لطالما كانت المياه إحدى أكبر المشاكل التي تواجه العالم، خاصة مع اشتداد ظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع درجات الحرارة لأرقام قياسية خلال السنوات القليلة الماضية، ومع تفاقم هذه المشكلة يعود إلى أذهاننا اختراع كرات الظل التي اعتمدت عليها مدينة لوس أنجلوس الأمريكية منذ سنوات بشكل كبير لمنع تبخر مياه بحيراتها.
ما الذي تعرفونه عن كرات الظل هذه؟ وهل فعلاً هي الحل الأنسب للتغلب على مشاكل شح المياه؟
كرات الظل
تتكون كُرات الظل من كُرات بلاستيكيّة تُصنع من مادة البولي إيثلين عالي الكثافة (polyethylene)، وتُستخدم عبر وضعها فوق خزّانات المياه، حيث إنها تعوم على سطح المياه لتحافظ عليه من التبخّر أو التلوث بالغبار أو حتى التفاعلات الناتجة عن أشعة الشمس.
تطلى الكرات البلاستيكية هذه بمادة تعكس الأشعة فوق البنفسجية التي تتسبب بتبخير المياه، كما تعبأ بمياه صالحة للشرب كي تبقى ثابتة ولا تذهب بعيداً في حال تعرّضها للرياح القوية وأيضاً لأنها قابلة للتحلل ولكن بعد 25 عاماً.
فيما تبلغ تكلفة صناعة الكرة الواحدة نحو 35 سنتاً أمريكياً، وبالتالي فإن تكلفتها المنخفضة جعلها مناسبة جداً للاستخدام في الحفاظ على مياه البحيرات.
كما أن لها استخدامات أخرى مثل وضعها فوق خزانات مياه المطارات لسببين: الأول هو حمايتها من المواد الكيميائية والغبار المنبعث من الطائرات، والثاني هو حمايتها من مخلفات الطيور، ولذلك يطلق على الكرات أيضاً اسم "كرات الطيور".
تجربة كاليفورنيا
تعتبر ولاية كاليفورنيا واحدة من أكثر المدن في العالم حاجة للمياه فهي تستورد حوالي 90% من المياه اللازمة لها، وتُقدِّر مؤسسة المياه والطاقة في المدينة كمية خسارتها من المياه بحوالي 30 مليون غالون سنوياً، كما أشارت التقديرات إلى أن ولاية كاليفورنيا فقدت 63 تريليون غالون من الماء بين عامي 2013 و2014 بسبب التبخر.
لذلك قامت المدينة في عام 2015 بإلقاء ما يقارب 96 مليوناً من الكرات البلاستيكية السوداء في إحدى بحيراتها في خطّةٍ منها لمنع التبخّر وتوفير المياه، فهذه البحيرة التي تدعى Silver Lake Reservoir تخزن نحو 3 بلايين غالون من المياه تمد سكان المدينة لمدة تكفي 3 أسابيع فقط.
وبعد استخدامها وجدت الحكومة أن هذه الكرات قللت التبخر بنسبة 90%، وبذلك وفروا 300 مليون غالون من المياه.
هل فعلاً كرات الظل تستهلك من المياه أكثر مما توفره؟
رغم فوائد هذا الاختراع المذهل فإنه كانت هناك مشكلة كبيرة تم تجاهلها تكمن في صناعة هذه الكرات، إذ إن صناعتها تتطلّب من الماء أكثر مما ستقوم بالحفاظ عليه عند استخدامها فيه، وذلك وفق ما ذكره موقع "أنا أصدق العلم" المتخصص بالمواضيع العلمية.
ووفقاً للحسابات التي أجراها باحثون من كلية لندن الإمبراطوريّة Imperial College London)، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى جامعة توينتي University of Twente في هولندا، فإن تأمين النفظ والكهرباء والغاز الطبيعيّ -اللازم لصناعة تلك الكرات- يتطلّب حوالي 2.9 مليون متر مكعب من الماء.
ولنأخذ تجربة بحيرة Silver Lake Reservoir كمثال، فقد نُشِرت الكرات على سطح ماء البحيرة في الفترة الممتدة من آب/أغسطس (2015) حتى آذار/مارس (2017)، وخلال هذه المدة قامت الكُرات بمنع 1.7 مليون متر مكعب من الماء من التبخّر.
لكن هذا الاختراع كان يوفّر الماء في أحد الأماكن ويستهلكه في مكانٍ آخر، لذلك فقد كان له تأثيرات بيئية لم تؤخذ بعين الاعتبار في مرحلة التصميم الأصلية.
وبالتالي قال العالم البيئي كافا ماداني من كلية لندن: "نحن لا نقول إن كُرات الظل سيئة ويجب عدم استخدامها، كل ما في الأمر أننا نُلقي الضوء على التكلفة البيئية للكُرات والتي يجب أخذها بعين الاعتبار جنباً إلى جنبٍ مع فوائدها".