أثار انسحاب لاعبة الجمباز الأمريكية سيمون بايلز من أولمبياد طوكيو الجدل من قبل متابعي الأخبار الرياضيّة حول العالم، سيما وأنها كانت واحدة من أبرز المرشحين لنيل الميداليات الذهبية عن هذه المسابقة.
وقررت بايلز الانسحاب من نهائي مُسابقة كل الأجهزة للفرق وأيضاً الانسحاب من فردي كل الأجهزة، لأن الأمور معها لم تمض بشكل صحيح في حصان الوثب، وقالت إنّها تعاني من بعض "التقلبات الذهنية".
وفي الوقت الذي يدرك لاعبو رياضة الجمباز أهمية وخطورة التقلبات الذهنية في لعبتهم، فإن هذا المصطلح قد يبدو غير مألوف لدى بقية الناس.
ما هي التقلبات الذهنية عند لاعبي الجمباز؟
في بعض الرياضات قد يكلفك التقلب الذهني المفاجئ خسائر كبيرة، وهو أمرٌ مماثل لما يحدث في رياضية الغولف التي يعاني أحياناً بعض اللاعبين خلال ممارستها بحالة تسمى "اليبس" وهي وفقاً لما ذكره Mayoclinic اضطراب حركي على شكل تقلصات لا إرادية في الرسغ أثناء اللعب، فيفقد اللاعبون مهاراتهم الحركية وتتسبب لهم بضربة خاطئة أو خسارة للمباراة.
وفي رياضة الجمباز كذلك الأمر، يمكن للتقلبات الذهنية أن تتسبب في فقدان الشخص لإحساسه بالمساحة والأبعاد أثناء وجوده في الهواء، مما يتسبب في فقدان سيطرته على جسده والقيام بتقلبات إضافية لم يكن يقصدها.
وفي أسوأ الحالات قد يجد لاعب الجمباز الذي يعاني من التقلبات الذهنية نفسه غير قادر على الهبوط بأمان.
وبحسب ما ذكرته شبكة BBC البريطانية، فإن جميع لاعبي الجمباز مُعرضون لأن يصابوا بالتقلبات الذهنية حتى ولو كانوا يقومون بنفس الحركات لسنوات دون مواجهة أي مشاكل.
كلوديا فراجاباني عاشت لحظات مشابهة
خلال تصفيات الدور النهائي، كانت الأضواء شبه مسلطة على سيمون بايلز، التي تعتبر واحدة من أعظم لاعبات الجمباز عبر التاريخ، لكنّ بدايتها الضعيفة حيث تعثرت في واحدة من حركاتها الأرضية جعلتها تحتل المركز الثاني خلف الإيطالية فانيسنا فيراري، في حين لم تقدم أفضل مستوياتها على عارضة التوازن والعارضتين.
هذا الأداء المشوّش ضرب على الوتر الحساس لأولئك الذين عاشوا لحظات مشابهة من قبل، مثل البريطانية كلوديا فراجاباني التي سقطت على القضبان غير المستوية في تصفيات الأولمبياد كما تعرضت لإصابة في الرأس.
وقالت فراجاباني لشبكة BBC: "أتفهم بالضبط ما تشعر به سيمون، فالناس يظنون أن بإمكانها الاستمرار، ولكنها في النهاية بشر، إذا كنت تشك في نفسك قليلاً يمكنك أن تؤذي نفسك لو لم تتخذ القرار الصحيح، أنا كنت مكانها وانتهى الأمر بي بإيذاء نفسي".
وأضافت: "مع اقترابي للتأهل إلى الأولمبياد في أبريل/نيسان الماضي شعرت بأنني أعاني من تقلبات ذهنية، لكنني اعتقدت أنّ علي إعطاء أفضل ما عندي، ولسبب ما بدلاً من أن أقوم بشقلبة واحدة وجدت نفسي أحاول القيام بأشياء مضاعفة، فسقطت على رأسي وانتهى الأمر بي بالمشفى بسبب ارتجاج في الدماغ".
وأشارت إلى أنّ هذه المرة قد تكون الأخيرة التي تحاول فيها الذهاب إلى دورة أولمبية جديدة.
الأمر يشبه عدم فتح المظلة في رياضة القفز بالمظلات
من جهتها، قالت كريستينا مايرز، لاعبة جمباز سابقة والآن تعمل مدربة جمباز في ولاية ألاباما: "إن التقلبات الذهنية تحدث عندما ينفصل دماغك عن جسمك، تخيل أنك تقفز بالمظلة لكنّ مظلتك لم تنفتح".
وأوضحت بأنّ هذه الانقلابات هي نفسية في الدرجة الأولى؛ ولذلك يبدأ جسمك في إضافة تلك التقلبات على مهاراتك حتى الأشياء التي تشعر بأنها روتينية مثل المشي ستشعر أنها تتعرض لهذه التقلبات أيضاً.
وأضافت أنه بالنسبة إلى جيلها لم يكن ينظر إلى التقلبات الذهنية على أنها سبب وجيه للابتعاد عن الرياضة؛ ولذلك حاولت التغلب على تلك التقلبات وانتهى الأمر بها إلى الإصابة بكسر إجهاد في العمود الفقري، مما أجبرها على الاعتزال.
التقلبات الذهنية قد تصيب بالشلل
أما لاعبة الجمباز السابقة جاكوبي مايلز فقد تعرضت بعد نوبة واحدة من التقلبات الذهنية إلى السقوط؛ ما أدى إلى كسر في رقبتها، الأمر الذي أصابها بالشلل وجعلها تجلس على كرسي متحرك رغم أنّ عمرها حينها لم يتجاوز 15 عاماً.
يذكر أنّ انسحاب سيمون بايلز، التي تعتبر من عظماء رياضة الجمباز، قد فاجأ الكثير من الأمريكيين الذين كانوا يعقدون الآمال عليها من أجل زيادة غلّتهم من الميداليات الذهبية، سيما وأنها حصلت لوحدها على 4 ميداليات ذهبية في مشاركتها السابقة في أولمبياد ريو دي جانيرو في 2016.