بينما يحاول معظم الناس تطوير ذاكرتهم ومهارات حفظ واسترجاع المعلومات ومحاربة مرض الزهايمر، هناك مجموعة أخرى قليلة من الناس تتمنى لو تستطيع التخلص من بعض الذكريات ونسيان بعض الحوادث والأمور التي حدثت معها وتحرير نفسها منها.
وفقاً لموقع Medical News Today يستطيع الأشخاص الذين يعانون من متلازمة فرط التذكر أو "هايبرثيميسيا" تذكر كل التفاصيل الصغيرة تقريباً التي حدثت لهم على مدار حياتهم. ويستطيعون تذكر الأمور التي حدثت لهم في طفولتهم، واسترجاع كل حدث عاشوه بأدق تفاصيله مهما كان صغيراً منذ كانوا في الـ10 أو الـ11 من عمرهم. ويستطيعون كذلك تذكّر أن الولايات المتحدة غزت العراق في يوم أربعاء من شهر مارس/آذار عام 2003. وربما يتذكرون أيضاً كيف تناولوا فطورهم في ذلك اليوم، وما إذا كانوا قد شعروا بالتعب أم لا..
ولكن هنالك المزيد من الحقائق عن أصحاب الذاكرة القوية سوف تدهشكم، لنتعرف أكثر في هذا التقرير:
موضوع شائع في الأفلام الوثائقية
كانت الهايبرثيميسيا موضوعاً لحلقة خاصة من برنامج 60 Minutes، وفيلم وثائقي على قناة Channel 4 البريطانية، وتقارير الكثير من الصحف والمجلات. وفي عام 2010، تحوّل براد ويليامز إلى نجمٍ لفيلمه الوثائقي الخاصة Unforgettable الذي أخرجه شقيقه عن هذه الحالة.
لم يعلم العلماء بأمرها لوقتٍ طويل
جرى الإبلاغ عن أول شخص يُعاني من هذه الحالة في صحيفة Neurocase العلمية عام 2006. حيث تحدثت الصحيفة عن "إيه جيه"، وهي امرأة تستطيع تذكر أحداث وتواريخ حياتها بدقةٍ متناهية. وقضى الباحثون في جامعة كاليفورنيا خمس سنوات في إجراء المقابلات معها واختبار قدراتها قبل صدور الدراسة. وكشفت المريضة لاحقاً عن نفسها وهي امرأةٌ تُدعى جيل برايس. ونشرت مذكرات حياتها مع الهايبرثيميسيا عام 2009.
حالة نادرة للغاية
في الوقت الحالي، هناك قلة قليلة من الأشخاص الذين تم تشخيصهم بالهايبرثيميسيا في العالم، ولا يعلم العلماء حتى الآن الكثير عن طبيعة الحالة. إذ وجدت بعض الدراسات أن المصابين بالهايبرثيميسيا ربما تكون لديهما اختلافات في بنية الدماغ، بينما يُجادل آخرون بأنها قد تكون لها مكونات سلوكية. ورغم ذلك، يظل من الصعب دراسة الحالة نظراً لقلة عدد المشخصين بها.
هبةٌ انتقائية
قالت جيل، التي تستطيع بشكلٍ فوري تذكر أي يوم وأسبوع وما كانت تفعله في تحديداً منذ كانت في الـ14 من عمرها، للباحثين إنها لا تستطيع تطبيق مهارات الذاكرة الفائقة خاصتها في الدراسة. وأبلغت عن معاناتها من "صعوبة كبيرة في حفظ الأمور عن ظهر قلب. لأنّ ذاكرتي لا تعمل بهذه الطريقة. كان عليّ أن أجتهد في المذاكرة. أنا لست عبقرية". وخلال أحد الأيام في المختبر، طلب منها الباحثون إغلاق عينيها وتذكر الملابس التي ارتدتها في ذلك اليوم، لكنها عجزت عن ذلك.
ذاكرة فائقة للتواريخ
تتضمّن الهايبرثيميسيا أكثر من مجرد تذكر الأشياء التي حدثت لك، حيث تشمل أيضاً تذكّر متى حدثت بالضبط. فمثلاً، تستطيع جيل تذكّر أي يوم من الأسبوع في أي تاريخ. وحين مُنِحَ تاريخاً محدداً مثل "19 مارس/آذار عام 2003″، تذكّر "إتش كيه" المصاب بالهايبرثيميسيا أنه كان يوم أربعاء، وتذكر حالة الطقس يومها، وتذكر ما كان يفعله منذ نهض من سريره وحتى خلد إلى النوم. وحين سُئِلَ كيف يتذكر التواريخ والأحداث بهذا الوضوح، قال للباحثين: "إنّها تخطر في بالي بكل بساطة. أستطيع تخيّل اليوم كما لو أنّني عدت إلى هناك في هذه اللحظة. وخاصةً حين تأتي الذكرى السنوية لأي مناسبة. ففي المناسبات السنوية، أتذكر ما كنت أفعله من قبل في نفس اليوم، وكيف كانت حالة الطقس، ومن كنت معهم.. إلخ. أتذكر تلك الأمور ببساطة".
تجعل الماضي أشبه بالحاضر
يرى إتش كيه جميع ذكرياته -رغم أنه كفيف- وكأنها تحدث في الحاضر. إذ يقول: "أستطيع تذكر جميع أنواع الحقائق. ولكن حين أُفكّر في شيءٍ من الماضي، كحدثٍ مثلاً، فإنني أشعر وكأنني عدت في الزمن إلى تلك اللحظة. ولا أحس شعوراً مختلفاً بين وقت حدوث الأمر فعلياً وبين وقت تذكره".
تستحضر مشاعر الذكريات التي مضت عليها سنوات بكل قوة
كان للويز أوين، مريضة بالهايبرثيميسيا التي أجرت مقابلةً مع برنامج 60 Minutes عام 2010، رد فعلٍ قوي حين ذكر المراسل يوماً غير سعيد من ماضيها.
فلمجرد ذكره يوماً سيئاً مثل ذلك اليوم في عام 1986 حين علمت إنّ عليها تغيير مدرستها، استحضرت لويز الذكريات بعواطف جياشة. وأوضحت: "شعرت أن عالمي ينهار بالكامل. وبمجرد أن ذكرت اليوم، شعرت فجأةً وكأنّني عدت لأكون تلك الفتاة الصغيرة الحزينة في الـ13 من عمرها مرةً أخرى".
وأضافت أن المشاعر كانت قوية وفظيعة، حتى بعد كل تلك السنوات: "أعني، كان قلبي ينبض بقوةٍ الآن وأنا أُخبرك بهذا".
قد تكون عبئاً في بعض الأحيان
وصفت ليزلي الجوانب المظلمة لهبتها في برنامج 60 Minutes. حيث قالت: "أحياناً، يكون التمتع بهذا النوع من الذاكرة الخارقة أمراً يُصيبك بالعزلة الشديدة نوعاً ما. فهناك أوقات أشعر خلالها أنني بارعةٌ في لغةٍ لا يتحدثها أحدٌ غيري. أو أنني أمشي وسط البشر وجميعهم مصابون بفقدان الذاكرة".
لا تحمي من الذكريات الخاطئة
أشار مقالٌ نشرته صحيفة PNAS العلمية عام 2013 إلى أنه بالرغم من ذاكرتهم الفائقة، لكن الأشخاص المصابين بالهايبرثيميسيا لا يزالون عرضةً للذكريات الخاطئة، حيث إن المصابين بالهايبرثيميسيا كانوا عرضةً لتذكر مشاهد إخبارية لا وجود له مثلاً.