بسترة الحليب أنقذت البشرية وتجميد الخضراوات يحافظ على قيمتها الغذائية.. بعض الأطعمة المعالجة أفضل من الطبيعية

عربي بوست
تم النشر: 2021/06/15 الساعة 14:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/06/15 الساعة 14:22 بتوقيت غرينتش

يمكن أن تكون اللغة المستخدمة لوصف الأطعمة التي نأكلها مؤثرة بشكل كبير على كيفية رؤيتنا لها: فالأطعمة "العضوية" و"منزلية الصنع" تبدو أكثر إغراءً من الأطعمة "المعلبة" و"المعالجة" أو "المجففة بالتجميد".

يضاف إلى هذا أن صفةً أخرى يمكن أن تثير شهيتنا، وهي طعام "طبيعي"، بينما نميل إلى ربط الطعام "المعالَج"، بقوائم طويلة من المكونات التي لا يمكننا نطقها. ولكن عندما يتعلق الأمر بصحتنا، هل الطبيعيُّ دائماً أفضل من المصنع؟

إنَّ كون الطعام طبيعياً لا يعني تلقائياً أنه طعام صحي. في الواقع، يمكن أن تحتوي الأطعمة الطبيعية على سموم، والحد الأدنى من المعالجة يمكن في الواقع أن يجعلها أكثر أماناً.

معالجة الحليب أنقذت البشرية من الأمراض

وتجعل المعالجة أيضاً حليب البقر آمناً للاستهلاك. فقد جرت بسترة الحليب منذ أواخر القرن التاسع عشر؛ لقتل البكتيريا الضارة. وقبل هذا الوقت، كان يُوزَّع محلياً؛ لعدم وجود تبريد جيد في المنازل. كانت تُحلب الأبقار بالمدن يومياً، وكان الناس يجلبون الحليب في عربات إلى أحيائهم لبيعه. وكلما كبرت المدن، طالت رحلة الحليب واستغرقت وقتاً أطول للوصول إلى المستهلك، مما يعني أن مسببات الأمراض يمكن أن تتكاثر.

وقد أدت الأدلة المتزايدة التي تشير إلى أن بعض الكائنات الحية في الحليب يمكن أن تكون ضارة، إلى تطوير أجهزة تسخين الحليب واختراع البسترة، التي سرعان ما انتشرت في جميع أنحاء أوروبا، ثم في الولايات المتحدة لاحقاً.

معالجة الأغذية

تجميد الفواكه والخضراوات يحافظ على قيمتها الغذائية

يمكن أن تساعد المعالجة أيضاً في الاحتفاظ بالعناصر الغذائية بالطعام الذي نتناوله. على سبيل المثال، يسمح التجميد، وهو مصنف على أنه معالجة بسيطة، للفواكه والخضراوات بالاحتفاظ بالمغذيات التي يمكن أن تتحلل بطريقة أخرى أثناء بقائها في الثلاجة.  

غالباً ما تُجمد الخضراوات فور حصادها، بدلاً من قطفها ونقلها ثم وضعها على الأرفف، حيث تفقد عناصرها الغذائية.

في عام 2017، اشترى مجموعة من الباحثين خضراوات طازجة من متاجر بقالة مختلفة وحللوا مستويات العناصر الغذائية فيها، وضمن ذلك فيتامين ج وحمض الفوليك، في اليوم الذي اشتروها فيه وبعد خمسة أيام من تخزينها في الثلاجة. 

وعندما قارنوا الخضراوات المجمدة والمبردة، وجدوا أن لديها مستويات مماثلة من العناصر الغذائية. ووجدت الورقة أنه في بعض الحالات، كانت للنباتات المجمدة مستويات عناصر أعلى من نظيرتها المخزنة في الثلاجة.

معالجة الأغذية

معالجة الحبوب تسمح بإضافة العناصر الغذائية

تسمح المعالجة أيضاً بإضافة الفيتامينات والمعادن، مثل فيتامين د والكالسيوم وحمض الفوليك، إلى بعض الأطعمة المصنعة، ومن ضمنها الخبز والحبوب. وقد ساعدت هذه الجهود في تقليل العديد من حالات نقص المغذيات بين عامة الناس. لكن هذا لا يجعل بالضرورة الطعام متوازناً من الناحية الغذائية.

تخمير الجبن يحافظ عليه

يمكن أن تساعد المعالجة أيضاً في الحفاظ على الطعام وجعله أكثر سهولة في الحصول عليه. فتخمير الجبن، على سبيل المثال، يحافظ على ثبات الجبن فترة أطول، وفي بعض الحالات، يقلل من كمية اللاكتوز، مما يجعله في متناول الأشخاص الذين يعانون من حساسية خفيفة من اللاكتوز.

الأطعمة المعالجة تجعل توافر الطعام أسهل

في الماضي، كان السبب الرئيسي لمعالجة الطعام هو زيادة مدة صلاحيته. ولوقت طويل، كان الحفاظ على الطعام عن طريق إضافة مكونات مثل السكر أو الملح أمراً ضرورياً؛ حتى يتمكن الناس من البقاء على قيد الحياة في فصل الشتاء.

لكن سمحت لنا المعالجة اليوم بأكل كثير من الأطعمة مثل الخبز كل يوم دون الحاجة للخبز بأنفسنا أو بشكل يومي.

الطماطم المعلبة مثال نموذجي على أن الطعام المعالج أفضل من الطازج. فهي يمكن حصادها بعد مدة طويلة عندما تكون أكثر نضجاً، ومعالجتها وتخزينها.

صحيحٌ أن بعض المعالجة يمكن أن تجعل الطعام أقل قيمة غذائية، غير أنه لا يزال من الممكن أن تجعل الطعام أكثر سهولة. اللحم المقدد، على سبيل المثال، لا يحسن الصحة، لكنه يمنح مزيداً من الناس إمكانية الوصول إلى اللحوم عن طريق منع الطعام من التلف.

مخاطر الأطعمة فائقة المعالجة

تميل الأطعمة المعالجة أيضاً إلى أن تكون أرخص، لأنه يمكن إنتاجها بتكلفة أقل. وتوصلت الأبحاث إلى أن الأطعمة الصحية أغلى بثلاث مرات من الأطعمة الغنية بالملح والسكر والدهون، والتي تعد في الغالب أطعمة عالية المعالجة.

لكن الأطعمة عالية المعالجة- المصنوعة من مواد مشتقة من الأطعمة والمواد المضافة- مثل الوجبات السريعة والسناك والشيبس والوجبات الخفيفة الجاهزة والعصائر، ليست جيدة بالنسبة لنا بشكل عام. أظهرت الدراسات أن الإضافات الغذائية يمكن أن تغير بكتيريا الأمعاء، وتسبب التهاباً في أجسامنا، وهو ما يرتبط بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب.

وتُظهر الأبحاث كذلك أن الناس يميلون إلى الإفراط في تناول الأطعمة فائقة المعالجة. وأظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين يتناولون أطعمة فائقة المعالجة يستهلكون سعرات حرارية أكثر بشكل عام ويزيد وزنهم ويزيد لديهم خطر الإصابة بأمراض القلب.

وجدت دراسة صغيرة من عام 2019، أنه عندما يتناول الناس وجبات تتكون من أطعمة معالجة لمدة أسبوعين، فإنهم يستهلكون 500 سعرة حرارية أكثر يومياً بالمقارنة عندما يتناولون وجبات تتكون من أطعمة غير معالجة لمدة أسبوعين. اكتسب هؤلاء الأشخاص أيضاً متوسط وزن يبلغ 907 غرامات، بسبب النظام الغذائي فائق المعالجة.

يمكن ربط بعض الأطعمة فائقة المعالجة بالنتائج الصحية السيئة، ولكن لا يجب تعميم هذه النتيجة على جميع الأطعمة المعالجة. يمكن أن تكون الخضراوات المجمدة أو الحليب المبستر أو البطاطس المسلوقة، على سبيل المثال، أفضل لنا من نظيراتها غير المعالجة.

كل هذه الأطعمة أيضاً تشبه إلى حد بعيدٍ شكلها الطبيعي؛ وهذا ما يجب أن نضعه في الاعتبار. طالما نستطيع التعرف على الأطعمة المعالجة على أنها قريبة من شكلها الطبيعي، فإن وجودها في نظامنا الغذائي قد يكون مفيداً لنا.

علامات:
تحميل المزيد