كثير من الأهالي قلقون على كيفية تأثير الحجر الصحي على أطفالهم من الناحية الاجتماعية، ففي ظل إغلاق المدارس والتعليم عن بُعد في الكثير من البلدان حول العالم، يقضي الأطفال جميع أوقاتهم في المنزل دون الاختلاط بالأصدقاء والمعلمين، كما في السابق.
فهل سيؤثر ذلك على نموهم الاجتماعي؟ وهل سيتمكن الأطفال من التأقلم ثانية بعد انتهاء الحجر والعودة مرة أخرى إلى المدارس؟
هل ستتأثر مهارات طفلك الاجتماعية سلباً بسبب كورونا؟
يمكننا استكشاف الطرق التي قد يؤثر بها فيروس كورونا على النمو الاجتماعي للأطفال من خلال النظر في 3 نظريات في علم النفس، أوردتها مجلة The Conversation الأسترالية:
1. دعم الطفل من الوالدين
من المهم أن يطور الآباء والأمهات روابط قوية ما بينهم وبين أطفالهم، إذ تدعم هذه الروابط العاطفية والجسدية التطور الاجتماعي للأطفال وتزيد من شعورهم بالأمان.
أثبت علماء النفس أن الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة الذين يطورون روابط قوية مع ذويهم يصبحون أكثر استقلالية، ويتمتعون بعلاقات اجتماعية أكثر نجاحاً، ويكون أداؤهم أفضل في المدرسة، ويعانون من درجات أقل من اضطراب القلق بالمقارنة بمن لم تتوافر لديهم تلك الروابط.
لذا قد يكون الحجر الاجتماعي فرصة للآباء والأمهات لتدعيم تلك الروابط وبناء علاقات وطيدة أكثر مع أطفالهم.
2. دعم الطفل داخل الأسرة
بعيداً عن الآباء ومقدمي الرعاية، من المهم للأطفال تطوير روابط آمنة داخل الأسرة بأكملها.
بالنسبة للأطفال في السن المبكرة، تُظهر الأبحاث أن هذه الصلات المُكونة مع أفراد الأسرة يمكن أن تؤدي إلى تنمية اجتماعية مُحسنة، مع ترسيخ قدرة الطفل على تطوير هويته كجزء من وحدة الأسرة.
ربما يكون الأطفال الصغار قد أمضوا وقتاً أطول مع الأشقاء وأفراد الأسرة الآخرين أثناء الحجر الصحي، وهو على الأرجح قد طوّر روابط أعمق معهم.
3. دعم الطفل داخل المجتمع (النظرية الاجتماعية الثقافية)
تأخذ النظرية الاجتماعية الثقافية التفاعل الاجتماعي في الحسبان لدعم الطرق التي يتعلم بها الأطفال، مما يسمح لهم بإيجاد معنى للعالم من حولهم.
في حين أن التعلم يمكن أن يحدث بين الأطفال والبالغين، هناك الكثير من الأبحاث التي توضح أن جميع الأطفال يحققون استفادة من التواصل الاجتماعي مع أقرانهم من نفس العمر.
تشير الدلائل أيضاً إلى أن الأطفال يتعلمون الاستجابة للمواقف الاجتماعية في البيئات الاجتماعية. قد يحدث هذا في أماكن التعلم المبكر أو في الملعب أو مع أسرهم.
قلَّص فيروس كورونا العديد من التفاعلات التي كان يحظى بها الأطفال بانتظام من خلال ذهابهم إلى المدارس والتقائهم بأطفال من نفس عمرهم. ولكن في الوقت نفسه، فقد أوجد فرصاً لتواصلات أخرى ذات مغزى، مثل تلك التي تحدث في المنزل مع العائلة.
لا يمكننا الجزم بماهية الخسائر التي ستحدثها هذه الجائحة على صعيد التنمية الاجتماعية للأطفال.
لكن من المهم تذكر أن الأطفال يتعلمون دائماً، أينما كانوا ومع من كانوا. لذا حاول التركيز على الفوائد التي اغتنمتها جراء قضاء الوقت مع ابنك في المنزل.
العودة إلى "الوضع الطبيعي"
يجب أن نفكر في تزويد الأطفال الصغار بدعم إضافي، ومساعدتهم على تنظيم عواطفهم، وترسيخ العلاقات الحميمة مع عائلاتهم، وتعزيز المرونة لديهم بتقبل الوضع الجديد، وتشجيعهم على حل المشكلات في ظل بعدهم عن المدرسة.
وعندما يبدأ الأطفال في العودة مرة أخرى إلى مؤسسات التعليم والرعاية في مرحلة الطفولة المبكرة، من الطبيعي أن نواجه بعض المشاكل، فقد يكون الأطفال قد اعتادوا الوضع الجديد وقد يجدون صعوبة في تقبل الذهاب إلى المدرسة مرة أخرى.
ولكن ثق أن طفلك قادر على إعادة اكتشاف العلاقات مع معلميه ومقدمي الرعاية له ومع أصدقائه. في القريب العاجل سيتمكن من التكيف.
لدعم الانتقال السلس إلى مؤسسات التعليم والرعاية في مرحلة الطفولة المبكرة، تحدث بإيجابية مع طفلك عن الأشخاص الذين سيقابلهم، مثل المعلمين وأصدقائه، وشجعه على طرح أي أسئلة تدور بباله.
وحاول منذ الآن تسهيل التواصل الاجتماعي لطفلك مع الآخرين ضمن معايير التباعد الاجتماعي الخاصة بفيروس كورونا، مثل تشجيعهم على إجراء محادثات الفيديو مع أصدقائهم.