إذا كانت الموجات فوق الصوتية قادرة على كشف العديد من الأمراض، فلماذا لا توجد في كل عيادة وتحت تصرف كل الأطباء؟ هذا التوجه دفع شركات تكنولوجية إلى ابتكار جهاز محمول للموجات فوق الصوتية وقد يتم ربطه بالهاتف الذكي؛ لتشخيص أمراض بخطورة السرطان.
وكانت شركة "باترفلاي آي كيو" أنتجت جهازاً على شكل وحجم ماكينة الحلاقة الكهربائية العادية، يتم إيصاله بنظام ذكاء اصطناعي تحت إشراف خبراء.
تقول الشركة على موقعها الرسمي إن مهمتها "إضفاء الطابع الديمقراطي على الرعاية الصحية من خلال جعل التصوير الطبي في متناول الجميع بجميع أنحاء العالم". فكيف تنوي تحقيق ذلك؟
إصابة ابنته بالسرطان حفزت الطبيب على هذا الابتكار
البداية تعود نحو عقدين من الزمن، عندما أصيبت ابنة البروفيسور الأمريكي جوناثان روثنبرغ بمرض سرطاني نادر يدعى "التصلب الحدبي"، الذي يؤدي إلى ظهور أورام عديدة في الجسم.
كمهندس كيميائي وعالم أحياء وأستاذ علم الوراثة في جامعة ييل الأمريكية، كانت استجابة روثبرغ لتشخيص ابنته وعدم وجود حلول طبية مُرضية هي البحث عن علاج بنفسه.
بالتعاون مع زوجته بوني، أنشآ معهد روثبرغ لأمراض الطفولة. وعلى مدى عقدين أطلق العالِم ورائد الأعمال 8 شركات مختلفة لاحتضان الأفكار الجديدة والتقنيات الجديدة التي تعالج قضايا الرعاية الصحية التي تبدو مستعصية على الحل.
تُدعى إحدى شركات التكنولوجيا هذه بشبكة الفراشة أو Butterfly، التي تهدف إلى تقديم حلول عملية بأقل التكاليف لتصبح متاحة للجميع.
يقول روثبرغ: "هذه ليست مهمة سهلة، وهناك 4.7 مليار شخص حول العالم يفتقرون إلى إمكانية الوصول إلى التصوير الطبي" مثل الموجات فوق الصوتية.
من هذا المنطلق ابتكرت الشركة ماسحاً ضوئياً للموجات فوق الصوتية يحمل باليد ويمكن استخدامه للجسم بالكامل يسمى Butterfly iQ®.
كل ما يحتاجه الجهاز هو هاتف خلوي، إذ يستخدم هذا الجهاز المشحون لا سلكياً والذي يعمل بالبطارية تطبيقاً يخول له الحصول على الصور ونقلها بأمان؛ لمراجعتها وتشخيصها من قِبل فريق من الأخصائيين مقابل اشتراك شهري.
أول جهاز محمول للموجات فوق الصوتية
يعد Butterfly iQ أول ماسح ضوئي محمول باليد يعمل بالموجات فوق الصوتية بأقل من 2000 دولار، وهو أقل بكثير من الماسحات الضوئية المحمولة الأخرى، التي يمكن أن تصل تكلفتها إلى 20 ألف دولار.
على الرغم من عدم توافره للاستخدام المنزلي بعد، فإن جهاز الموجات فوق الصوتية المحمول معتمَد من قِبل إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية (FDA) لـ13 حالة مختلفة، من ضمنها الأوعية الدموية للجنين والعضلات الهيكلية والأوعية الدموية الطرفية.
وفي حين لا ينتج Butterfly IQ الصور التفصيلية نفسها مثل آلات الموجات فوق الصوتية المتطورة، فإنه يرسل إشارة إلى الطبيب إذا كان المريض بحاجة إلى نظرة معمقة.
وبتكلفة أقل للمستشفيات، قد يحفز معدل ذكاء الجهاز الناس على القدوم لإجراء فحوصات متقدمة ووضع أنفسهم على طريق الرعاية، إذا لزم الأمر.
توافَر الجهاز بأسواق أمريكا في أواخر عام 2019، وأثبتت جائحة كورونا حاجة غرف الطوارئ إلى أجهزة صغيرة ومحمولة تساعد في التشخيص المبدئي والأوّلي، وهو ما نشرته مراجعات طبية لمستشفيات كندية استخدمت الجهاز.
وتوقعت كلية الطب في جامعة بريتش كولومبيا الكندية أن تصبح أجهزة الموجات فوق الصوتية المحمولة، يوماً ما شائعة مثل سماعة الطبيب.
واعتبرت في مراجعتها للتكنولوجيا الحديثة، أن التكلفة المنخفضة نسبياً لهذه الأجهزة والراحة التي توفرها تستطيعان أن تزيلا الحواجز التي تحول دون دمج تشخيص الموجات فوق الصوتية، مما يجعل هذه المهارة السريرية أكثر شيوعاً.
كما توفر إمكانات الموجات فوق الصوتية عن بُعد أيضاً فرصاً للتعلم ودعم الأقران، من خلال توصيل المستخدم بالآخرين في الوقت الفعلي، للحصول على الدعم.