام 2020، حصل 27.4 مليون مصاب على العلاج بالفيروسات المعكوسة. وفي الوقت نفسه، وعلى الرغم من انخفاض الإصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة البشرية، إلا أنه لم يزل هناك عدد كبير من الإصابات الجديدة والوفيات المرتبطة بالإيدز.
أعراض مرض الإيدز ومراحله
تتنوع أعراض فيروس نقص المناعة البشري بحسب مرحلة العَدوى، وهناك 4 مراحل:
- العدوى الأولية (فيروس نقص المناعة البشري الحاد):
حين يُصاب الشخص بمرضٍ شبيه بالإنفلونزا خلال أسبوعين أو 4 أسابيع من دخول الفيروس إلى الجسم. وقد يستمر بضعة أسابيع.
قد تكون أعراض المرض بسيطة جداً خلال تلك الفترة، وقد لا تلاحظها. ومع ذلك، فإن الفيروس في مجرى دمك (الحمل الفيروسي) يكون مرتفعاً جداً حينها. ونتيجة لذلك، تنتشر العدوى في هذه المرحلة الأولية بسهولة أكثر، من انتشارها في المرحلة التالية.
- إصابة سريرية كامنة (فيروس نقص المناعة البشري المزمن):
حين لا يزال فيروس نقص المناعة البشري موجوداً في الجسم وفي خلايا الدم البيضاء. ومع ذلك، قد لا يشعر العديد من المرضى بأية أعراض أو التهابات أثناء هذه الفترة. ويُمكن أن تستمر هذه المرحلة لسنوات عديدة إذا لم تتلقَّ العلاج المضاد للفيروسات القهقرية (ART).
- عدوى فيروس نقص المناعة البشري العرضي:
حين يستمر الفيروس في التكاثر وتدمير الخلايا المناعية، فتُصاب الخلايا، التي تساعد في محاربة الجراثيم، بعدوى خفيفة؟
- تفاقم العدوى وصولاً إلى الإصابة بالإيدز:
يتحول فيروس نقص المناعة البشري، في حال عدم علاجه، إلى مرض الإيدز خلال 8 أو 10 سنوات؛ وعند الإصابة بالإيدز، يتعرض الجهاز المناعي لضررٍ كبير، ويكون الشخص حينها أكثر قابلية للإصابة بأمراض لا تصيب في العادة ذوي الأجهزة المناعية السليمة. وتسمى هذه الأمراض العدوى الانتهازية أو السرطانات الانتهازية.
وفي المراحل جميعها، غالباً ما تتراوح الأعراض بين التالي:
- الحمى
- الصداع
- الإسهال
- العُقَد اللمفية المتضخمة، وغالباً ما تكون إحدى أولى علامات الإصابة بالفيروس
- فقدان الوزن
- التهاب الرئة
- آلام العضلات والمفاصل
- الطفح الجلدي والبثور غير المبرّرة
أسباب مرض الإيدز
الاتصال الجنسي: يمكن الإصابة بالعدوى بالإيدز عن طريق اتصال جنسي مهبلي، أو فموي، أو شرجي، مع شريكٍ حامل للفيروس. كذلك، فإن الاستعمال المشترك لألعاب جنسية غير معقّمة أو غير مغلّفة بعازل (Condom) جديد، بين الاستعمال والآخر، من شأنه أن ينقل الإصابة.
عبر الدم الملتهب: في بعض الحالات من الممكن أن ينتقل فيروس الإيدز بواسطة الدم أو مشتقات الدم التي تُعطى عن طريق الحقن بالوريد، وهو أحد أسباب الإيدز المنتشرة. وينتقل الإيدز بسهولة بواسطة الإبر أو الحقن الملتهبة التي لامست دماً ملوثاً.
من الأمّ إلى طفلها: خطر إصابة الجنين بالعدوى بالإيدز عند تعاطي الأم علاجاً لفيروس الإيدز، خلال فترة الحمل، يقلّ بدرجة كبيرة جداً. في الولايات المتحدة الأمريكية تخضع غالبية النساء إلى فحوصات مبكرة لاكتشاف أضداد فيروس الإيدز، كما تتوفر لهنّ أدوية لمعالجة الفيروسات القهقـَرِية (Retroviruses).
لكن الوضع في الدول النامية مختلف؛ حيث تفتقر غالبية النساء إلى الوعي بحالاتهن الصحية، فتصبح فرص وإمكانيات علاج الإيدز محدودة جداً.
معتقدات خطأ عن فيروس نقص المناعة البشرية:
- الإيدز بمثابة الحكم بالإعدام:
خطأ؛ صحيح أنه أكثر الأوبئة فتكاً في تاريخنا المعاصر، لكن اليوم وبفضل المضادات الفيروسية، يمكن لأي أحد أن يمنع تطور المرض والعيش معه وسط حياة طبيعية وطويلة. يصبح الإيدز بمثابة حكم الإعدام حين لا نتلقى العلاج بالمضادات الفيروسية.
- الإيدز مرض المثليين:
خطأ؛ يمكن لأي شخص، بغضّ النظر عن ميوله الجنسية أو هويته الجنسية، أن يُصاب بفيروس نقص المناعة البشرية. وصف فيروس نقص المناعة البشرية بأنه مرض "مثلي" هو مصطلح غير صحيح طبياً على الإطلاق.
وبحسب موقع "أطباء بلا حدود"، تبلغ نسبة النساء من عدد المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية في إفريقيا 59%. وفي جنوب إفريقيا، تعتبر الفتيات بين عمر 15 و19 أكثر عرضة للإصابة 8 مرات من أقرانهن من الذكور.
صحيح أن الذكور الذين يمارسون الجنس فيما بينهم معرّضون للإصابة بالفيروس، لكن الأمر نفسه ينطبق على عاملات الجنس ومدمني المخدرات بالحقن، وهو ما حدا بالأمم المتحدة للتركيز كثيراً في برنامجها لمكافحة الداء على هذه الفئات الأكثر عرضة للإصابة.
كذلك، فإن 45% من الأطفال الذين يحملون الفيروس، عند الولادة، ينتمون لمنطقة غرب ووسط إفريقيا، لماذا؟ لأن أمهاتهم لم يتلقين العلاج.
يمكن لأي شخص، بغضّ النظر عن ميوله الجنسية أو هويته الجنسية، أن يُصاب بفيروس نقص المناعة البشرية.
- الأمهات المتعايشات مع فيروس نقص المناعة البشرية ينجبن أطفالاً مصابين بالفيروس:
إذا كانت الأم تخضع للعلاج الأمثل بالمضادات الفيروسية، فاحتمال انتقال الفيروس للمولود لا تتجاوز 2%. ومنذ عام 2000، تقلّص عدد المواليد الحاملين للفيروس في العالم بنسبة 60%. كما أعلنت كوبا في عام 2015 قضاءها تماماً على انتقال الفيروس من الأم لمولودها بفضل هذه المضادات.
لكن هذا النصر يظل مرة أخرى رهناً بتوفر العلاج بالمضادات الفيروسية، الذي لا يتمكن من الحصول عليه سوى 39% من النساء الحوامل اللواتي تم تشخيص إصابتهن بالفيروس في غرب ووسط إفريقيا.
- استعمال الواقي الذكري هو السبيل الوحيد لمنع انتقال الفيروس من وإلى الشريك:
من المؤكد أن العازل الطبي جد فعال في منع انتقال الفيروس، لكنه ليس الوسيلة الوحيدة لتحقيق ذلك؛ فقد أظهرت الدراسات أن العلاج بالمضادات الفيروسية يقلص احتمال انتقال الفيروس بنسبة 96% بين الزوجين إذا كان أحدهما مصاباً بالإيدز. وهناك أيضاً أدوية جديدة تحمي غير المصابين من انتقال الفيروس إليهم.
من المهم الترويج لاستعمال الواقي كوسيلة لمحاربة الإيدز، لكن يجب تمكين الناس من مجموعة من الأدوات الوقائية، ومنحهم فرصة اختيار الأنسب لحالتهم، فتوفير العلاج بالمضادات الفيروسية جزء أساسي من عملية السيطرة على الوباء.
علاج الإيدز
لا يوجد حالياً علاج يشفي تماماً من فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز. بمجرّد الإصابة بالعدوى، لا يستطيع جسمك التخلص منها. لكن وعلى الرغم من ذلك، فهناك العديد من الأدوية التي يمكنها السيطرة على الفيروس والوقاية من المضاعفات.
يُطلق على هذه الأدوية، العلاج المضاد للفيروسات القهقرية. ويمكن لكلّ من تمّ تشخيصه بفيروس نقص المناعة البشري البدء في العلاج بالمضاد للفيروسات القهقرية، بصرف النظر عن مرحلة العدوى أو المضاعفات.
العلاج المضاد للفيروسات القهقرية هو عادة مُركّب يتكوّن من دواءين أو أكثر من العديد من أصناف الأدوية المختلفة. وهذا الأسلوب العلاجي هو الأقرب احتمالاً لتقليل انتشار فيروس نقص المناعة البشري في الدم.
وهناك العديد من خيارات العلاج المضاد للفيروسات القهقرية التي تدمج عدة أدوية لفيروس نقص المناعة البشري في قرصٍ واحد، يؤخذ مرة واحدة يومياً. كل فئة من الدواء تحجب الفيروس بطريقة مختلفة.
يتضمن العلاج مجموعات من الأدوية من فئات مختلفة من أجل:
- أخذ مقاومة الدواء الفردية في الاعتبار (النمط الجيني الفيروسي).
- زيادة تثبيط الفيروس في الدم إلى أقصى درجة.
- تجنّب خلق سلالات جديدة من فيروس نقص المناعة البشري مقاومة للدواء.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.