لماذا نعاني من الأرق عند النوم في مكانٍ جديد؟ العلم يفسّر ظاهرة “تأثير الليلة الأولى”

عربي بوست
تم النشر: 2021/04/02 الساعة 11:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/04/02 الساعة 11:34 بتوقيت غرينتش

يختبر معظم الناس ما يسمى بتأثير الليلة الأولى في مرحلة ما من حياتهم. عند النوم في مكان غير مألوف لأول مرة، من المحتمل أن تستغرق وقتاً أطول لتستطيع النوم، وعندما تنام يكون نومك غير مُرضٍ. في الحقيقة لهذه الظاهرة تفسير علمي اكتشفه العلماء وعرفوها باسم "تأثير الليلة الأولى".

على الرغم من أن تأثير الليلة الأولى كان جزءاً من التجربة البشرية منذ أن نام البشر لأول مرة في كهف جديد، فإن العلم وراءه ظل لغزاً حتى ظهور بعض الدراسات الحديثة التي كشفت التفسير العلمي له.

تأثير الليلة الأولى

لذلك شرع باحثون من جامعة براون في رود آيلاند، بقيادة يوكا ساساكي، في التحقيق في الظاهرة الغريبة بمزيد من العمق. أراد الفريق معرفة سبب حدوث تأثير الليلة الأولى وما إذا كان هناك أي فائدة له، تعرف معنا على تفاصيل أكثر في هذا التقرير.

قسما الدماغ الأيمن والأيسر يلعبان دوراً مهماً

اكتشف باحثو النوم "تأثير الليلة الأولى" منذ عقود، عندما بدأوا في دراسة الأشخاص في مختبرات النوم. في الليلة الأولى في المختبر، عادة ما يكون نوم الشخص سيئاً للغاية لدرجة أن الباحثين يتجاهلون ببساطة أي بيانات يجمعونها.

باستخدام تقنيات التصوير العصبي المتقدمة لأخذ لقطات للدماغ النائم، قام فريق البحث من جامعة براون ببناء صورة مفصلة لنشاط النوم خلال الليلة الأولى في مكان جديد. وشملت القياسات تخطيط الدماغ المغناطيسي، والتصوير الهيكلي بالرنين المغناطيسي، وتخطيط النوم (قياس مستويات الأوكسجين في الدم، والتنفس ومعدل ضربات القلب، وحركات العين والساق).

كان نوم الموجة البطيئة، بدلاً من نوم حركة العين السريعة، هو العامل الرئيسي الذي ركز عليه الفريق لأنه يعمل كمقياس مباشر لعمق نوم الفرد. تقول يوكا ساساكي، الأستاذة المشاركة في العلوم المعرفية واللغوية والنفسية بجامعة براون: "يبدو أن الجانب الأيسر أكثر يقظة من الجانب الأيمن".

تساعد هذه النتيجة، التي نُشرت في مجلة Current Biology، في تفسير سبب شعور الناس بالتعب بعد النوم في مكان جديد. 

تأثير الليلة الأولى

لكن ساساكي أرادت أن تعرف ما الذي كان يحدث في الدماغ خلال تلك الليلة الأولى. لذلك قامت هي وفريق من الباحثين بدراسة أنماط موجات الدماغ لدى 35 طالباً من جامعة براون. قاس الفريق شيئاً يسمى نشاط الموجة البطيئة، والذي يظهر أثناء النوم العميق. ووجدوا أنه خلال الليلة الأولى للطالب في المختبر، كان نشاط الموجة البطيئة أكبر في مناطق معينة من نصف الكرة الأيمن منه في المناطق المقابلة في النصف المخي الأيسر.

لكن بعد الليلة الأولى، اختفى الفارق. للتأكد من أن الجانب الأيسر من الدماغ كان أكثر يقظة حقاً، أجرى الفريق تجربتين أخريين؛ أولاً، جعل الطلاب النائمين يستمعون إلى نغمة قياسية متكررة تليها نغمة واحدة من نغمة مختلفة.

عندما يكون شخص ما مستيقظاً أو ينام بشكل خفيف، فإن الدماغ يستجيب لهذه "النغمة المنحرفة". وقد استجابت أدمغة الطلاب – ولكن على الجانب الأيسر فقط.

ثم قام الباحثون بتشغيل صوت مرتفع بما يكفي لإيقاظ شخص كان ينام بشكل خفيف. ووجدوا أن الطلاب استيقظوا بشكل أسرع عندما تم تشغيل الصوت في الأذن اليمنى المتصلة بالجانب الأيسر من الدماغ.

الحيوانات أيضاً تختبر "تأثير الليلة الأولى"

لا تقتصر ظاهرة تأثير الليلة الأولى على البشر، لكنها مشتركة مع الطيور والثدييات البحرية، والتي غالباً ما يقوم نصف دماغها بالنوم بينما يظل النصف الآخر في حالة تأهب.

يشير نيلز راتينبورغ، رئيس مجموعة نوم الطيور في معهد ماكس بلانك لعلم الطيور في Seewiesen بألمانيا، إن القدرة على إراحة جانب واحد فقط من الدماغ لم يتم إثباتها أبداً لدى الأشخاص من قبل. لكنه يقول إنها خدعة يمكن للعديد من الحيوانات القيام بها، مضيفاً أننا قد عرفنا منذ فترة طويلة أن بعض الثدييات البحرية مثل الدلافين وبعض الفقمات وكذلك العديد من الطيور يمكن أن تنام بنصف دماغها فقط في المرة الواحدة.

ما هي فوائد تأثير الليلة الأولى؟

كما ذكرنا سابقاً، اتضح أن أدمغة البشر ليست أول من طور مثل هذه العادة. ومن المعروف أن الحيوانات الأخرى تنام نصف دماغها في حالة تأهب، مثل الثدييات البحرية وبعض الطيور. هذا النوع من عدم التناسق، يسمح لجزء من الدماغ بالبقاء يقظاً؛ إذا كان هناك صوت غريب، فمن المرجح أن نثار استعداداً لمواجهة الخطر.

قال ماساكو تاماكي، عالم النوم في جامعة براون لصحيفة The Guardian: "إذا لم نكن نعرف ما إذا كانت الغرفة آمنة للنوم، فسوف يتفعل نظام المراقبة الليلية في أدمغتنا حتى نتمكن من اكتشاف أي شيء غير عادي، كما لو أن لديك حارساً لحمايتك". 

كدليل على فرضية اليقظة المتزايدة، في تجربة ثالثة، طلب فريق البحث من المشاركين النقر بأصابعهم برفق إذا سمعوا صوتاً أثناء النوم. وجدت ساساكي أنه في الليلة الأولى من النوم، مقارنة بالثانية، كان المشاركون أكثر عرضة للاستجابة، وعندما استجابوا، كان ذلك أسرع بشكل ملحوظ.

يبدو أن دماغك يحاول حمايتك من أي خطر أو شيء لا يمكن أن تتوقعه في مكان جديد ويبقى على أهبة الاستعداد متيقظاً من أجلك.

تأثير الليلة الأولى

كيف يمكننا التخفيف من تأثير الليلة الأولى؟

قد يكون الحصول على درجة من السيطرة على هذه الظاهرة مفيداً للأشخاص الذين يسافرون غالباً للعمل. لا يوجد حل سحري لهذه الظاهرة، لكن بمرور الوقت من المحتمل أن تتكيف أدمغتنا. بالنسبة للأشخاص الذين غالباً ما يكونون في أماكن جديدة ويسافرون كثيراً قد لا يعانون بالضرورة من قلة النوم بشكل منتظم.

قد يكون من الجيد أخذ وسادتك الخاصة إذا كنت تخطط للنوم في مكان جديد، قد يساعدك ذلك على النوم بعمق وبشكل أسرع وأفضل.

علامات:
تحميل المزيد