يتابع معظمنا أخبار المشاهير، لكن بعض الناس يتابعونها بدرجة أكثر من غيرهم، ويعرفون الكثير من التفاصيل عن حياة المشاهير كأنهم فرد من عائلاتهم، مثلاً بينما يعرف بعض الناس بعض أغاني فرقة BTS وBLACKPINK، نجد آخرين يحفظون أسماء أعضاء الفرق وألقابهم وتفضيلاتهم وجملهم الشهيرة، بشكلٍ يسميه علماء النفس "الهوس بالمشاهير"، وقد حاول بعض العلماء تفسير سر هذا الجنون بالنجوم وحياتهم.
ما سر "الهوس بالمشاهير"؟
أحدث الدراسات لتفسير سبب هذا الهوس بالمشاهير، التي صدرت مطلع العام 2022، تفترض أن السبب الرئيسي لهذا الهوس يعود إلى قدرات معرفية وعقلية أقل لدى مجانين المشاهير من غيرهم، بشكل أبسط هذا يعني أنهم أقل ذكاءً.
إذ وجدت الدراسة المجرية التي نشرت في مجلة BMC Psychology العلمية، ارتباطاً مباشراً بين "عبادة المشاهير" والأداء الضعيف في الاختبارات المعرفية، وذلك بعد إجراء دراسة استقصائية على 1763 بالغاً.
وقد طلب من المشاركين في الدراسة إكمال سلسلة من المهام المعرفية، بما في ذلك اختبار مفردات مكون من 30 كلمة، واختبار استبدال رمز الأرقام، وكذلك استبيان "مقياس المعرفة بالمشاهير" الذي تم إنشاؤه من أجل تحديد مدى اهتمامهم بالأشخاص المشهورين.
وقد طلب من الأشخاص الإجابة ببساطة بـ "نعم" أو "لا" في استبيان "مقياس المعرفة بالمشاهير"، وشملت الأسئلة أو جمل الاستبيان عبارات مثل: "غالباً ما أشعر بالحاجة إلى معرفة العادات الشخصية لنجمي المفضل"، "أنا مهووس بتفاصيل حياة المشاهير المفضلين لدي"، و"إذا كنت محظوظاً بما يكفي لمقابلة المشاهير المفضلين لدي وسألوني أن أفعل شيئاً غير قانوني كخدمة من المحتمل أن أفعلها".
ثم قارن الباحثون بين إجابات استبيان معرفة المشاهير هذا وبين القدرات المعرفية للمشاركين، وخلص الباحثون إلى أن أولئك الذين سجلوا أعلى الدرجات على مقياس سلوك المشاهير كان أداؤهم أقل في اختبار القدرة المعرفية.
مع ذلك لم يقر الباحثون بأن الهوس بثقافة المشاهير سبب أو نتيجة لضعف القدرات المعرفية.
نتيجة لضعف القدرات المعرفية.
لكن السؤال المهم هو: لماذا قد يهتم بعضنا بأخبار المشاهير؟
فكرة الاهتمام بأخبار المشاهير قديمة، وأقدم من الاهتمام بمشاهير الشبكات الاجتماعية أو نجوم السينما والتلفزيون، فتذكر فصول التاريخ أن عامة الشعب كانوا في تطلع إلى أخبار الملوك والأمراء، حتى إنه في بعض العصور كان سلوكهم وأزياؤهم تمثل مصدر إلهام لهم.
إذ ذكر عالم النفس التطوري بجامعة ميتشيغان، دانييل كروجر لمجلة LiveScience العلمية، أنه حتى في مجتمعات الصيد القديمة كان هناك تسلسل اجتماعي هرمي يتطلع فيه الأفراد بفضول إلى حياة الأفراد الآخرين المهيمنين في مجموعتهم، فمن ناحية يسهل هذا فهم المشهد والطبقات الاجتماعية ما يسهل عليهم التفاعل فيه، ومن ناحية أخرى قد يكون وسيلة للترقي مجتمعياً، أو قد يكون لمجرد إشباع الفضول والرغبة في المعرفة عن حياة الآخرين، خصوصاً أولئك الذين هم على قمة الهرم الاجتماعي.
حتى لو لم تكن هناك صلة قرابة أو معرفة بيننا وبين مشاهير العصر الحالي، كما أن أخبارهم لا تؤثر على حياتنا بشكل مباشر على الإطلاق، فإن فضولنا حول معرفتها نابع من نفس آليات النميمة التي طورها أسلافنا لمواكبة شؤون أعضاء المجموعة، إذ يشبه بعض علماء النفس معرفة أخبار المشاهير بمعرفة أخبار الجيران ومشاكلهم، لكن الفرق أن أخبار المشاهير أحادية، إذ نعرف أخبارهم ولا يعرفون أخبارنا، عكس أخبار الجيران والمعارف.
في الحقيقة هناك جانب آخر يقع على عاتق المشاهير في معرفة أخبارهم، إذ يتبع مشاهير هذه الأيام طرقاً ذكية ويستشيرون أمهر شركات التسويق فقط ليصبحوا حديث الناس، خصوصاً حينما تنتشر بعض التفاصيل عن حياتهم أو مشاكلهم وربما فضائحهم.