يتأخر طاقم الطائرة في إدخال المسافرين على متنها، ويتوقع أن الرحلة ستتأخر كثيراً عن موعد وصولها، ولكن أثناء تحرك الطائرة فوق المدرج، يرتفع صوت الطيار عبر الاتصال الداخلي، مانحاً أملاً جديداً بأن الطاقم قد يكون قادراً على تعويض الوقت الضائع. كيف يعوض الطيار الوقت الضائع إذاً، هل يضغط بقوة على دواسة الوقود فيزيد سرعته؟ هل يحق له ذلك أصلاً؟
هناك في الواقع عدة طرق تمكّن الطيارين من إعادة عقارب الساعة إلى الخلف وإيصال الركاب المتأخرين في الوقت المحدد.
كيف يعوض الطيار الوقت الضائع؟
تنبيه جهاز المراقبة
عندما يكون الطيارون بحاجة إلى اللحاق بجداول مواعيدهم، يجب عليهم أولاً تنبيه مراقبة الحركة الجوية (ATC) فيما يتعلق بالحالة.
توفر المراقبة الجوية الإرشاد والتوجيه لجميع الرحلات الجوية لضمان أقصى قدر من السلامة والكفاءة، وبدون موافقتهم على بعض الخطوات، لا يستطيع الطيار ببساطة القيام بأي شيء لجعل الرحلة أكثر سرعة.
وعندما يتواصل جهازا المراقبة مع الطيارين من أجل التنسيق، يتم البحث عن بعض الفرص المتاحة في خطة الرحلة.
اختصار المسافة بين النقاط
في البداية، لا بد من الإشارة إلى أن خطط الطيران نادراً ما تكون خطوطاً مستقيمة من النقطة ألف إلى النقطة باء.
بل هي عبارة عن سلسلة من نقاط ترسم طريقاً يوجه الطائرة. ومن خلال حذف نقطة طريق أو نقطتين، وهي العملية التي تسمى "التوجيه المباشر"، قد يتمكن الطيار من اقتطاع عدة دقائق من خطة الرحلة.
الطيار المتقاعد من الخطوط الجوية الأمريكية جيم كوكس يدير الآن شركة استشارية لسلامة الطيران تسمى Safety Operating Systems، وقال في مقابلة مع موقع How Stuff Works، إن تعديلات المسار شائعة في عالم الطيران التجاري.
ويوضح أن جهاز المراقبة يفضل إعادة توجيه الطائرات من وإلى المدن الكبيرة.
وأضاف: "يتم تعديل التوجيه بناءً على خطة الرحلة المعتمدة من الطيارين؛ واستناداً إلى حالة الحركة المرورية في الجو، وقد يوافق جهاز المراقبة ATC على طلب لتقصير مسار الرحلة بين نقاط الطريق الملاحية".
وبالتالي، هذا يعني أنه مع الرحلات القصيرة، لا يوجد الكثير مما يمكن للطيار القيام به لتوفير الوقت، أما الرحلات الطويلة فهي الخيار الأفضل للطيارين الذين يحتاجون إلى تعويض الوقت الضائع.
الرياح المعاكسة والرياح الخلفية
بالإضافة إلى مسار الرحلة نفسه، تؤثر ظروف الرياح بشكل كبير على وقت الرحلة.
تؤدي الرياح المعاكسة الشديدة (التي تهب في اتجاه معاكس لسير الطائرة) إلى إبطاء السرعة الإجمالية للطائرة؛ بينما يمكن أن تتسبب الريح الخلفية (في نفس اتجاه الطائرة) إلى تقليل زمن الرحلة.
إذا لم يتمكن الطيارون من تجنب الرياح المعاكسة، فسوف يبذلون قصارى جهدهم لتقليل تأثيرات الريح الهوجاء على الطائرة.
حركة الرياح السائدة تميل إلى الهبوب من الغرب إلى الشرق في أجزاء كثيرة من العالم، لذلك تميل شركات الطيران إلى اختيار أكثر الطرق كفاءة بالنظر إلى اتجاهات الرياح المعتادة في أوقات اليوم، أو حتى حسب الموسم.
وفي الأيام التي تنحرف فيها الرياح السائدة إلى اتجاه مختلف، قد يجد الطيارون أن وقت طيرانهم ينخفض بشكل ملحوظ مقارنة بالأيام أو الأسابيع السابقة.
لذا فإن خطوط الطيران التي تتجه من الغرب إلى الشرق أو العكس تسمح للطيار باستخدام الرياح لتوفير الوقت، بافتراض أن الظروف الجوية مواتية.
لكن لن تجد المساعدة من الرياح في طرق الشمال/الجنوب.
زيادة السرعة غير مفيدة
قد تتساءل لماذا لا يزيد الطيارون ببساطة من سرعة الطائرة لتعويض الوقت.
لقد صُنعت الطائرات الحديثة بالفعل لتطير بأقصى سرعة ممكنة. وعادة لا تحقق زيادة سرعة الطائرة سوى القليل من حيث توفير الوقت، وتحرق الكثير من أثمن موارد شركة الطيران (والأغلى تكلفة)، الوقود.
أثناء التفكير في جدولك الزمني، ضع في اعتبارك أن شركات الطيران تقيس وقت الرحلة باستخدام مصطلحات مختلفة، بما في ذلك وقت الرحلة والوقت المضاف (Block Time).
ويتضمن الوقت المضاف أحداثاً مثل الوقت الذي تستغرقه الطائرة في التحرك على المدرج ووقت الإقلاع.
بعض الرحلات من وإلى المطارات المزدحمة مثل نيويورك تخصص المزيد من الوقت المضاف لإعطاء الطيارين فرصة أفضل للوصول إلى وجهاتهم في الوقت المحدد.
وفي وقت الرحلة الفعلي، عندما تكون الطائرة في الجو، قد يتمكن الطيار من اختصار بعض نقاط الملاحة وتوفير الوقت.
الوصول المبكر يعني الانتظار أمام البوابات
وأخيراً لا بد من الإشارة إلى أن الخطوط الجوية تعمل بشكل أفضل مع الجداول المنظمة للغاية لأن هناك كمية محدودة من البنية التحتية للمطار والقوى العاملة لمعالجة الرحلات الجوية.
على سبيل المثال، إذا كان هناك 15 بوابة لإنزال الركاب، فإن الطائرة السادسة عشرة التي تصل مبكراً لن تجد بوابة فارغة.
وبالمثل، لا يمكن للطواقم الأرضية التعامل مع الكثير من الأمتعة في وقت واحد، مما يعني أن الركاب قد يصلون قبل الموعد المحدد ولكن بعد ذلك يضطرون لانتظار حقائبهم بفارغ الصبر.
لذا، فإن الوصول المبكر ليس دائماً بالأمر الإيجابي.
ولعل أفضل طريقة للوصول في الوقت المحدد إلى وجهة -دون أن يضطر الطيار إلى اللجوء إلى أي اختصارات في نقاط الملاحة- هي ببساطة أن تغادر الطائرة في الوقت المحدد. بعض شركات الطيران تفعل ذلك أفضل من غيرها.