من المعلومات البديهية عن شعر الأنف والتي بات يعرفها أي شخص، أنه ينقّي الهواء الذي نتنفسه، وبالتالي فهو يساعدنا في مكافحة نزلات البرد ويحمينا من العدوى الفيروسية والبكتيرية المحمولة في الهواء.
ولكن هل هذه المعلومات "البديهية" صحيحة فعلاً؟ أم أنها مثل المعلومات الأخرى القائمة على تاريخ ترديدها وتناقلها بين الناس وليس على التحقق والإثبات.
هل شعر الأنف يحمينا من العدوى الفيروسية؟
إريك فويغت، طبيب الأنف والأذن والحنجرة في جامعة نيويورك، يؤكد أنَّ وجود الشعر في أنف الإنسان مفيد جداً لصحته، وقيامه بنتفه قد يؤدي إلى مشاكل صحيّة جمة.
وأضاف في لقاء مع موقع Business Insider، أن أسفل بصيلات الشعر في الأنف يحتوي على كثير من الجراثيم، وعندما يقوم الناس بنتفها تقفز تلك الجراثيم للأعلى وتدخل إلى الجسم.
وأوضح أن بإمكان تلك الجراثيم البقاء في جوف الأنف والتسبب بالتهابات خطيرة، وقد تنتقل عبر الأوردة نحو الدماغ لتسبب مرض خراج الدماغ أو تصيب الأغشية المخاطية المحيطة بالدماغ والنخاع الشوكي لتسبب مرض السحايا، وجميع هذه الأمراض التي تم ذكرها خطيرة وتسبب الموت.
في حين نشر موقع Health Line الطبي قائمة بالأمراض التي تنتقل للإنسان عن طريق العدوى في حال إزالته شعر الأنف مثل:
التهاب الدهليز الأنفي
التهاب الدهليز الأنفي هو عدوى تصيب الجزء الداخلي من الأنف، ويحدث بشكل شائعٍ نتيجة لعدوى المكورات العنقودية عندما تدخل البكتيريا من خلال جرح موجود في الأنف قد يحدث أثناء النتف.
داء الدمامل الأنفي
داء الدمامل الأنفي هو عدوى عميقة في بصيلات الشعر بالأنف وقد تصيب الإنسان في حالة نتف الشعر وتُسبب الألم والتورم والاحمرار. وفي حالات نادرة، قد تسبب مضاعفات خطيرة في حال انتقلت العدوى عبر الأوعية الدموية باتجاه الدماغ، وتشمل هذه المضاعفات ما يلي:
تجلط الجيوب الكهفية وهو تكوين جلطة دموية في جزء من دماغك خلف عينيك.
التهاب النسيج الخلوي وهو عدوى بكتيرية تصيب الجلد والأنسجة الموجودة تحته.
التهاب السحايا الجرثومي الحاد وهو التهاب في الأنسجة التي تغطي الدماغ والحبل الشوكي.
رأي مخالف
ترى صحيفة The New York Times الأمريكية أنَّ المعلومة التي تقول إنّ شعر الأنف يوفر الحماية للإنسان من الجراثيم والفيروسات والبكتيريا تعود إلى أكثر من قرن مضى وتحديداً إلى عام 1896.
وذلك عندما قال طبيبان إنجليزيان في المجلة الطبية The Lancet: " تكون الأجزاء الداخلية للغالبية العظمى من التجاويف الأنفية العادية معقمة تماماً. وعلى الجانب الآخر، فإن دهاليز فتحة الأنف تبطنها الشعيرات، وجميع القشور المتكونة في هذه المنطقة تعج بالبكتيريا".
إذ يوضح الكلام الذي قالاه كيف أنَّ الشعيرات تؤدي عمل مرشحات تنقية لدرجة تجعل عدداً كبيراً من الميكروبات تلقى مصرعها في الشبكات الرطبة التي تكوّنها الشعيرات التي تبطن الدهاليز.
ربما يبدو استنتاج الطبيبين البريطانيين منطقياً في ذلك الوقت، لكن حتى هذه هذه اللحظة، لم يؤكد أحدٌ ما إذا كان قص شعر الأنف قد يسهل اختراق الجراثيم لمسافة أعمق في المجرى التنفسي.
هل أصحاب شعر الأنف الأكثر كثافة أقل عرضة للربو؟
في دراسة أُجريت على 233 مريضاً نُشرت في السجلات الدولية للحساسية والمناعة، وجد فريق من الباحثين الأتراك، أن أصحاب شعر الأنف الأكثر كثافة، أقل عرضة للربو، وأرجع الباحثون هذا إلى وظيفة التنقية التي يؤديها شعر الأنف.
كانت ملاحظتهم مثيرة، لكن دراسة قائمة على الملاحظة لا يمكنها إثبات علاقة سببية، إضافة إلى أن الربو ليس بعدوى.
ولم يقم الباحثون بأي متابعة للدراسة لتقييم مدى تأثير قص شعر الأنف على خطر الإصابة بالربو، أو بالعدوى.
الدراسة الوحيدة حول تأثير قص شعر الأنف
ولكن في عام 2015، أجرى أطباء في شركة مايو كلينيك أول دراسة تبحث في تأثير قص شعر الأنف، وحتى الآن هي الدراسة الأولى والوحيدة.
وقاس الباحثون فيها معدل تدفق الهواء الأنفي في 30 مريضاً قبل وبعد إزالة شعر الأنف، ووجدوا أن إزالة شعر الأنف أدت إلى تحسينات في تدفق الهواء الأنفي، وكان التحسن أعظم ما يكون لدى أصحاب شعر الأنف الأكبر في البداية.
ولكن هل زيادة معدل تدفق الهواء من الأنف مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بالعدوى؟
الدكتور ديفيد ستودارد، المؤلف الرئيسي لدراسة "مايو كلينيك"، ذكر أنه إذا كان هناك شخص يعمل في أعمال البناء على سبيل المثال، فيمكن القول إن الغبار الأبيض الناتج عن عمله يمكنه أن يَعلَق في شعيرات أنفه.
لكن هذه الجزيئات الكبيرة هي التي تعلق في شعيرات الأنف، والفيروسات أصغر بكثير، أي إنها صغيرة لدرجة أنها ستمر خلال الأنف في كلتا الحالتين.
وأكد ستودارد أنه لا يعتقد أن إزالة شعر الأنف ستعرض الشخص لمزيد من خطر الإصابة بعدوى تنفسية.
ولذلك فإن هذه الدراسة المحدودة لشعر الإنف ترى أنه لا يوجد أي دليل على أن إزالة شعر الأنف بالقص أو بالشمع تزيد من خطر الإصابة بالعدوى.