تصعب تقبل فكرة حصول فشل القلب فجأة، لكن هذه الحالة المرضية الخطيرة أكثر شيوعاً مما تدرك، وهو يهدد فئة كبيرة من الناس، وحتى الحوامل. ولهذا السبب من المهم استيعاب ماهية فشل القلب وما هو الشعور المصاحب له، لتحديد العلامات المبكرة له، إن وجدت أصلاً.
إلى جانب حقيقة أن غالبية أعراض فشل القلب، ولا سيما عندما تصير حالة صحية مزمنة، قد تكون غامضة؛ ولذا فإن بعض الأشخاص قد يعانون من فشل القلب ولا يعرفون حتى إنهم يمرون به.
نستعرض في هذا التقرير كل ما يحصل في الجسم خلال فشل القلب، والعلامات التحذيرية التي يجب مراقبتها وسبل العلاج.
ما هو فشل القلب؟
قد يبدو تعبير "فشل القلب" كما لو أن القلب توقف عن العمل تماماً، لكن الأمر ليس حاسماً. فشل القلب يعني أن القلب غير قادر على ضخ ما يكفي من الدم المحمَّل بالأوكسجين لدعم الأعضاء الحيوية الأخرى، وذلك وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
وبحسب جمعية القلب الأمريكية (AHA)، فإن الجسم أثناء الإصابة بفشل القلب، يحاول عادةً المساعدة في إصلاح المشكلة. يشمل ذلك زيادة حجم القلب لمحاولة مواكبة الطلب لضخ مزيد من الدم، وزيادة كتلة عضلة القلب للتشجيع على تقوية النبض، وضخ الدم بصورة أسرع لمساعدة القلب على نقل المزيد من الدم إلى بقية الجسم.
وتضيق الأوعية الدموية- وهي شبكة معقدة من الأنابيب بما فيها الشرايين- من أجل محاولة المحافظة على ضغط الدم في الوضع الصحي، وربما يبدأ الجسم في تحويل الدم بعيداً عن الأنسجة والأعضاء الأقل أهمية، مثل الكلى.
وهذه هي التأثيرات التي تسبب ظهور أعراض فشل القلب.
ما هي عوامل الخطر الشائعة لفشل القلب؟
بحسب مجموعة مايو كلينك البحثية والطبية، تتطور حالة فشل القلب عادة لدى المصابين بها بسبب ضعف القلب بطريقة ما. ويمكن أن يحدث إذا أصيب الشخص بتصلب شرايين القلب، مما يحول دون ملئه بالدم بطريقة ملائمة بين النبضة والأخرى، وهي حالة تكون أكثر شيوعاً لدى الإناث.
ثمة قائمة طويلة من عوامل الخطر التي قد تؤدي للإصابة بفشل القلب، إلا أن هناك مشكلات أكثر شيوعاً ينبغي معرفتها:
- مرض الشريان التاجي والنوبة القلبية.
- ارتفاع ضغط الدم.
- اعتلال صمامات القلب.
- التهاب عضلة القلب.
- عيوب القلب الخلقية (التي يولد بها المرء).
- اضطراب نظم القلب.
- الأمراض المزمنة، مثل السكري وانقطاع النفس أثناء النوم.
- بعض أنواع العدوى الفيروسية، مثل فيروس العوز المناعي البشري.
- التدخين أو تعاطي التبغ.
- استهلاك الكحول بكميات كبيرة.
- داء السكري.
- فرط نشاط أو خمول الغدة الدرقية.
- أشكال حادة من فقر الدم.
- بعض علاجات السرطان، مثل العلاج الكيميائي.
- الحمل.
ما هي أعراض فشل القلب؟
توجد مراحل متنوعة لفشل القلب، وكل مرحلة تظهر بطريقة تختلف من شخص لآخر. على سبيل المثال، تشير المرحلة الأولى إلى وجود عوامل خطر الإصابة بالفشل القلبي رغم عدم ظهورها، بينما تعني المرحلة الرابعة (وهي المرحلة الأخيرة) ملاحظة ظهور أعراض فشل القلب حتى عندما تستريح.
وهناك أيضاً فشل قلبي حاد (مما يعني أنه يبدأ فجأة) أو فشل قلبي مزمن (أي أنه يتطور مع مرور الوقت ويستمر).
بدورها تقول طبيبة القلب واختصاصية فشل القلب جويس والد لموقع Self: "يمكن علاج فشل القلب المزمن، وربما لا تلاحظ أي أعراض إلا إذا كانت مشكلة حادة".
وفي واقع الأمر، إذا كنت تواجه حالة فشل قلبي بسيطة في مرحلة مبكرة، من الشائع عدم ملاحظة أية علامات إلا إذا كنت تؤدي نشاطاً شاقاً من الناحية البدنية، وذلك حسبما يوضح المعهد الوطني للقلب والرئة والدم في الولايات المتحدة (NHLBI).
ولكن إذا تطورت حالة الفشل القلبي وصار هذا العضو أضعف، فربما تلاحظ بعض العلامات التي تدل على تفاقم الوضع.
نستعرض في ما يلي أعراض فشل القلب التي ينتبه إليها عادة أطباء القلب والأوعية الدموية:
1- ضيق التنفس
ضيق التنفس هو أحد الأعراض الأولى. قد يواجه الإنسان صعوبة في التقاط أنفاسه عندما يعجز القلب عاجزاً عن ضخ الدم بصورة طبيعية أثناء ممارسة نشاط عادي كالمشي.
ويتجلى الأمر أكثر عند النوم، استناداً إلى نوعية فشل القلب وأي مرحلة وصل إليها الإنسان. في حالة فشل القلب الاحتقاني مثلاً، يكون هذا ملحوظاً على نحو خاص عندما يستلقي الإنسان في وضعٍ مستوٍ. إذ يتشكل الدم في الرئتين، بجانب السوائل، ما يُصعِّب عملية التنفس، حتى عند الاستلقاء.
2- الإعياء والتعب
عندما لا يضخ قلبك ما يكفي من الدم المحمل بالأوكسجين إلى بقية الجسم، يمكن أن تشعر بالإعياء والوهن نتيجة لذلك. ووفقاً لبحث أُجري في عام 2020، ونُشر في الدورية العلمية Circulation Research، قد يقلل فشل القلب أيضاً كمية الدم التي تصل إلى المخ، مما يقود إلى ذلك الشعور بـ"الإرهاق" أو التعب بسرعة في المرحلة الأولى.
3- مشكلات عند أداء الأنشطة البدنية
وذلك نتيجة عدم حصول مناطق مختلفة في الجسم على ما يكفي من الدم المتدفق، كما أن السوائل الزائدة في الرئتين تصعّب التمارين على نحو خاص.
4- تورم في الساقين أو الكاحلين أو القدمين أو البطن
يطلق فشل القلب سلسلة من المشكلات التي تقود في نهاية المطاف إلى مناطق مختلفة من الجسم. عندما تلاحظ الكلى أنك تحصل على كمية أقل من المعتاد من تدفق الدم، فإنها تنشط هرمونات تتسبب في حبس السوائل والصوديوم لمحاولة تعزيز مستوى الدم، وذلك وفقاً لخبراء موقع Harvard Health التابع لكلية هارفارد للطب.
يتسبب ذلك في تراكم السوائل في مناطق متفرقة من الجسم، وتتضمن في الغالب الأطراف السفلى، مثل الساقين والكاحلين والقدمين.
يمكن لتراكم السوائل أيضاً أن يتسبب في تورم بطنك، تقول الدكتورة بالافي عن ذلك إنها عادة علامة على أن الجانب الأيمن من قلبك يعاني من مشكلة ما.
5- الغثيان وفقدان الشهية
عندما تتورم البطن بسبب السوائل الزائدة، تخف شهية الإنسان لعدم القدرة على تناوله.
6- تسارع ضربات القلب وعدم انتظامها
مع تطور حالة فشل القلب، يحاول العضو عادةً أن يعوِّض الأمر عن طريق إسراع نبضات القلب لزيادة معدلات الدورة الدموية في بقية أجزاء جسمك، فيشعر الإنسان بخفقان القلب أو عدم انتظام ضربات القلب.
7- السعال المستمر وصفير الصدر
يُعزى هذا أيضاً إلى تراكم السوائل والدم في رئتيك، وذلك حسبما تقول الدكتورة بالافي.
إذ إن السعال- ولا سيما خروج مخاط وردي اللون بسبب الدم، يحمل علامة على أن حالة فشل القلب تتطور إلى مرحلة متقدمة أشد حدة، وهي المرحلة الثانية.
8- زيادة سريعة في الوزن
يجسد هذا الأمر علامة أخرى على تراكم السوائل في الجسم. في حديثها مع موقع SELF، تقول الدكتورة جينيفر وونغ، طبيبة القلب والأوعية الدموية: "إذا رأيت زيادة بأكثر من كيلوغرام في غضون 24 ساعة، فإن تلك علامة محتملة على وجود مشكلة فشل القلب الحاد".
9- صعوبة في التركيز ونقص الانتباه
عندما لا يحصل الدماغ على ما يكفي من الأوكسجين اللازم ليؤدي وظائفه بصورة جيدة، تظهر مشكلات متعلقة بالمحافظة على درجة الانتباه والتركيز. عند هذه المرحلة، قد تنخفض مستويات الصوديوم في الدم، ويمكن أن يؤدي هذا إلى حالة تشوش وارتباك لدى بعض الأشخاص، وذلك وفقاً لجمعية القلب الأمريكية.
10- ألم الصدر
عندما ينبض القلب بسرعة، دون أن تواكب الدورة الدموية في الجزء الأعلى من جسمك سرعته، يظهر ألم الصدر. يختلف الشعور بذلك الألم من شخص إلى آخر، لكنه قد يتباين بدءاً من شعورٍ طفيفٍ بعدم الراحة ومروراً بشعور ضاغط في الصدر ووصولاً إلى ألم حارق حاد.
يشير ألم الصدر أيضاً إلى مرض يصيب الشريان التاجي ويرتبط بفشل القلب، وهي حالة تضيق فيها الشرايين للغاية أو تكون في حالة انسداد كلي، مما يؤدي أحياناً إلى نوبة قلبية، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
علاج فشل القلب
صمَّمُ علاج فشل القلب كي يقلل بدرجة دراماتيكية الأعراض أو يمنعها، وعلى أمل أن يمنع حدوث أي مضاعفات محتملة مثل تعرض الكلى أو الكبد للضرر، وذلك وفقاً للدكتورة جويس.
في المراحل المبكرة، يكمن جوهر العلاج في أدوية محددة تستطيع المساعدة في استرخاء الأوعية الدموية، وخفض ضغط الدم، وتحسين الدورة الدموية، وخفض الضغط الذي يتعرض له القلب.
تساعد أدوية أخرى في إخراج السوائل الزائدة كي تمنع تراكمها في الجسم.
وتذكر مجموعة مايو كلينك البحثية والطبية باستخدام أدوية للمساعدة على تقوية تقلصات عضلة القلب لضخ الدم بطريقة أكثر نجاعة إذا تطورت حالة فشل القلب إلى مراحل متقدمة.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.