منذ أكثر من 50 عام، استخدم الأطباء وعلماء النفس مصطلح "اضطراب التكيف" لوصف الأشخاص الذين يجدون صعوبة في التعامل مع ضغوطات الحياة والتكيف مع الظروف المرهقة، ولا يعتبر هذا الاضطراب نادراً فقد بينت الدراسات أنه قد يصيب حوالي 1% من سكان العالم في مرحلة ما من حياتهم، وقد يتعرض له الأطفال والمراهقون والبالغون على حد سواء.
ما هو اضطراب التكيف؟
عندما يكافح شخص ما للتأقلم مع ظرف جديد قد يكون مرهقاً بالنسبة له أو عندما يجد صعوبة في التكيف مع ضغوطات الحياة قد يتم تشخيصه بأنه مصاب باضطراب التكيف، الذي تشمل أعراضه عدداً من الاضطرابات السلوكية والمزاجية.
وقد يصاب الأشخاص باضطراب التكيف عندما تتغير حياتهم فجأة ولا يستطيعون التعامل مع هذا التغير، مثل الانتقال إلى مدينة جديدة أو عمل جديد أو حدوث تغييرات في علاقاتهم مع الآخرين.
أعراض اضطراب التكيف
تتطور الأعراض العاطفية والسلوكية لاضطراب التكيف استجابة لضغوط معينة، وتظهر في الغالب خلال 3 أشهر من بداية التعرض لهذه الضغوط.
وقد يترافق اضطراب التكيف مع أحد الأعراض التالية:
- الاكتئاب والمزاج السيئ والرغبة الملحة في البكاء، أو الشعور باليأس
- القلق والتوتر
- اضطرابات وتغيرات سلوكية
وتبعاً للحالة، قد يطغى نوع معين من الأعراض مع اضطراب التكيف، فقد تكون الاضطرابات السلوكية هي الطاغية، أو قد تكون الاضطرابات العاطفية هي الطاغية.
أسباب اضطرابات التكيف
يمكن أن تنجم اضطرابات التكيف عن مجموعة متنوعة من المواقف والتجارب الصعبة. قد تكون هذه التجارب فردية مثل الانتقال إلى مدينة جديدة أو الزواج، وقد تكون ناتجة عن ظروف خارجية مثل التعرض لحادث أو كارثة طبيعية.
بالتأكيد هناك الكثيرون من الأشخاص الذين يمرون بظروف مماثلة ولا يعانون مع ذلك من اضطرابات التكيف، لكن ليس من الواضح تماماً لِمَ يتعامل البعض مع الظروف الصعبة بسهولة أكبر من البعض الآخر.
لكن هناك بعض العوامل التي قد تجعل أشخاصاً معينين أكثر عرضة للإصابة باضطرابات التكيف، مثل:
التعرض لصدمات سابقة: الصدمات التي قد يتعرض لها المرء أثناء الطفولة قد تجعله أكثر عرضة للإصابة بمشاكل الصحة النفسية، بما في ذلك اضطراب التكيف.
مشكلات نفسية أخرى: إذا كان أحدهم يعاني من مشاكل نفسية أخرى، مثل الاكتئاب والقلق، فإن ذلك يجعله أكثر عرضة للإصابة باضطراب التكيف.
ظروف الحياة الصعبة: قد يؤدي وجود الضغوطات الهائلة بشكل يومي إلى عدم القدرة على تحمل التغييرات المفاجئة والتعرض بالتالي لاضطراب التكيف.
أمثلة على اضطراب التكيف
إليكم بعض الأمثلة التي قد يعاني فيها الأطفال أو المراهقون أو البالغون من اضطراب التكيف:
قد يظهر بعض الأطفال سلوكاً عدوانياً بشكل مفاجئ بسبب الانتقال إلى بلدة جديدة أو مدرسة جديدة، إذ يكون هذا السلوك أحد أعراض اضطراب التكيف في هذه الحالة.
قد يتراجع المستوى الدراسي للأطفال الذين يتعرضون لمشاكل وتغييرات جوهرية في منازلهم (طلاق الوالدين على سبيل المثال) فيكون التراجع الدراسي دليلاً على بداية اضطراب التكيف.
قد يكون القلق وتجنب النشاطات الاجتماعية أحد أشكال اضطرابات التكيف لدى الشبان الذين ينتقلون من المرحلة الثانوية إلى الجامعة ويجدون صعوبة في التأقلم مع الوضع الجديد.
الاكتئاب وصعوبة الإنجاز قد يكونان من أعراض اضطراب التكيف لدى البالغين الذين لا يستطيعون التأقلم مع وظائفهم الجديدة.
تشخيص اضطراب التكيف
لا يوجد اختبار محدد يستخدم لتشخيص اضطرابات التكيف، لكن عادة ما يجري الطبيب تقييماً عاماً لصحة المريض من خلال مجموعة من الأسئلة.
وقد يُجري الطبيب اختبارات روتينية للتأكد من أن الأعراض التي يعاني منها المريض ليست ناجمة عن مشكلة صحية ما.
علاج اضطراب التكيف
وفقاً لما ورد في موقع Very Well Mind، يجد العديد من الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات التكيف أن العلاج يساعد في تخفيف ضغوطهم ويساعدهم في تجاوز الأحداث المرهقة بطريقة أفضل.
وغالباً ما يتكون العلاج من العلاج بالكلام أو الأدوية أو مزيج من الاثنين.
العلاج بالكلام
عادةً ما يكون العلاج بالكلام هو المسار المفضل لعلاج اضطراب التكيف.
قد يعتمد نوع العلاج المستخدم على خبرة المعالج واحتياجات الفرد. بشكل عام، قد يوفر العلاج بالكلام دعماً عاطفياً، ويساعد في تحديد مهارات التأقلم الصحية، ويعلم المريض استراتيجيات إدارة الإجهاد، ويساعده على إنشاء عادات صحية.
الأدوية
يمكن استخدام الأدوية لمعالجة الاكتئاب أو القلق المصاحب لاضطراب التكيف.
قد تكون هناك حاجة لمضادات الاكتئاب أو الأدوية المضادة للقلق فقط لفترة قصيرة ولكن يجب التأكد من التحدث مع الطبيب قبل تعديل أي جرعات أو التوقف عن تناول أي أدوية.
استراتيجيات قد تساعد في حل مشكلات التكيف
إلى جانب المتابعة مع الطبيب هناك بعض الخطوات التي من الممكن اتباعها لتحسين القدرة على التأقلم والتكيف مع المتغيرات والضغوطات المزعجة، مثل:
المشاركة في الأنشطة الترفيهية: يمكن أن يؤدي القيام بأشياء ممتعة إلى تقليل مستوى التوتر لديك.
الرعاية الذاتية: احصل على قسط كافٍ من النوم، واتبع نظاماً غذائياً صحياً، ومارس الكثير من النشاط البدني.
مهارات التأقلم الصحية: سواء كنت تخفف التوتر من خلال الاستماع إلى الموسيقى أو تستمتع بالتأمل في الصباح، ابحث عن استراتيجيات تساعدك على الاسترخاء وتعزز مزاجك.
اطلب الدعم الاجتماعي: اقضِ الوقت مع الأصدقاء والعائلة والأشخاص الذين يمدونك بالطاقة الإيجابية.
انخرط في حل المشكلات: لا تتجنب الأشياء التي تسبب لك التوتر. تعامل مع مشاكلك وجهاً لوجه وستوفر على نفسك الكثير من الإجهاد على المدى الطويل.