لا عجب أن يفكر العلماء بتقنيات استثنائية لتوفير المياه النقية، في ظل أزمة المياه العالمية التي نواجهها حالياً ابتداءً من تقنية "حصاد الضباب" التي تُطبق حالياً في تشيلي، وإريتريا، وعُمان وانتهاءً بتقنية سحب الجبال الجليدية التي قد تكون حلاً قيد التنفيذ في المستقبل.
فلنتعرف على التقنيات غير الاعتيادية التي تعتمدها العديد من الدول في مواجهة أزمة المياه العالمية:
أزمة المياه العالمية.. خامس أكبر خطر يهدد العالم
بالرغم من أن المياه هي أحد الأعمدة الأساسية للحياة، فإن قرابة 785 مليون شخص في العالم (أي 1 من كل 9 أشخاص) يفتقرون إلى الوصول إليها، بحسب ما ورد في موقع Water.com.
ووفقاً لتقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، فإن أزمة المياه هي الخطر العالمي رقم 5 من حيث التأثير على المجتمع.
إذ يزداد الوضع سوءاً بالنسبة للمناطق التي تعاني من شح المياه بعد التغيرات المناخية الهائلة التي أثرت بشكل مباشر على المصادر التقليدية للمياه مثل تساقط الثلوج، ومياه الأمطار، وجريان الأنهار، والمياه الجوفية، ما يضعنا أما أزمة مياه عالمية في ظل تناقص الإمدادات وزيادة الطلب على المياه في مختلف أرجاء العالم.
تقنيات استثنائية قد تمنع تضخم أزمة المياه العالمية
وفقاً لما ورد في موقع The Next Web الهولندي، إليكم أبرز التقنيات الاستثنائية التي تتبعها بعض الدول لتوفير مياه الشرب:
حصاد الضباب
بدأ يُنظر إلى المياه الموجودة في الضباب على نطاق واسع باعتبارها مصدراً لمياه الشرب في المناطق الجافة ذات الضباب الكثيف والمتكرر.
ويُمكن جمع قطيرات المياه الموجودة في الضباب باستخدام شبكة عمودية تحتوي على نظام جمع وتخزين وتوزيع لتلك القطيرات.
ويمكن استخدام أنواع مختلفة من مواد الغربلة في حصاد الضباب مثل الألومنيوم، والبلاستيك، والزجاج، والسبائك المعدنية.
ويعتمد نجاح نظام من هذا النوع على الجغرافيا والتضاريس، التي تلعب دوراً في حصاد الضباب بالشكل الأمثل، فعلى سبيل المثال قد تنجح تلك العملية بشكل أكبر في المناطق الجبلية والساحلية الجافة.
ومن الجدير بالذكر أنه قد جرى تطبيق مشاريع جمع مياه الضباب في عدة مناطق من العالم مثل تشيلي، وإريتريا، وعمان.
استمطار السحاب
كثيراً ما تمتلئ السماء بغيوم عابرة لا تمطر ولا تثلج، لكن في الظروف المناسبة، يُمكن زيادة حجم المياه الموجود في هذه السحب ودفعها للإمطار باستخدام أحد التقنيات الحديثة.
تتضمّن هذه التقنية نشر جزيئات صغيرة داخل السحب أو في محيطها. وتعمل هذه الجزيئات بصفتها نقطة انطلاق لقطرات المطر أو بلورات الجليد، وتحفّز تكوينها. وهذا بدوره يزيد من احتمالية هطول الأمطار أو الثلوج.
وتطبيق تقنية استمطار السحاب في دول مختلفة أثبت أنّ معدلات هطول الأمطار ارتفعت بنسبة 20% عن المعيار السنوي بالاعتماد على موارد وأنواع السُحُب المتوافرة، ومحتوى مياه السحب، ودرجات الحرارة في تلك المناطق.
ونظراً لأنّ 10% من إجمالي محتوى مياه السحب يجري إطلاقه إلى الأرض في صورة أمطار هاطلة، فهناك إمكانات ضخمة لتقنيات تحسين الأمطار من أجل زيادة هطول الأمطار في المناطق الجافة.
تقليل التبخر
عندما تهطل الأمطار في المناطق الجافة تشكل مسطحات مائية صغيرة سرعان ما تتبخر وتضيع في الهواء، لذلك قد يكون من المفيد استغلال هذه المياه ومنع تبخرها.
تسمى تلك العملية "حصاد مياه الأمطار" وهناك نوعان أساسيان لتطبيق عملية الحصاد تلك:
الأولى هي حصاد المياه عبر أنظمة الأسطح، حيث يجري جمع المياه الجارية السطحية داخل خزانات أو أجهزة مماثلة. وتُستخدم هذه المياه محلياً أو لسقاية الماشية.
والنوع الثاني هو حصاد مياه الأمطار من أجل الزراعة، التي تتضمن جمع مياه الأمطار المتدفقة من مناطق استجماع الأمطار داخل خزان صغير بالمنطقة المزروعة.
ويُمكن أن يكون سطح جمع المياه طبيعياً أو صناعياً مع مواد تمنع التربة من امتصاص المياه، خاصةً داخل المناطق ذات التربة الرملية. وهذا لأنّ الطبيعة المتقطّعة لتدفق المياه السطحي تجعل من الضروري تخزين أكبر كمية ممكنة من مياه الأمطار خلال موسم المطر، من أجل استخدامها لاحقاً.
تحلية مياه البحر
تعتمد عملية تحلية المياه على إزالة الأملاح من المياه الجوفية أو مياه البحر لجعلها صالحةً للشرب، مما يوفر مصدراً ثابتاً لمياه الشرب ومستقلاً عن المناخ.
وتنمو تحلية مياه البحر بشكل أسرع بسبب التقدم في التقنيات المستخدمة لفصل الأملاح والشوائب، ومن المتوقع أن تُؤدّي هذه التطوّرات إلى انخفاض كبير في تكاليف الإنتاج بحلول عام 2030.
وفي الوقت الحالي تُوفّر مياه التحلية ما يقرب من 10% من إمدادات المياه المحلية في المراكز الحضرية الساحلية حول العالم، ومن المتوقع أن ترتفع النسبة إلى 25% بحلول عام 2030.
حصاد الجبال الجليدية
قد لا يبدو سحب جبل جليدي من أحد القطبين في اتجاه بلدٍ يُعاني من ندرة المياه حلاً عملياً لنقص المياه، لكن العلماء والباحثين يُفكّرون مع ذلك في حصاد الجبال الجليدية بصفتها مصدراً محتملاً للمياه العذبة.
ومن الممكن تقنياً نقل جبل جليدي عبر المحيط، وستتطلّب العملية تحديد مصدرٍ ومورد مناسب، وحساب متطلبات قوة السحب اللازمة، والتنبؤ بحجم الذوبان أثناء النقل، وتقدير الجدوى الاقتصادية للخطة بأكملها. وبدأت دول مثل الإمارات وجنوب إفريقيا التفكير في سحب الجبال الجليدية كخيار لتضييق الفجوات في الطلب على المياه.
وعلينا تحديد الأنظمة العملية الخاصة بموارد المياه غير التقليدية والترويج لها بشرط أن تكون مجديةً بيئياً واقتصادياً، وتدعم تحقيق التنمية المستدامة المتعلقة بالمياه.