يعتمد الكثير من الأشخاص حول العالم على النظام النباتي في غذائهم، وينحاز البعض إلى هذا الخيار من باب التعاطف مع الحيوانات وعدم الرغبة في أكل لحومها، فيما يدعي كثيرون أن النظام النباتي أكثر صحة ونفعاً للجسم.. فما مدى صحة هذه الادعاءات؟
هل النظام الغذائي النباتي أكثر صحة؟
أظهرت بعض الأبحاث التأثيرات الإيجابية لاتباع نظام غذائي نباتي فهو يقلل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب ومرض السكري. لكن في المقابل هناك مخاطر صحية قد تواجه النباتيين مثل كونهم أكثر عرضة للكسور والسكتات الدماغية.
بمعنى آخر فإن اتباع النظام النباتي لا يعني بالضرورة جسماً أكثر صحة وهناك العديد من الأسباب التي تجعل العلماء غير قادرين على إعطاء جواب حاسم في هذا الشأن أبرزها:
دراسات قليلة حول النظام النباتي
على الرغم من ارتفاع عدد النباتيين في جميع أنحاء العالم، فإن هذه المجموعة لا تزال تشكل أقلية صغيرة نسبياً.
من أجل فهم الآثار الصحية للأنظمة الغذائية النباتية بشكل فعال، نحتاج إلى جمع البيانات الصحية من عدد كبير من النباتيين، ومراقبتها على مدى فترة طويلة من الوقت لمعرفة ما إذا كانوا يصابون بأي أمراض مختلفة مقارنة بأولئك الذين يدرجون اللحوم في نظامهم الغذائي.
وبالنظر إلى قلة أعداد النباتيين نسبياً حول العالم فإن عدداً محدوداً من الدراسات العلمية قد تم إجراؤه لتحديد مدى فاعلية اتباع نظام نباتي، وبالتالي لا يستطيع العلماء تحديد فيما إذا كان هذا النظام أكثر صحة بالفعل أم لا.
وبدون بيانات كافية عن النباتيين، لن يعرف الباحثون بدقة كيف يمكن أن تتأثر هذه المجموعة بأمراض معينة – ولن يعرفوا فيما إذا كانوا أكثر أو أقل عرضة للإصابة بها.
وللجزم حول مدى صحة الأنظمة النباتية، ستكون هناك حاجة إلى تضمين المزيد من النباتيين في الأبحاث المستقبلية لمعرفة كيف يؤثر هذا النظام الغذائي حقاً على صحة أجسادهم على المدى الطويل، وفقاً لما ورد في موقع The Conversation.
الأنظمة الغذائية النباتية ليست جميعها متساوية
يتم تعريف الأنظمة الغذائية النباتية على أنها الأنظمة التي تستبعد المنتجات الحيوانية.
لكن الأنظمة النباتية التي يمكن أن يتبعها الأشخاص ليست جميعها متساوية من حيث آثارها الصحية.
على سبيل المثال، يمكن أن يكون النظام الغذائي النباتي مغذياً للغاية إذا كان يحتوي على الكثير من الخضراوات والفواكه الطازجة وعلى الفاصوليا والبقوليات للحصول على بروتين إضافي إضافة إلى المكسرات والبذور المهمة للحصول على الدهون الصحية.
لكن قد تحتوي أنظمة نباتية أخرى على مواد غذائية مثل المعكرونة البيضاء وصلصة الطماطم والخبز بالسمن، وهي مواد غنية بالكربوهيدرات والدهون المشبعة، مع إهمال تناول عناصر أخرى حاوية على الفيتامينات والمعادن والبروتين.
بمعنى آخر لا نستطيع أن نقول إن الأنظمة الغذائية أكثر صحة للجسم بالمطلق، فهذا يتوقف على نوع النظام النباتي ونسب العناصر المغذية التي يتناولها الشخص من خلال هذا النظام.
المكملات الغذائية والأغذية المدعمة
لتجنب نقص التغذية أثناء اتباع نظام غذائي نباتي، يوصى النباتيون بتناول المكملات الغنية بالفيتامينات والمعادن (مثل الحديد أو فيتامين ب 12)، عن طريق تناول حبوب يومية أو أطعمة مدعمة .
لكن لا تتساوى جميع أنواع الحبوب والأطعمة المدعمة وتختلف الفوائد التي تحملها باختلاف العلامة التجارية، على سبيل المثال، يُضاف الكالسيوم إلى بعض أنواع الألبان النباتية وليس جميعها، وبالتالي لا يستطيع النباتيون ضمان حصولهم على الكالسيوم بمجرد شراء حليب نباتي مثل حليب اللوز وجوز الهند؛ إذ لا تحتوي جميعها على نفس النسب من العناصر المغذية.
بدائل نباتية جديدة
معظم الدراسات المنشورة حالياً حول الأنظمة الغذائية والصحية النباتية أقدم من العديد من المنتجات النباتية – والتي أصبحت شائعة بشكل متزايد بين النباتيين.
وبما أن العديد من هذه المنتجات النباتية جديدة نسبياً، فلا توجد معلومات حول الجودة الغذائية لها، وعدد المرات التي يجب استهلاكها من قبل النباتيين، وكيف تؤثر هذه المنتجات النباتية على الصحة على المدى الطويل.
بمعنى آخر لا توجد أدلة تشير إلى أن هذه البدائل هي أكثر صحة أو أنها على الأقل تؤمن نفس كمية المغذيات الموجودة في المنتجات الحيوانية، ولا تعتبر جميع الأنظمة النباتية بنفس المستوى من التغذية، وفقاً لما ورد في موقع New Atlas.
الفرد مقابل المجموعة
غالباً ما يأتي ما نعرفه عن تأثيرات النظام الغذائي على الصحة من دراسات كبيرة تدرس المجموعات وليس الأفراد.
في هذه الدراسات، يقارن الباحثون مخاطر الإصابة بأمراض مختلفة لدى مجموعات من الأشخاص الذين لديهم عادات غذائية مختلفة – على سبيل المثال، الأشخاص الذين يعتمدون نظاماً نباتياً بالمقارنة مع الذين يدرجون المنتجات الحيوانية في نظامهم الغذائي.
وهذا يعني أن النتائج المستخلصة من الدراسات المتاحة يمكنها فقط الإبلاغ عن المخاطر الصحية لمجموعات من الناس وليس للأفراد.
على سبيل المثال، وجدت إحدى الدراسات الحديثة أن النباتيين (كمجموعة) معرضون لخطر الإصابة بكسور الورك بمقدار 2.3 مرة أكثر من آكلي اللحوم.
ومع ذلك، هذا لا يعني أن الفرد الواحد هو أكثر عرضة 2.3 مرة للإصابة بكسر في الورك إذا أصبح نباتياً.
تساهم العوامل المختلفة (مثل الوراثة أو نمط الحياة) في الصحة العامة للشخص وفي تحديد مدى قابلية تعرضه للأمراض.
وبالتالي فإن نتائج أي دراسة قائمة على المجموعة لن تنطبق بالضرورة على جميع الأفراد.