تبذل مجهوداً كبيراً على الآلات في النادي وتكتشف أن السعرات الحرارية التي حرقتها تكاد تعادل لوح شوكولاتة، هذه الأرقام التي تنظر إليها كل قليل قد لا تكون بالدقة التي تفترضها؛ بل هي أقل للأسف.
مقابل كل 100 سعرة حرارية نتوقع حرقها نتيجة ممارسة التمارين الرياضية، لا يتعدى الرقم الحقيقي الذي يحرقه أغلبنا 72 سعرة حرارية.
التمارين الرياضية تحرق سعرات أقل
دراسة جديدة خلصت إلى أن أجسامنا تميل آلياً إلى تعويض ما لا يقل عن ربع السعرات الحرارية التي نحرقها خلال التمرينات الرياضية، ما يقوّض مجهوداتنا المبذولة لإنقاص أوزاننا خلال التدريب.
وتوضح نتائج الدراسة التي نُشرت في مجلة Current Biology، أن الوزن الزائد يضاعف عملية تعويض السعرات الحرارية التي يقوم بها الجسم، ما يجعل خسارة الوزن من خلال التمرينات الرياضية أصعب على أصحاب الوزن الزائد.
إلا أن الدراسة تشير إلى أن عملية التعويض تلك تختلف من شخص إلى آخر، وأن إدراك طريقة استجابة عملية الأيض للتمرينات الرياضية يمكن أن يكون عاملاً محورياً لتحقيق الاستفادة القصوى من التمرينات بغرض إنقاص الوزن.
في هذه الدراسة، حلل الباحثون بيانات من 1754 من البالغين، وتحديداً عدد السعرات الحرارية التي أحرقوها في الأساس (ويعرف أيضاً باسم إنفاق الطاقة الأساسي أو معدل الأيض الأساسي، وهو عدد السعرات الحرارية التي يحتاجها جسمك ليعمل ببساطة) إلى جانب عدد السعرات الحرارية التي حُرقت بشكل عام خلال النهار.
على سبيل المثال، لنفترض أن إنفاقك الأساسي للطاقة هو نحو 1400 سعرة حرارية في اليوم، وتحرق حوالي 300 سعرة حرارية خلال 30 دقيقة من الجري، وتحرق 700 سعرة حرارية إضافية أثناء القيام بمهام متنوعة أخرى في اليوم مثل الطهي والتنظيف والمشي والعمل.
وفقاً لنتائج الباحثين، على الرغم من أنه، نظرياً، كان يجب أن تحرق 2400 سعر حراري في اليوم، فربما تكون قد حرقت بالفعل 1728 سعرة حرارية فقط، 72% فقط من الإجمالي المقدر.
ولكن لماذا؟
يبدو أن السبب مرده غريزة فسيولوجية متبقية من أيام البشر الأولى، وكل ذلك باسم الحفاظ على الطاقة.
كتب الباحثون يورقتهم: "من المفترض أن يكون هذا التعويض متكيفاً مع أسلافنا، لأنه قلل من متطلبات الطاقة الغذائية، وبالتالي قلل من الوقت اللازم للبحث عن الطعام، والتي قد تشمل مزاياها تقليل التعرض للافتراس؛ وهو ليس مجرد شيء في البشر"
وأضافوا: "قد يستجيب كل من البشر والحيوانات لطاقة أكبر يتم إنفاقها على النشاط على المدى الطويل، من خلال تقليل الطاقة التي يتم إنفاقها على سائر العمليات الأخرى".
العملية المعقدة لحرق وتعويض السعرات الحرارية
نظرياً، تساعد التمرينات الرياضية بشكلٍ ملحوظ في عملية خسارة الوزن، إذ إنّ عضلاتنا تنقبض حين نتحرك، وهو ما يتطلب استهلاك قدر أكبر من الوقود مقارنةً بأوقات الراحة، في حين تستهلك الأعضاء الأخرى بالجسم والأنظمة الحيوية طاقةً إضافية.
وبفضل الدراسات المعملية السابقة، تم تحديد بعض الأرقام على الشكل التالي: يحرق السير مسافة 1.6 كم على سبيل المثال نحو 100 سعرة حرارية، وذلك بناءً على وزن الشخص وسرعته في السير.
وكان أغلب الناس، ومن ضمنهم علماء الرياضة، يفترضون حتى وقتٍ قريب أن عملية الحرق تراكمية؛ أي إذا كان السير لمسافة 1.6 كم ونصف يحرق 100 سعرة حرارية، فإنّ السير لثلاثة كيلومترات سيحرق 200 سعرة حرارية، وهكذا على نحوٍ منطقي حسابياً. وعليه فإنّ عدم تعويض تلك السعرات المحروقة بطعامٍ إضافي في ذلك اليوم سيعني أننا حرقنا سعرات أكثر مما تناولناه، وبالتالي سنبدأ في فقدان الوزن.
لكن هذه النتيجة المنطقية نادراً ما تتحقق، إذ كشفت دراسةٌ تلو الأخرى أن غالبية الأشخاص الذين يبدأون برنامج تدريب رياضي جديداً لا يفقدون مقدار الوزن المُتوقع لهم بناءً على عدد السعرات الحرارية التي يحرقونها أثناء التدريب، حتى لو اتبعوا نظاماً غذائياً صارماً.
وهكذا، بدأ بعض العلماء يخمنون أن استهلاك الطاقة ربما كان أقل مرونة مما ظننا، بمعنى أنه ربما كان محدوداً.
زيادة النشاط لا تعني بالضرورة حرق سعرات أكثر
وحشدت هذه الاحتمالية زخماً في عام 2012، عندما نُشرت دراسة هامة عن الصيادين وجامعي الثمار الإفريقيين، حسب ما نشرته صحيفة New York Times .
أظهرت الدراسة وقتها أنه على الرغم من أن أبناء القبائل ساروا أو هرولوا لساعات يومياً، فإن إجمالي السعرات الحرارية المحروقة لديهم تساوى تقريباً مع الرجال والنساء الغربيين قليلي الحركة.
وبطريقة ما، أدرك باحثو الدراسة أن أجسام أبناء القبائل كانت تقوم بالتعويض، وتُقلل إجمالي السعرات الحرارية المحروقة لتجنب التعرض للمجاعة أثناء مطاردة طعامهم.
ثم عززت دراسات صغيرة أخرى لاحقةٌ هذا الاستنتاج؛ وهو أن زيادة النشاط الرياضي لا تعني بالضرورة حرق سعرات حرارية أكثر في اليوم.
لذا، إذا كان هدفك هو حرق السعرات الحرارية وفقدان الوزن، فمن الجيد التركيز على التمارين التي تستخدم مجموعة عضلية كبيرة، حسبما قال أخصائي التغذية ألبرت ماثيني لمجلة Shape.
وأخيراً، حتى لو كنت ستحرق سعرات حرارية أقل مما قد تعتقد في نهاية التمرين، فإن البقاء نشيطاً على المدى الطويل يعود بأفضل المكافآت لكل من عقلك وجسمك بالتأكيد، خصوصاً إذا جمعت بين نشاطك المعتاد ونظام غذائي صحي.