يعتبر مرض السل أحد أكثر الأمراض المعدية خطورة على حياة الإنسان، إذ تصيب البكتيريا المسببة للمرض رئتي الإنسان بشكل رئيسي، وتنتقل من شخص لآخر عن طريق انتقال رزاز سعال وعطاس المصابين في الهواء.
وتتراوح نسبة معدل وفيات مرض السل سنوياً من 1.2 إلى 1.5 مليون شخص، لكن في الوقت ذاته يعتبر السل من الأمراض التي يمكن شفاؤها والوقاية منها.
ما هو مرض السل؟
ينجم مرض السل عن بكتيريا تصيب رئتي الإنسان، وينتقل بين الأشخاص عن طريق الهواء.
فعندما يسعل الأشخاص المصابون بسل رئوي أو يعطسون أو يبصقون، ينفثون البكتيريا التي تسمى "السل المتفطر" في الهواء، ولا يحتاج الشخص إلا إلى استنشاق القليل من هذه البكتيريا حتى يصاب بالعدوى، وفقاً لما ذكرته منظمة الصحة العالمية.
ثلث سكان العالم مصاب بالسل الخافي
ووفقاً لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC، فإن حوالي ثلث سكان العالم مصابون بما يسمى "السل الخافي"، أو كما يسمى أيضاً "السل الكامن"، أي أنّ هؤلاء مصابون ببكتيريا السل، لكنهم ليسوا مصابين بالمرض بعد.
إضافة إلى أنّ المصابين بالسل الخفي لا يشعرون بالمرض، ولا تظهر عليهم أي أمراض، كما أنهم لا يستطيعون نقل العدوى للآخرين.
لكن في الوقت ذاته هم معرضون خلال حياتهم لخطر الإصابة بمرض السل بنسبة 10%، لاسيما الأشخاص أصحاب أجهزة المناعة الضعيفة أو المصابين بفيروس العوز المناعي أو السكري أو سوء التغذية أو المدخنين.
بشكل عام فإن حوالي %5 إلى 10% من حاملي بكتيريا السل سيصابون بالمرض خلال حياتهم، وحوالي 50% سيصابون في السنتين الأُوليين.
أعراض مرض السل
لدى بعض الأشخاص تتغلب بكتيريا السل على دفاعات جهاز المناعة، وتبدأ في التكاثر، ما يؤدي إلى الانتقال من عدوى السل الخفية إلى مرض السل.
وتشمل الأعراض العامة لمرض السل:
- فقدان الشهية
- فقدان الوزن غير المبرر
- تعرّق ليلي
- حمى
- إعياء
- قشعريرة
- السعال لمدة 3 أسابيع أو أكثر
- سعال الدم
- ألم صدر
ملاحظة: في حالة الاشتباه بمرض السل يجب إحالة الأشخاص لإجراء فحص طبي كامل، وإذا ثبت أن شخصاً ما مصاب بمرض السل فيتم تقديم العلاج له، كون المرض خطيراً، ويمكن أن يؤدي للوفاة في حال عدم علاجه.
كما يمكن للشخص المصاب بالسل أن يعدي ما يصل إلى 10-15 شخصاً آخر من خلال المخالطة على مدار سنة، وإذا لم يعالجوا بشكل صحيح فإن ما يصل إلى ثلثي الأشخاص المصابين بالسل سيموتون.
مضاعفات مرض السل
في حال بقاء الشخص المصاب دون علاج فيمكن أن ينتشر المرض من الرئتين إلى أجزاء أخرى من جسمك عبر مجرى الدم، وتتضمن أمثلة مضاعفات مرض السل ما يلي:
آلام في العمود الفقري: آلام الظهر وتيّبسها من المضاعفات الشائعة لمرض السل.
تلف المفصل: عادة ما يصيب التهاب المفاصل السلي الوركين والركبتين.
تورم الأغشية التي تغطي الدماغ (التهاب السحايا): يمكن أن يسبب صداعاً دائماً أو متقطعاً، يحدث لأسابيع، كما أنّ التغييرات العقلية ممكنة أيضاً.
مشاكل في الكبد أو الكلى: يساعد الكبد والكليتان في تصفية مجرى الدم من الفضلات والشوائب، فتتعطل هذه الوظائف إذا أصيب الكبد أو الكلى بالسل.
اضطرابات القلب: في حالات نادرة يمكن أن يصيب مرض السل الأنسجة المحيطة بقلبك، ما يتسبب في حدوث التهاب وتجميع السوائل التي قد تتداخل مع قدرة قلبك على الضخ بشكل فعال.
السل وفيروس نقص المناعة البشرية
منذ الثمانينيات، ازداد عدد حالات مرض السل بشكل كبير بسبب انتشار فيروس نقص المناعة البشرية والفيروس المسبب لمرض الإيدز.
إذ تؤدي الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية إلى تثبيط جهاز المناعة، ما يجعل من الصعب على الجسم السيطرة على بكتيريا السل.
ونتيجة لذلك، يكون الأشخاص المصابون بفيروس نقص المناعة البشرية أكثر عرضة للإصابة بالسل، والتقدم من المرض الخفي إلى المرض النشط أكثر من الأشخاص غير المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية، وفقاً لما ذكره موقع Mayoclinic الطبي.
السل المقاوم للأدوية
السبب الآخر الذي يجعل السل لا يزال قاتلاً رئيسياً هو زيادة سلالات البكتيريا المقاومة للأدوية.
فمنذ أن تم استخدام المضادات الحيوية الأولى لمكافحة السل منذ أكثر من 60 عاماً، طوّرت بعض بكتيريا السل القدرة على البقاء على قيد الحياة ونقل هذه الميزة إلى أحفادها.
وتظهر سلالات السل المقاومة للأدوية عندما يفشل المضاد الحيوي في قتل جميع البكتيريا التي يستهدفها، فتصبح البكتيريا الباقية على قيد الحياة مقاومة لهذا الدواء المعين والمضادات الحيوية الأخرى في كثير من الأحيان.
وقد طورت بعض بكتيريا السل مع مرور الوقت مقاومة أكبر للعلاجات الأكثر استخداماً، مثل أيزونيازيد وريفامبين.
عوامل الخطر التي تسبب مرض السل
يمكن لأي شخص أن يصاب بالسل، لكن بعض العوامل يمكن أن تزيد من خطر إصابتك بالمرض، وتشمل هذه العوامل:
ضعف جهاز المناعة
غالباً ما يحارب نظام المناعة الصحي بكتيريا السل بنجاح، ولكن لا يستطيع جسمك الدفاع بشكل فعال إذا كانت مقاومتك ضعيفة.
ويمكن لعدد من الأمراض والحالات والأدوية أن تضعف جهاز المناعة لديك مثل:
- فيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز
- داء السكري
- أمراض الكلى الحادة
- أنواع معينة من السرطان
- علاج السرطان مثل العلاج الكيميائي
- أدوية لمنع رفض الأعضاء المزروعة
- بعض الأدوية المستخدمة في علاج التهاب المفاصل الروماتويدي وداء كرون والصدفية
- سوء التغذية
علاج السل
منذ عام 2000 تم إنقاذ حياة أكثر من 49 مليوناً وشفاء 56 مليون شخص من خلال المعالجة والرعاية، إذ تتم معالجة مرض السل النشط والحساس للأدوية بدورة علاجية معيارية مدتها 6 أشهر، مؤلفة من 4 أدوية مضادة للمكروبات، وفقاً لما ذكره موقع WEbMd الطبي.
أما إذا كنت مصاباً بالسل الخفي أو الكامن، فسيعطيك الطبيب دواءً لقتل البكتيريا حتى لا تنشط العدوى، وسيتعين عليك تناول الأدوية لمدة تصل إلى 9 أشهر.
أما إذا كنت مصاباً بمرض السل المقاوم للأدوية فقد يعطيك الطبيب دواءً قد قد تضطر إلى تناوله لفترة تصل إلى 30 شهراً، ويمكن أن تسبب المزيد من الآثار الجانبية.
الآثار الجانبية لأدوية السل
مثل أي دواء يمكن أن يكون لأدوية مرض السل آثار جانبية قد تشعر ببعض منها مثل:
- تنميل ووخز في اليدين والقدمين
- اضطراب المعدة والغثيان والقيء
- فقدان الشهية
- قشعريرة
- مفاصل مؤلمة أو منتفخة
- صداع الراس
- ارتباك
- نقص الطاقة
- استفراغ وغثيان
- آلام العضلات أو المفاصل
- الطفح الجلدي
- إسهال
- التهاب البنكرياس
ما الفرق بين السل الكامن والسل النشط؟
السل الكامن | السل النشط |
تكون جراثيم السل الخفية نائمة في جسمك، ويمكن أن تستمر في هذه المرحلة لفترة طويلة جداً قد تدوم لعقود | تتكاثر جراثيم السل وتنتشر في جسمك مسببة تلف الأنسجة |
قد لا تشعر بالمرض، وعادة ما تكون الأشعة السينية على صدرك طبيعية | عادة ما تشعر بالمرض وتشمل الأعراض السعال المستمر لأكثر من 3 أسابيع، وفقدان الوزن، والتعرق الليلي، والحمى |
لا يمكنك نقل مرض السل لأشخاص آخرين | إذا كانت جراثيم السل في رئتيك، فقد تنقل السل إلى أشخاص آخرين عن طريق السعال أو العطس أو التحدث أو الغناء |
يعالج عادة بتناول دواء واحد لمدة 9 أشهر | يعالج بأخذ 3 أو 4 أدوية لمدة 6 أشهر على الأقل |
اتهم الأمريكيون ضحايا السل بأنهم مصاصو دماء
في القرن التاسع عشر، قبل أن يتم اكتشاف مرض السل، ضربت موجات من الهستيريا والرعب والخوف سكان ولاية نيو إنجلاند الأمريكية، إذ توفيت أسر بأكملها في ولايات رود آيلاند وكونيتيكت وفيرمونت، وأجزاء أخرى من شمال شرق الولايات المتحدة الأمريكية.
كان المصابون في تلك الفترة يفقدون أوزانهم، ويُعانون من سعال الدم، وطفح وبثور على الجلد، كان الأمر يبدو وكأنهم يموتون ببطء.
الأمر الذي دفع الأمريكيين لاتهام المرضى بأنهم كانوا يخدعون أفراد أسرهم الأحياء، ويخفون حقيقة أنهم من مصاصي الدماء، وفقاً لما ذكره موقع History التاريخي.
وبقي الأمر كذلك حتى قام العالم الألماني الحائز على نوبل الطب باكتشاف البكتيريا المسببة للمرض، وذلك في 24 من مارس/آذار 1882، وهو اليوم الذي بات العالم يحتفل فيه كيوم عالمي لمرض السل.