بين التغذية وسكر الدم وممارسة الرياضة علاقة مترابطة ومثبتة طبياً وعلمياً، فهل يستفيد الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع مستمر في مستوى السكر في الدم التمارين الرياضية بنفس معدل ذوي المستوى الطبيعي؟
دراسة تحذيرية جديدة كشفت أن الاستفادة من هذه التمارين تقل إلى حد ما، حسب ما نشرت صحيفة New York Times. لماذا؟
الدراسة، التي أُجريت على القوارض والبشر بيّنت أن تناول نظام غذائي غني بالسكر والأطعمة المصنعة، والذي قد يُمهد الطريق لضعف السيطرة على نسبة السكر في الدم، يُمكن أن يُضعف الصحة جزئياً على المدى الطويل عن طريق تغيير مدى استجابة أجسامنا لمرض السكري.
ومن المعلوم طبياً أن ارتفاع معدل السكر في الدم أمر غير صحي على أكثر من مستوى:
أولاً: تميل أوزان الأشخاص المُصابين بارتفاع السكر في الدم للزيادة.
ثانياً: يرفع من معدلات الإصابة بأمراض القلب.
ثالثاً: يرفع من خطر الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكر.
رابعاً: يميل هؤلاء الأشخاص لأن يكونوا أقل لياقة.
وفي الدراسات الوبائية كان الأشخاص ذوو معدلات السكر المرتفعة في الدم عادةً أقل لياقة، وكذلك في الدراسات التي أُجريت على الفئران التي رُبيت على قدرة احتمال منخفضة تُظهر مشكلات مرتبطة بالسكر في مراحل مبكرة من أعمارها.
تلك العلاقة المتداخلة بين السكر واللياقة تُعد في أحد جوانبها علاقة سببية؛ لأن انخفاض اللياقة الرياضية يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمخاطر الوفاة في سن مبكرة.
غير أن معظم الدراسات السابقة عن نسبة السكر في الدم واللياقة كانت دراسات وبائية، بمعنى أنها بحثت وجود روابط بين الحالتين ولكن ليس تسلسلهما أو آلياتهما.
لم توضح الدراسات السابقة ما إذا كان ارتفاع السكر في الدم عادةً ما يسبق ويؤدي إلى تدني اللياقة، أم العكس، أو كيف يمكن لأي من الظرفين التأثير على الآخر.
تأثير مستوى السكر في الدم على التدريبات الرياضية
لذلك قرر الباحثون بمركز Joslin Diabetes بولاية بوسطن الأمريكية ومؤسسات أخرى، في هذه الدراسة الجديدة التي نُشرت في سبتمبر/أيلول 2021 بدورية Nature Metabolism أن يرفعوا مستويات السكر في دماء الفئران ويُراقبوا تأثير ذلك عند ممارسة التمارين الرياضية.
في البداية عملوا على الفئران البالغة، فحولوها من حميتها الطبيعية إلى أُخرى تحوي نسبة عالية من السكر والدهون المُشبعة شبيهة بالحمية الغربية والغنية بالبرغر والبيتزا وغيرها.
وسرعان ما زادت أوزان تلك الفئران وارتفعت مستويات السكر في دمائها.
حقن الباحثون فئراناً أُخرى بمادة تُقلل من قدرتها على إنتاج الإنسولين، الهرمون المسؤول عن التحكم في مستوى السكر بالدم، تماماً كما يحدث عند المُصابين بنوع مُعين من السكري.
لم تزد أوزان تلك الفئران، لكن مستويات السكر في دمائها ارتفعت إلى مستويات مماثلة للمستويات التي ارتفع لها السكر في دماء المجموعة الأولى من الفئران.
أما الفئران في المجموعة الثالثة فتُركت على حميتها الغذائية التقليدية لتكون مجموعة المراقبة.
بعد أربعة أشهر اختبر الباحثون لياقة كل فأر بقياس الوقت الذي يستطيع قضاءه على آلة العدو قبل أن يُصاب بالإعياء. ثُم وضعوا عجلة ركض في قفص كل فأر وتركوه يركض وقتما شاء لمدة ستة أسابيع.
في المتوسط ركض كل فأر نحو 480 كيلومتراً خلال تلك الفترة.
لكن لم تكتسب كل الفئران نفس اللياقة؛ ركضت الفئران في مجموعة المراقبة لمدة أطول على العجلة قبل أن تُصاب بالإعياء، وكانت لياقاتها أعلى بكثير.
أما الفئران ذات مستوى السكر الأعلى فقد أظهرت تحسناً أقل في لياقتها، وبالكاد زادت لياقتها البدنية.
ولأن فئران المعامل ليست بشراً، فحص الباحثون مستويات السكر وقدرة الاحتمال في مجموعة من 24 شخصاً بالغاً.
لم يكن أي منهم مصاباً بالسكري، ولو أن بعضهم كانت مستويات السكر في دمائهم مرتفعة، وقد يُصنفون على أنهم مُصابون بمقدمات السكري.
وخلال اختبار الجري كانت لياقة أولئك الذين يُعانون من مشكلات في التحكم في مستويات السكر هي الأقل، وحين اختبر العلماء لاحقاً أنسجتهم العضلية تحت المجهر وجدوا نشاطاً عالياً للبروتينات التي قد تُعيق اكتساب اللياقة البدنية.
إجمالاً تقترح نتائج تلك الدراسة سواء على الفئران أو البشر أن "حشو أنسجتك بالسكر باستمرار ليس فكرةً صائبةً"، وقد تحرمك من أي فوائد قد تعود بها عليك ممارسة التمارين الرياضية، وفقاً لكلام سارة ليسارد، الأستاذة المساعدة في مركز Joslin Diabetes وكلية الطب بجامعة هارفارد، والتي أشرفت على الدراسة الجديدة.
طعام ما قبل وبعد التمارين الرياضية
ولتعزيز القدرة على ممارسة التمارين بعد التزود بالمغذيات اللازمة، نستعرض في ما يلي أنواع الطعام اللازمة قبل وبعد ممارسة التمارين وفق تقرير سابق نشر على موقع "عربي بوست":
قبل التمارين
يجب تناول وجبة متوازنة قبل التمرين بثلاث إلى أربع ساعات تقريباً، ويجب أن يحتوي طبقك على كربوهيدرات وكمية معتدلة من البروتين الخالي من الدهون، بحسب موقع Heart للمعلومات الطبية.
وكلما اقتربت من وقت التمرين، قلل رغبتك في التهام الوجبات الكبيرة لتجنب مشاكل الهضم وألم البطن أثناء بذل المجهود، واكتفِ فقط بتناول وجبة خفيفة إذا ما شعرت بالجوع أو انفتاح الشهية.
أولاً، قُم بشرب قسط وافر من الماء، وذلك لكي تعوض كمية العرق التي ستقوم ببذلها خلال تمارينك الرياضية دون أن يمثل ذلك ضغطاً على كليتيك وأعضائك الداخلية نتيجة الجفاف النسبي.
بعد التمارين
كلما بدأت في التزود بالوقود مبكراً، كان ذلك أفضل وفقاً لموقع Shape.
ويشير الموقع إلى أن قدرة جسمك على إعادة ملء مخازن العضلات تقل بنسبة 50% تقريباً إذا انتظرت أن تتناول الطعام بعد ساعتين فقط من التمرين مقارنةً بتناول الطعام على الفور.
لذلك حاول التخطيط مسبقاً وإحضار مشروب من البروتين المخفوق مثلاً إلى صالة الألعاب الرياضية، أو قُم بحمل شطيرة زبدة الفول السوداني الطبيعية والمربى الخالية من المواد الاصطناعية لكي تتناولها عند الانتهاء.
ووفقاً لمجلة الجمعية الدولية للتغذية الرياضية، فإن أفضل الأطعمة التي يجب تناولها بعد التمرين يجب أن تحتوي على البروتين والقليل من الكربوهيدرات.