قد يبدو مصطلح البريبايوتكس غير مألوف لكثير من الناس، لكنه في الحقيقة أحد الأشياء المهمة التي يجب على الإنسان الانتباه إليها إذا ما أراد أن يعيش حياة صحية.
ما هي البريبايوتكس؟
تعتبر بطانة أمعائك، مثل كل سطح من جسمك، مغطاة بمخلوقات مجهرية، معظمها من البكتيريا، تخلق هذه الكائنات نظاماً إيكولوجياً دقيقاً يسمى الميكروبيوم، وعلى الرغم من أننا لا نلاحظ وجودها حقاً، فإنها تلعب دوراً كبيراً في صحتك ويمكن أن تؤثر على حالتك المزاجية وسلوكك، وفقاً لما ذكره موقع Mayoclinic الطبي.
وبالتالي فإن هناك طريقتين للحفاظ على هذا التوازن:
الأولى: مساعدة الميكروبات الموجودة بالفعل على النمو، من خلال إعطائها الأطعمة التي تحبها (البريبايوتكس).
الثانية: إضافة الميكروبات الحية مباشرة إلى نظامك (البروبيوتيك).
في الحقيقة لا ينبغي الخلط بين البريبايوتكس والبروبيوتيك، فالأولى نوعٌ من الألياف غير قابلة للهضم تتخمر في القولون وتغذي بكتيريا الأمعاء الجيدة، بينما الثانية هي بكتيريا حية.
فوائد البريبايوتكس
عندما تستهلك بكتيريا البروبيوتيك في أمعائك هذه الألياف، فإنها تنتج مستقلبات غذائية فريدة مثل الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة المفيدة للصحة العامة.
تساعد البريبايوتكس أيضاً، وفقاً لما ذكره موقع Mind Body Green الأمريكي، في امتصاص المعادن والمغذيات والحفاظ على توازنٍ صحي بالأمعاء.
لذلك، من المهم أن نلاحظ أن جميع البريبايوتكس هي ألياف، ولكن ليست كلُّ الأطعمة التي تحتوي على ألياف تكون بروبيوتيك.
وللألياف فوائد أخرى في القناة الهضمية، لكن الألياف البريبايوتيك تُظهر على وجه التحديد فوائد تتعلق ببكتيريا الأمعاء.
وبدون ألياف البريبايوتيك، لا تستطيع البكتيريا الموجودة في الأمعاء أن تزدهر.
وبمرور الوقت، يمكن أن يؤدي التنوع البكتيري الأقل إلى تأثيرات أخرى غير مرغوبة (مثل الانتفاخ والغازات).
ومن ثم فإن أبرز فوائد البريبايوتكس هي حماية جهازك الهضمي، من الميكروبات والالتهابات المعوية.
أطعمة تحتوي على بريبايوتكس
توجد البريبايوتكس في العديد من الفواكه والخضراوات، خاصةً في المقام قائمه تلك التي تحتوي على كربوهيدرات معقدة، مثل الألياف والنشا المقاوم.
قائمة الأطعمة التي تحتوي على بريبايوتكس كبيرة لكننا سنقدم إليك أبرزها:
1- الهندباء
تعتبر الهندباء من الخضراوات الورقية المليئة بالبريبايوتكس، وما يقرب من 68% من جذورها يأتي من الإينولين التي تحسن وظيفة الهضم في الأمعاء، كما تساعد على الوقاية من السكري عن طريق رفع مستويات الأديبونكتين، وهو بروتين يساعد في التحكم بمستويات السكر في الدم.
إضافة إلى ذلك تحتوي الهندباء على نسبة عالية من المركبات المضادة للأكسدة التي قد تحمي الكبد من الأكسدة، وفقاً لـHealth Line الطبي الأمريكي.
2- الأرضي شوكي
تشتهر الأرضي شوكي بمظهرها الشبيه بعباد الشمس، وتوفر نحو 2 غرام من الألياف الغذائية الغنية بالأينولين لكل 100 غرام.
تساعد الإينولين على زيادة البكتيريا الصديقة في القولون، مما يعزز صحة الجهاز الهضمي، كما يمكن أن تساعد أيضاً في امتصاص المعادن بالأمعاء الغليظة.
3- الثوم
يعزز الثوم نمو البكتيريا المفيدة في القناة الهضمية، كما أنه يساعد في منع نمو البكتيريا المعززة للأمراض.
4- البصل
على غرار الثوم فإن البصل من الخضراوات اللذيذة ومتعددة الاستخدامات المرتبطة بفوائد صحية مختلفة، كما أنه غني بالإينولين الجيد للأمعاء.
كما أن البصل غني أيضاً بمادة الفلافونويد كيرسيتين، التي تعطي البصل خصائص مضادة للأكسدة ومضادة للسرطان.
5- الهليون
الهليون نبات مشهور ومصدر آخر رائع للبريبايوتكس، إذ تحتوي الخضراوات المغذية بشكل طبيعي على الأنسولين، الذي يمكن أن يحسن صحة الجهاز الهضمي ويساعد جسمك على الحفاظ على المستويات المثلى من الجلوكوز والأنسولين.
6- الموز
يعتبر الموز أكثر من مجرد فاكهة لذيذة: فهو غني بالفيتامينات والمعادن والألياف، كما أنه يحتوي على كميات قليلة من الأنسولين.
أما الموز غير الناضج (الأخضر) فيحتوي على نسبة عالية من النشا المقاوم، الذي له تأثيرات حيوية.
7- الشوفان
الشوفان الكامل عبارة عن حبوب صحية ذات فوائد حيوية، وتحتوي على كميات كبيرة من ألياف بيتا جلوكان، إضافة إلى بعض النشا المقاوم الذي يحسن وظيفة الهضم في الأمعاء.
8- التفاح
فضلاً عن أن التفاح فاكهة لذيذة، فإنها أيضاً مليئة بالبكتين وهو نوع من الألياف ذو فوائد حيوية.
ووجدت دراسة أجرتها المكتبة الوطنية الأمريكيّة للطب National Library of Medicine في عام 2016، أن البكتين الموجود في التفاح يمكن أن يعزز البكتيريا المعوية الصحية، ويقلل الالتهاب، ويوقف زيادة الوزن وتراكم الدهون.
كم يزيد البكتين الموجود في التفاح من الأحماض الدهنية التي تغذي بكتيريا الأمعاء المفيدة وتقلل من تعداد البكتيريا الضارة.
كيف تُدمَج المزيد من الأطعمة التي تحتوي على البريبايوتكس
لأن هذه الألياف شديدة التخمير، فإن إضافة مزيد من الأطعمة التي تحتوي على البريبايوتيكس إلى نظامك الغذائي في البداية قد تولِّد الغازات أو الانتفاخ بصورةٍ مؤقَّتة، وهو ما يمكن أن يكون رادعاً بالنسبة لبعض الأشخاص.
ومع ذلك، بدلاً من الابتعاد التام عن هذه الأطعمة المفيدة للغاية، هناك بعض الطرق الاستراتيجية لدمجها.
إليك بعض الطرق التي يجب اتباعها لتضمين البريبايوتكس، دون التأثيرات غير المرغوبة:
1- ابدأ ببطء: لنأخذ نبات الهليون كمثالٍ على ذلك، بدلاً من ملء طبقك بالكامل بالهليون، جرِّب حبَّةً أو حبَّتين منه، إضافة إلى وجبتك الكاملة؛ للسماح لأمعائك بالتكيُّف مع هذا الطعام، وإذا كانت لديك القابلية لذلك، فأضف في المرة المقبلة ثلاث أو أربع حبوب، إلخ.
2- استهلِك شيئاً جديداً في كلِّ مرة: إذا كنت تواجه مشكلةً في هضم الأطعمة التي تحتوي على البريبايوتك أو الأطعمة الغنية بالألياف، فجرِّب شيئاً جديداً في كل مرة؛ للسماح لنظامك بالتكيف معه.
3- التحميص: جرِّب تحميص الخضراوات التي تحتوي على البريبايوتك وتبخيرها وطهيها، المطبوخ جيداً أسهل في الهضم من النيء.
4- جرِّب الأنواع المُخمَّرة من القمح: بدلاً من تضمين شريحة من الخبز المصنوع من الحبوب الكاملة، أدرج شريحةً من العجين المنبت أو العجين المُخمَّر، الذي يكون عادةً أسهل في الهضم.
5- جرِّب النشا المقاوم أولاً: يتولَّد النشا المقاوم عند طهي الأطعمة النشوية وتبريدها مثل البطاطس والأرز، اطبخ البطاطس، برِّدها لدرجة حرارة الغرفة، ثم تناولها، يمكنك حتى إعادة تسخينها مع الحفاظ على فوائدها. ورغم أن النشا المقاوم ليس من البريبايوتكس، فهو يعمل مثل البريبايوتكس وعادةً ما يكون أكثر تحمُّلاً.
6- قم بتضمين الأطعمة الغنية بالبوليفينو: جرب التوت البري والرمان والتوت والكاكاو والقرنفل والشاي الأخضر، وعلى غرار النشا المقاوم، رغم أن مادة الوليفينول لا تُعتَبَر من البريبايوتكس، فإن لها فوائد مماثلة في القناة الهضمية.
الخلاصة
من المفيد جداً لأمعائك والصحة العامة أن تجعل البريبايوتكس جزءاً ثابتاً من نظامك الغذائي، فقط تذكَّر أن تأخذ الأمور ببطء، وتسمح لجهازك الهضمي بالتكيُّف عندما تضيف المزيد لأول مرةٍ إلى نمطك الغذائي، إذا اتَّبَعت هذه الاستراتيجيات البسيطة، فسيكون الانتقال سلساً نسبياً، وستتمتَّع أمعاؤك بصحةٍ أفضل.
قد يهمك أيضاً: يقدم حزمة فوائد كاملة للحامل وجنينها.. تعرّف على فوائد "السمسم" وتأثيراته الجانبية
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.