للشبة استخدامات متنوّعة ومفيدة للغاية، إلا أن مخاطرها قد تكون مميتة. لكن ما حقيقة أنها تسبّب السرطان وتشكّل خطراً كبيراً على الأطفال؟
في القرن الثامن عشر، كان "السَقّا" -الشخص المسؤول عن توصيل المياه من الأنهار والخزانات إلى المنازل- يستخدم مادة الشَبَة داخل "قِربته" لتنقية المياه، حتى تصبح صالحة للشرب.
ولا تزال الشَبة تُستخدم في عملية تنقية المياه حتى يومنا هذا. فالشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي في مصر، ومن ضمن الخطوات الرئيسية التي تتبعها لتنقية المياه، تلجأ إلى إضافة الشَبة في عملية الترويب بهدف إزالة المواد الغروانية المعلّقة التي تسبّب التعكّر.
في موسوعة "القانون في الطبّ" لابن سينا، ورد عن لسان ديسقوريدوس (وهو طبيب يوناني وُلد في العام 40م): "أصناف الشبّ كثيرة، والداخل منها في علاج الطبّ ثلاثة: المشقّق، والرطب، والمدحرج".
الشَبَّة: أنواعها واستخداماتها الهائلة
تُعتبر الشَبَة، أو حجر الشَّب، من المركّبات الكيميائية وتشبه إلى حدّ كبير حجر الكريستال أو "فصّ" الملح. الشَبة الشائعة في عالمنا العربي هي مزيج من نوعين من الأملاح: كبريتات الألمنيوم وكبريتات البوتاسيوم.
لها أشكال مختلفة، لكنها في الأساس مادة صلبة، سهلة الذوبان في المياه، ويمكن تحويلها إلى سائل إذا تعرّضت لدرجة حرارة عالية.
تاريخياً، استُخدمت بشكلٍ رئيسي في تنقية المياه من خلال فصل المعادن عن بقية الجزيئيات، ولطالما استُعملت في الحلاقة لمنع تدفّق الدم، لكنّ استخداماتها متنوّعة. وكما لها فوائد عدّة، لها في الوقت نفسه مخاطر عدّة.
توجد 4 أنواع للشّبة:
- شَبة البوتاسيوم: هي الأكثر شيوعاً، تُستخدم في تنقية المياه وفي علاج جروح الجلد.
- شَبة الألمنيوم: تُستخدم في مسحوق الخبز وصباغة الجلود، وتُضاف إلى بعض مزيلات العرق، كما تدخل في الإسمنت والبورسلين.
- شَبه السيلينات: السيلينيوم يحتوي على مواد مؤكسدة قوية، لذا تُستخدم كمطهّرات ومنقّ للمياه.
- شَبة الصوديوم: يُستخدم كمكّون حمضي.
فإن الشَبة مفيدة أيضاً للتخلّص من رائحة العرق، ولمعالجة حَبّ الشباب. وبحسب موقع Healthline، تعمل منتجات مزيل العرق ومضادات التعرّق على القضاء على البكتيريا بهدف تقليل التعرّق. ويُعتبر مزيل العرق الكريستالي، المصنوع من شَبة البوتاسيوم، أحد أكثر الأنواع الطبيعية للتخلّص من التعرّق والحفاظ على بياض الإبطين والشعور بالانتعاش.
فوائد الشّبة للبشرة والوجه كثيرة أيضاً. فهي تساعد على إزالة الهالات السوداء تحت العينين، وتفتيح لون البشرة؛ كما يمكنها أن تعمل على تأخّر ظهور التجاعيد.
تساعد الشَبة أيضاً في إزالة الرؤوس السوداء، ويمكنها وقف النزيف الناتج عن الحلاقة؛ لأنها في الأساس تعمل على تهدئة البشرة؛ لذلك يُفضّل استخدامها بعد الحلاقة وإزالة الشعر.
ليس هذا فقط، بل أن علاجات حَبّ الشباب غالباً ما تعتمد على مركّبات مثل حمض الساليسيليك التي تساعد في تقشير وتنظيف وشدّ البشرة. لكن وبحسب دراسةٍ أُجريت في العام 2016، اتّضح أن الشَبة تساعد على شدّ المسام وتنظيفها من البكتيريا، ممّا قد يقلّل من ظهور حَبّ الشباب.
كيف تستخدم الشَبة بعد الحلاقة؟
- فور الانتهاء من الحلاقة، اغسل وجهك (أو المنطقة) بالماء البارد وتأكّد من عدم بقاء الصابون أو كريم الحلاقة على البشرة.
- بلّل الشَبة بالماء البارد. وهناك من يلجأ إلى نقعها بالماء البارد، قبل استخدامها بربع أو نصف ساعة.
- مرّر الشَبة على الجلد برفق. ستشعر ببعض الوخز أو الحريق، خصوصاً إذا جرحت بشرتك خلال الحلاقة. واترك بقايا الشَبة على البشرة لمدّة 15 ثانية، بهدف شدّ المسام وتطهير الجلد.
- اشطف البقايا بالماء البارد، وضع كريماً مرطّباً أو كريماً بعد الحلاقة.
إذا كنت نقعت الشَبة بالماء قبل استخدامها، فاتركها على جنب حتى تجفّ تماماً قبل الاستخدام التالي. أما إذا كنتَ بلّلتها بالماء البارد قبل استعمالها مباشرة، فيُستحسن تجفيفها بالمنشفة قبل تخزينها.
كيف تستخدم الشَبة لإزالة الهالات والرؤوس السوداء؟
- أضف ملعقة من الماء الفاتر إلى ملعقتين من مسحوق الشَبة، واخلطها جيّداً حتى تصبح متجانسة. يمكن إضافة ملعقة من ماء الورد إلى الخليط.
- ضع الخليط على نقاط تواجد الهالات السوداء والرؤوس السوداء. يمكنك التدليك بلطف.
- اترك الخليط حتى يجفّ لمدّة 10 أو 15 دقيقة، ثم اغسل وجهك بالماء الفاتر.
- بعد التأكّد من عدم وجود بقايا من الخليط، ضع كريماً مرطّباً.
مخاطر تتراوح بين الخفيفة والحقيقيّة
احذر من استعمال الشَبة بشكلٍ يومي على بشرتك، فقد يؤدّي ذلك إلى تهيّج الجلد، وأحياناً تظهر علامات حروق. في حال تعرّضت لذلك، لا تتردّد في اللجوء إلى أقرب طبيب جلد قبل استعمالها مرّة أخرى.
الاستخدام اليومي للشَبة يمكنه أن يصيب الأغشية المخاطية بالتهيّج أيضاً. وفي حال وصولها إلى الجهاز التنفّسي، فقد تتلف أنسجة الرئة كما قد تؤذي القصبات الهوائية التي يمكنها أن تتطوّر وتصبح حادة.
ويجب أخذ الحذر جيداً في حال البلع عن طريق الخطأ، إذ يمكن أن تصل الشَبة سريعاً إلى الدم الذي يمتصّها بشكلٍ كبير؛ لأن بعضها قد يكون مخلوطاً ببعض المعادن السامة مثل الكروم.
وفي حين تُشير بعض المصادر إلى أنه يمكن أن يؤدي إلى فشل الكبد لدى الأطفال الذين يتعرّضون لأملاح الشَبة، فإن عدة دراسات أُجريت كانت أكّدت عدم وجود ترابط بين الأمرين، وأن غسول الفم مثلاً الذي يحتوي على الشَبة لا يؤثر على مستويات البلاك واللعاب لدى الأطفال.
كذلك، ليس صحيحاً أن الشَبة يمكنها أن تسبّب السرطان. فمعظم المقالات التي تُضير إلى الرابط بين الشَبة والسرطان تعتمد على مادة الألمنيوم الموجودة فيها والتي تُستعمل لإزالة التعرّق على الأغلب. لكن الحقيقة أنه لا توجد أي دراسات علمية حتى الآن تؤكد وجود أي آثار سلبية كبيرة للألمنيوم، يمكنها أن تؤدي إلى الإصابة بمرض السرطان.