يبحث كثير من الأشخاص عن طرق للالتزام بنظام غذائي والحفاظ على وزن صحي إلى الأبد، لكن العقبة هي أن مشكلات الوزن ليست بسيطة وأحياناً يكون فقدان الوزن في غاية الصعوبة والمشقة. أما الأسباب التي تجعل الالتزام بالنظام الغذائي تحدياً في غاية الصعوبة، فحدِّث ولا حرج.
نستعرض في هذا التقرير الأسباب الصحية الكامنة خلف عدم رؤية الرقم العنيد على الميزان وهو يتناقص كل شهر أو كل أسبوع.
صعوبة الالتزام بنظام غذائي سببه خلل
يشعر كثير من الأشخاص (لا سيما السيدات) بالإحباط، بسبب الوزن الزائد وعدم القدرة على الالتزام بنظام غذائي. ويعتقد كثيرون أن سبب الوزن الزائد هو عدم قدرتهم على التحكم في أنفسهم بما يكفي أمام الطعام.
إلا أن هذا الاعتقاد قد يؤدي إلى مشكلات تتعلق بتقدير واحترام الذات أو الاستسلام لفكرة "الإرادة الضعيفة"، حسب موقع Mindful Eating البريطاني.
تعتمد الأنظمة الغذائية التقليدية على تقليص السعرات الحرارية، ما يعني اضطرار الأشخاص إلى الاختيار بين الوزن الزائد أو الجوع. إلا أن عدم التحكم في النفس بما يكفي أمام الطعام أو فرط الأكل ليس السبب الوحيد (أو حتى الرئيسي) الذي يؤدي إلى مشكلات الوزن الزائد.
مصطلح فرط الأكل ليس له معنى من الناحية البيولوجية، فأجسادنا مصممة لتشعر بالجوع عندما تحتاج إلى طاقة وتشعر بالشبع عندما لا تحتاج إلى الطاقة.
في معظم الأحيان يعمل كل شيء بشكل جيد على النحو المتوقع، لكن في بعض الأحيان يحدث خلل في تلك الدورة.
مشكلة الجوع والشبع
غالباً ما يرجع سبب الخلل في دورة الجوع/الشبع إلى ما يُسمى "مقاومة اللبتين". واللبتين هو الهرمون المسؤول عن مراقبة مصادر الطاقة واستهلاكها، فيسبب الشعور بالجوع لإعادة التزود بالطاقة عند الحاجة، حسبما نشر موقع Wellness Mama.
لكن مقاومة اللبتين في الجسم تعيق هذه العملية فلا يرصد الجسم هرمون اللبتين ولا يستقبل الإشارة العصبية التي تشير إلى أن الفرد تناول ما يكفي من الطعام. إذا كنت تعاني من مشكلات بالوزن، فمن المرجح أنك تعاني من مقاومة اللبتين.
يعد النظام الغذائي الأمريكي الشائع، على سبيل المثال، من العوامل التي تساهم في مقاومة اللبتين. فالأطعمة مثل البرغر والبيتزا فقيرة العناصر الغذائية لكنها غنية بالسعرات الحرارية.
يؤدي هذا النظام الغذائي إلى حصول الجسم على كثير من الطاقة (السكر) مع قليل من العناصر الغذائية مثل الفيتامينات والمعادن والأحماض الدهنية والأحماض الأمينية وما إلى ذلك.
بعبارة أخرى، يحصل الجسم على ما يكفي من السعرات الحرارية (أو أكثر من اللازم)، لكنه يتضور جوعاً، بسبب نقص العناصر الغذائية. ويؤدي ذلك إلى احتفاظ الجسم بالدهون بدلاً من حرقها، إلى جانب بعض الآليات الأخرى التي تؤدي إلى زيادة الوزن.
كما يوضح دكتور ديفيد لودفيغ، مؤلف كتاب Always Hungry (جائع دائماً)، السمنة ليست مشكلة زيادة أكل، بل هي في الحقيقة مشكلة شعور خلايا الجسم بالجوع.
لذا، يصبح حد السعرات الحرارية، عبر أنظمة الحميات الغذائية التقليدية، إجراء يزيد الطين بلة.
خلاصة القول، إذا كنت تعاني من عدم القدرة على الالتزام بنظام غذائي، فهذا ليست ذنبك، لأن معظم برامج فقدان الوزن أو الحميات الغذائية لا تعالج المشكلات المذكورة بكل بساطة.
كيف تلتزم بنظام غذائي (إلى الأبد)؟
توجد طرق بسيطة للالتزام بالنظام الغذائي وفقدان الوزن الزائد، بما يتماشى مع السبب الأساسي لزيادة الوزن، نعددها في ما يلي:
الاعتراف بأن زيادة الوزن دليل مشكلة أكبر
كما أوضحنا سابقاً، غالباً ما تكون زيادة الوزن من أعراض وجود مشكلات صحية أخرى. وهذا يعني أن علاج المشكلة الأساسية سيؤدي غالباً إلى علاج مشكلة الوزن.
يمكن أن تؤثر العديد من المشكلات، مثل مقاومة اللبتين ومقاومة الأنسولين وأمراض الغدة الدرقية وغيرها، على الوزن. أما محاولات فقدان الوزن دون علاج أي من تلك المشكلات الموجودة ستكون بلا جدوى، حسب ما نشره موقع Wellness.
ولحسن الحظ، لست مضطراً إلى انتظار التشخيص بمقاومة اللبتين حتى تبدأ في اتخاذ الخطوات اللازمة لمساعدة نفسك. ويمكن مساعدة جسمك عبر ما يلي:
- تناول ما يكفي من الطعام الغني بالعناصر الغذائية (بدلاً من الحد من السعرات الحرارية).
- التخلي عن السكريات البسيطة والاعتماد على الخضراوات النشوية مصدراً للكربوهيدرات.
- الحصول على قسط كافٍ من النوم الجيد.
- الحد من التوتر والخروج في الطبيعة.
- التركيز على التمرينات الرياضية الهوائية.
يساعد تنفيذ بعض تلك النصائح في إعادة تكيف الجسم مع فكرة أن فقدان الوزن ليس أمراً صعباً.
اجعل الغذاء الصحي أسلوب حياة
أضرار بعض الأنظمة الغذائية أكثر من منافعها بالنظر إلى أن مشكلات الوزن غالباً ما تكون بسبب سوء التغذية. لذا، نحتاج بدلاً من ذلك إلى الاعتماد على عادات غذائية صحية مستدامة. وإليكم بعض الطرق لفعل ذلك:
- اعثر على وصفات مفضلة جديدة لا تستخدم إلا مكونات صحية (وتذكّر أن الدهون الصحية مهمة ولا ينبغي أن تتجنبها!).
- اصنع الحلويات في المنزل بمكونات صحية، وجبات الطعام الحقيقية أفضل بكثير من الوجبات المعبأة أو الجاهزة.
- احرص على تضمين وقت لإعداد وتناول الوجبات الصحية في نظامك اليومي إلى جانب تخصيص وقت للخروج والحركة وتنفيس التوتر.
عندما تصبح العادات الصحية جزءاً طبيعياً من حياتك، ستتمتع بصحة أفضل وحياة أجمل بالتأكيد.
تناول طعام حقيقي
تساعد الأطعمة الحقيقية في دعم الجسم وتحسين أي عدم توازن قد يتسبب في المشكلات المتعلقة بالوزن. لذا، من المهم التركيز على:
- البروتين الصحي: نقصد بذلك دجاج المراعي والأبقار والأغنام التي تتغذى على العشب، والأسماك البرية.
- الدهون الصحية: يتضمن ذلك فاكهة الأفوكادو، وزيت الزيتون الحقيقي، وزيت جوز الهند، وزبد المراعي وغيرها من الدهون التي تأتي من الحيوانات الصحية والأسماك الدهنية.
- الخضراوات: من المثالي أن نتناول الخضراوات العضوية الخالية من المبيدات الحشرية، لكن الأهم أن نتناول كثيراً من الخضراوات.
- الحلوى الصحية: بدلاً من السكر، استخدم الفواكه أو شراب القيقب أو العسل الخام أو غيرها من المُحليات الطبيعية لتحلية الطعام. من المهم أيضاً عدم الاعتماد كثيراً على الحلويات. الأفضل أن نعتمد بشكل أساسي على الفاكهة مع تذوق الحلوى من حين لآخر.
- الكربوهيدرات الصحية: الفاكهة والحلويات الأخرى من الكربوهيدرات، لكن من المهم أن نحصل بوفرة على الأشكال الأخرى من الكربوهيدرات. بالنسبة لبعض الأشخاص، سيساعدهم تقليل الكربوهيدرات على خفض الوزن، لكن يظل ذلك هدفاً أعلى يمكن التركيز عليه بعد التحول إلى تناول طعام حقيقي.
قد يكون هذا التحول إلى تناول طعام حقيقي هو كل ما تحتاج إليه ليعود جسدك إلى مساره الصحيح.
حدِّد أهدافاً إيجابية بدلاً من الأهداف السلبية
أغلب تفكيرنا عن الالتزام بنظام غذائي صحي يقتصر ببساطة على التوقف عن العادات غير الصحية. لكن إذا كان الأمر بتلك البساطة، ما كان أحد سيعاني على الإطلاق من مشكلات الوزن. المشكلة أن التوقف عن العادات غير الصحية يتطلب إرادة قوية للغاية.
لذا، بدلاً من الاعتماد على الإرادة "للتوقف" عن تناول الأطعمة السريعة، سيكون من المفيد أكثر أن تضع أهدافاً إيجابية، مثل:
- إضافة الخضراوات إلى وجبة الإفطار يومياً.
- استخدام الدهون الصحية فقط في الطهي.
- إعداد كل الحلوى في المنزل.
بهذه الطريقة، ستلزم نفسك بعمل شيء ما بدلاً من محاولة عدم فعل شيء ما.
أعِدّ نفسك للنجاح
إضافة إلى وضع أهداف إيجابية بدلاً من الأهداف السلبية، من المهم أيضاً أن تعدّ نفسك للنجاح. إذا وضعت هدفك تناول طعام صحي لكن دون إجراء أي تغييرات في حياتك، فستجد من الصعب أن تلتزم بهذا الهدف. إذا كان منزلك مليئاً بالحلوى وغيرها من الأطعمة غير الصحية، فستضطر إلى الاعتماد على قوة الإرادة مجدداً.
وإذا كنت تعمل لوقت متأخر وليست لديك خطة لتناول العشاء، فسيكون من الصعب عليك ألا تشتري طعاماً سريعاً.
لذا، عليك الاستعداد والتحضير لأسلوب المعيشة الجديد والاعتماد على الخيارات الصحية في كل مرة. هذا يعني تزويد المنزل بوجبات خفيفة صحية وأن تكون لديك خطة لإعداد وجبات صحية كل مساء، فلا يكون هناك مجال للانتكاس!