هل افترضت يوماً أن كمية الطعام التي نأكلها ليست مسؤولة عن مستويات السمنة، وإنما طبيعة ما نأكله. ففي ظل كل الأطعمة المعالجة والمعدة لتكون لذيذة جنباً إلى جنب مع نمط حياة خامل، تبدو زيادة الوزن أمراً حتمياً.
ورقة علمية جديدة نُشرت في المجلة الأمريكية للتغذية السريرية توصلت إلى أن النوعية أهم من الكمية عندما يتعلق الأمر بمراقبة الوزن.
يقول المشرف الرئيسي على الدراسة والأستاذ في كلية الطب بجامعة هارفارد ديفيد لودفيغ، لموقع Healthline: "النهج التقليدي لخسارة الوزن القائم على نموذج توازن الطاقة: (تناوَل كميات أقل وتحرَّك أكثر)، فشل تماماً في وقف الانتشار السريع للسمنة والأمراض المرتبطة بها".
توازن الطاقة لخسارة الوزن غير دقيق
وفقاً لنموذج توازن الطاقة (EBM)، فالسمنة تحدث نتيجة الإفراط في تناول الطعام أو الحركة المحدودة. لكن القائمين على الدراسة أشاروا إلى وجود خلل في هذه النظرية.
فرغم عقود من الرسائل الصحية التي تشجع الناس على تقليل الطعام والإكثار من الحركة، استمرت معدلات السمنة والأمراض المرتبطة بها في الارتفاع.
يقول لودفيغ: "دراستنا تشير إلى أن المشكلة تنشأ، لا من أوجه القصور الشخصية في حد ذاتها، وإنما من قصور أساسي في الطريقة التي نتصور بها السمنة. فنحن نرى أن نموذج توازن الطاقة إعادة صياغة لقانون فيزيائي، وينقصه التركيز على الأسباب الأساسية، وعلى ما يؤدي إلى انتشار جائحة السمنة".
ويقول لودفيغ إن فريقه يطرح "نموذجاً بديلاً يركز على الجانب البيولوجي" يسمى نموذج الكربوهيدرات-الأنسولين، في أكثر صوره شمولاً حتى الآن.
ووفقاً لهذا النموذج، فالإفراط في تناول الطعام ليس هو سبب السمنة، بل ميل الجسم إلى تخزين الدهون الزائدة هو ما يجعلنا نفرط في تناول الطعام.
الكربوهيدرات المعالجة والسمنة
بدوره وافق رئيس قسم جراحة السمنة في مستشفى لينوكس هيل بمدينة نيويورك، ميتشيل روزلين، على نموذج الكربوهيدرات-الأنسولين.
ويؤكد روزلين أن ما يسبب زيادة الوزن ليس مقدار ما تأكله، وإنما ما يحويه طبقك، خاصةً الأطعمة المعالجة.
وأوضح أنَّ "تناول الأطعمة المعالجة، خاصةً تلك التي خضعت لتغيرات كيميائية وأزيلت منها الألياف، يخدع الجسم. فرغم أنه يؤدي إلى تكوين الدهون، فإن الدماغ يتصور أنه نقص في الطاقة".
يقول لودفيغ إنه إذا ثبتت صحة نموذج الكربوهيدرات-الأنسولين، فستكون له "آثار كبيرة" على الوقاية من السمنة وعلاجها.
وقال: "هذا يعني أن التركيز على ما تأكله، وليس كميته، قد يكون أكثر فاعلية على المدى الطويل".
وأضاف لودفيغ أن الحد من استهلاك الكربوهيدرات المعالجة، بدلاً من تقليل إجمالي السعرات الحرارية، له أن يسهّل الحفاظ على وزن معتدل بدرجة كبيرة.
الأشخاص المصابون بالسمنة يعانون سوء التغذية
يقول روزلين إن معظم الأشخاص المصابين بالسمنة المفرطة "يعانون سوءاً في التغذية وليس فرط التغذية".
وأشار إلى أنَّ تناول الأطعمة المعالجة يمكن أن يؤدي إلى مقاومة الأنسولين وهي مشكلة كبيرة كثيراً ما يغفلها معظم الأطباء.
وقال: "استمرار النظام الغذائي غير السليم قد يؤدي إلى رفع مستويات الأنسولين للسيطرة على الغلوكوز والوقاية من مرض السكري. والأنسولين المرتفع يوجه الجسم بتخزين الدهون، خاصة في الأماكن الخطأ، مثل الكبد. وترتفع نسبة الدهون الثلاثية وتزداد احتمالية الإصابة بأمراض القلب".
ونبّه روزلين إلى أن هذا النمط الغذائي قد يؤدي في النهاية إلى الإصابة بمرض السكري وارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة الكوليسترول، وهو ما ينبغي علاجه بالأدوية.
وقال مستدركاً: "لكن السبب الأساسي، الذي هو الأطعمة المعالجة الخالية من الألياف، نادراً ما يُعالج".
الكربوهيدرات ليست كلها غير صحية
لكن الكربوهيدرات بشتى أنواعها لا تتساوى.
وتقول مديرة البرامج بمعهد كاتز لصحة المرأة، شارون زارابي، إن الكربوهيدرات البسيطة، التي عادةً ما تكون بيضاء، تُجرَّد من عناصرها الغذائية، وتُهضم بسرعة، وتؤدي إلى استجابة أعلى للمؤشر الغلايسيمي أو نسبة السكر في الدم.
والمؤشر الغلايسيمي يقيس مدى سرعة تحوُّل الكربوهيدرات المختلفة إلى سكر في الدم، إلا أنه لا يضع في الاعتبار طريقة الطهي أو حجم الوجبة أو النضج.
تناول الأطعمة في حالة قريبة من طبيعتها
تقول شارون: "يُفضل تناول الأطعمة وهي على طبيعتها قدر الإمكان، مثل الأطعمة ذات الألوان الداكنة المكونة من الحبوب والتي لا تتعرض إلا لأقل قدر من المعالجة. والأهم من ذلك، استمتع بما تأكله".
وقالت إن قاعدتها الأساسية هي تناول الأطعمة الغنية بالألياف، 3 غرامات لكل وجبة أو أكثر، وتحتوي على أقل من 10 غرامات من السكر.
نوع الطعام مسؤول عن زيادة الوزن
عبر استخدام "طبق الأكل الصحي" الذي توصي به جامعة هارفارد كدليل صحي، من الضروري تناول الخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة والدهون الصحية والبروتينات الصحية في الغالب. ويمكن تلخيص توصياتها على الشكل التالي:
يعتبر نوع الكربوهيدرات في النظام الغذائي أكثر أهمية من كمية الكربوهيدرات بالنظام الغذائي، لأن بعض مصادر الكربوهيدرات- مثل الخضراوات (بخلاف البطاطس) والفواكه والحبوب الكاملة والفول- هي أكثر صحة من غيرها.
تجنب المشروبات السكرية، وهي مصدر رئيسي للسعرات الحرارية.
استخدام الزيوت الصحية، دون وضع حد أقصى لنسبة السعرات الحرارية التي يجب أن يحصل عليها الأشخاص كل يوم من المصادر الصحية للدهون.
تعديلات بسيطة ولكن ناجحة
بينما ينصح الخبراء بتدوين ما تتناوله خلال النهار لتكون أكثر إدراكاً لما يدخل جوفك، فإن التخطيط يسهل المهمة أكثر:
يمكن التخطيط لوجباتك الرئيسية والخفيفة لتضمن ما يلي:
- اختيار الوجبات الصحية كالخضار بدلاً من الطعام المعلب
- توفير الوقت لشراء البقالة
- تأمين مستلزمات الوجبات الرئيسية بحيث يسهل إعداد الطاولة أسرع وأقل إجهاداً
- تقليل هدر الطعام بشراء فقط ما تحتاجه