لطالما ابتُكرت بعض السلع من حاجةٍ بشريةٍ لتصبح أمراً مفروغاً منه تتوارثه الأجيال، والكمامات أو أقنعة الوجه في زمن جائحة كورونا باقية معنا إلى أجل غير مسمى، وحيث توجد الموضة توجد الرفاهية. فما بالك بكمامات الأغنياء؟
ويبدو أن الارتقاء بمواد صناعة الكمامات يخدم بالطبع حاجة الأغنياء إلى ارتداء كمامات مختلفة، لذا انطلقت موجة إبداعية توجه إصداراتها لشتى فئات المجتمع.
وبينما توجَّهت كبرى دور الأزياء إلى تصميم أقنعة طبية تخدم العاملين في القطاع الطبي حصراً، أُطلق العنان لمصممين آخرين لابتكار ما لا يُعد أو يُحصى من الموديلات من الكمامات المصنوعة منزلياً بأقل التكاليف، وصولاً إلى تلك المرصعة بالذهب والأحجار الكريمة.
قبل الكمامات على سبيل المثال، صُممت سراويل الجينز لتلبية حاجات عمال المناجم، قبل أن تصبح حاجة في خزانة كل رجل وامرأة وحتى طفل. وكذلك الملابس الرياضية مثلاً لتلبية إيقاع الحياة السريع، ناهيك عن السراويل النسائية بعد الحرب العالمية الأولى، والتي ما زالت رائجة حتى يومنا هذا.
ولأن الموضة كانت دائماً وأبداً سبيلاً للتعبير عن النفس وترك الانطباع الأول، فإن الكمامات تصبُّ في هذه الحاجة الإنسانية للتواصل مع الآخرين، والاختلاف الطبقي بين فئات المجتمع بدأ يتجسد في المواد التي دخلت في صلب صناعتها.
نستعرض في هذا التقرير بعض كمامات الأغنياء التي انتشرت مؤخراً على صفحات المصممين ومتابعي الموضة على مواقع إنستغرام وغيرها.
كمامات الأغنياء
كمامة من الذهب
في مطلع شهر يوليو/تموز 2020، تداول مستخدمو موقع تويتر صورة لثري هندي يرتدي كمامة مصنوعة من الذهب.
الرجل يدعى شانكار كوراد، وهو من سكان مقاطعة بيون، وقال لصحيفة محلية إنه استلهم الفكرة من فيديو لرجل يصنع قناعاً من الفضة، فقرر أن يرتقي قليلاً بقناعه.
وقال كوراد إنه اتفق مع صائغ ذهب ليصنع له القناع الذي بلغ سعره 4 آلاف دولار.
وانتقد مغردو تويتر القناع وصاحبه، كون القناع يحتوي على فتحتين صغيرتين ليتمكن من التنفس، وهو ما يفسح المجال للفيروس لاختراق القناع الذهبي بغض النظر عن ثمنه.
كمامات مرصعة بالأحجار الكريمة
قد لا تبدو أقنعة الأزياء المزخرفة أكثر الخيارات عملية، ولكن بالنسبة إلى العلامة التجارية الجديدة Voravaj Bangkok، "تصميم الأزياء هو الحياة".
كان المصمم Voravaj Varazatiravatt يجرب الكمامات أو أقنعة الوجه قبل تفشي جائحة كورونا، حيث أدى تلوث الهواء في بانكوك إلى تحويل أقنعة الوجه إلى جزء أساسي من خزانة الملابس.
في الواقع، كانت رؤيته لامرأة ترتدي ثوباً جميلاً مع قناع طبي هو ما ألهمه لإدخال كل هذه الإضافات إلى الكمامات.
يتميز كل قناع من دار الأزياء الراقية بزخارف الكريستال والخرز المعقدة، التي تستغرق ما بين 36-84 ساعة من العمل اليدوي.
يتم طلبها شخصياً عبر موقعه على إنستغرام ولم يتم تحديد سعر الكمامة.
سوبريمو سوبريم
يتميز متجر موضة الشوارع supremo Supreme بتصميماته الموجهة لجيل الألفية، والتي تتوزع بأرقام محدودة، ما يرفع الطلب عليها.
يتم بيع الكمامة ذات التصاميم المعاصرة مع شعار الماركة من المتجر مباشرة بسعر 120 دولاراً، بينما يفوق سعر إعادة بيعها على مواقع التواصل الاجتماعي 500 دولار.
كمامات من الحرير
بدورها أطلقت دار الأزياء Proenza Schouler في نيويورك كمامة مصنوعة من الحرير.
يبلغ سعر الواحدة 100 دولار، على أن يتم التبرع من عائداتها للمتضررين من جائحة كورونا.
اللافت أن الكمية نفدت جميعها في غضون أيام من إطلاقها للجمهور على موقعها الإلكتروني، ما يؤكد الشهية لامتلاك كمامات مترفة.
كمامة مرصعة بالكريستال
من تصميم بيري ميك، شوهدت خبيرة الماكياج شريلي راين وهي ترتدي كمامة مرضعة بمئات الكريستالات من شواروفسكي.
قدمت المصممة ميك أكثر من كمامة مرصعة بالكريستال كتبرع للشخصية الشهيرة على موقع إنستغرام ونوع من الدعاية دون الإفصاح عن ثمنها.
هل تؤدي كمامات الأغنياء وظيفتها؟
يبقى السؤال الأخير هو كيفية الموازنة بين الشكل والوظيفة. وبما أن هذه الكمامات مصنوعة من مواد غير قابلة للاختراق، فمن المحتمل أن يلتف الهواء حول حواف القناع، ما يجعل صفاته الوقائية وثمنه الغالي جداً موضع نقاش.
وفي هذا السياق، يشير باحثون إلى أن الأقمشة ذات عدد الخيوط العالية (مثل القطن) تعمل كحاجز للجزيئات الصغيرة، في حين أن الأقمشة التي تحمل شحنة ثابتة (مثل بعض الشيفون والحرير) يمكن أن تكون بمثابة حاجز إلكتروستاتيكي.
وتظل ملاءمة الوجه هي مقياس نجاح ارتداء الكمامة مهما غلا ثمنها، فجوة تبلغ 1% في القناع ستقلل من كفاءة الكمامة بنسبة 60% أو أكثر.
ومن الجدير بالذكر ضرورة غسل الكمامة بعد كل استخدام لتجنب التلوث، لذا فإن وجود أكثر من واحدة قيد الاستخدام أمر مفيد وضروري في زمن الكورونا.