تقول آنا أزنار مُحاضِرة في علم النفس بجامعة وينتشيستر البريطانية إن هناك سمعة سيئة تلحق بالأطفال الوحيدين. إذ غالباً ما يُنظر إليهم على أنهم أنانيون، ومدللون، وقلقون، وغير مؤهلين اجتماعياً، ويعانون الوحدة.
وتقول إن علم النفس هو المسؤول جزئياً عن هذه الصور النمطية السلبية. إذ تستحضر مثالاً يقول فيه جرانفيل ستانلي هول، أحد علماء النفس الأكثر تأثيراً في القرن الماضي وأول رئيس للجمعية الأمريكية لعلم النفس، إن "نشأتك طفلاً وحيداً لهو مرضٌ في حد ذاته".
لحسن الحظ، أدخلت بعض التعديلات على علم النفس منذ ذلك الحين. كان آخرها دراسة أجريت على ما يقرب من ألفي بالغ ألماني كشفت أن الأطفال الذين نشأوا وحيدين من غير المرجح أن يكونوا نرجسيين أكثر من أولئك الذين نشأوا وسط أشقاء. وكان عنوان الدراسة هو "نهاية الصورة النمطية".
ولكن لا يزال هناك العديد من الصور النمطية الأخرى، لذلك دعونا نلق نظرة على ما يقوله البحث العلمي؛ الذي نشره موقع مجلة The Conversation الأسترالية.
مقياس الطموح والجهد
إذا ما نظرنا إلى الشخصية، فلا توجد فروق بين الأشخاص الذي تربوا وسط أشقاء وأولئك الذين نشأوا وحيدين في سمات مثل الانفتاح، والنضج، والتعاون، والاستقلال الذاتي، والتحكم الشخصي والقيادة. في الواقع، يميل الأطفال الوحيدون إلى تطوير حافز أعلى للإنجاز -مقياس الطموح والجهد والمثابرة- والتكيف الذاتي "القدرة على التأقلم مع الظروف الجديدة" من الأشخاص ذوي الأشقاء.
قد يفسر الدافع الأكبر للإنجاز لدى الأطفال الوحيدين سبب ميلهم إلى إتمام سنوات أكثر في تعليمهم والوصول إلى مهن أكثر رفعة من الأشخاص ذوي الأشقاء.
أكثر ذكاء، ولكن ليس لفترة طويلة
وجدت بعض الدراسات أن الأطفال الوحيدين يميلون إلى أن يكونوا أكثر ذكاءً وتحصيلهم الأكاديمي أعلى من الأشخاص ذوي الأشقاء. وجدت مراجعة لـ115 دراسة قارنت ذكاء الأشخاص ذوي الأشقاء بأولئك الذين نشأوا وحيدين، أن الأطفال الوحيدين سجلوا درجات أعلى في اختبارات الذكاء وتفوق أداؤهم الأكاديمي على الأشخاص الذين نشأوا بين العديد من الأشقاء أو مع شقيق أكبر سناً. أما المجموعات الوحيدة التي تفوقت على الأطفال الوحيدين في كل من الذكاء والإنجاز الأكاديمي فكانوا المواليد الأبكار والأطفال الذين حظوا بأخ أصغر واحد.
من المهم أن نلاحظ أن الفرق في الذكاء يميل إلى أن يظهر في الأطفال قبل سن الدراسة، ولكن يقل في طلاب المرحلة الجامعية، مما يشير إلى أن الفجوة تتناقص مع تقدم العمر.
فحصت الصحة النفسية للأشخاص ذوي الأشقاء والأطفال الوحيدين كذلك. ومرة أخرى، لا تظهر النتائج فرقاً بين المجموعتين في مستويات القلق وتقدير الذات والمشاكل السلوكية.
لطالما رُجِّح أن الأطفال الوحيدين يميلون إلى الشعور بالوحدة ويواجهون صعوبات في تكوين صداقات. في ضوء ذلك قارنت الأبحاث العلاقات بين الأقران والصداقات المكونة أثناء المدرسة الابتدائية بين الأطفال الوحيدين، والأطفال الأبكار الذي حظوا بأخ واحد، والأطفال الآتي ترتيبهم الثاني مع أخ واحد أكبر. تشير النتائج إلى أن الأطفال الوحيدين كونوا نفس عدد ونوعية الأصدقاء التي كونها الأطفال في المجموعات الأخرى
علم النفس يرد على خرافات عن الأطفال الوحيدينلطالما رُجِّح أن الأطفال الوحيدين يميلون إلى الشعور بالوحدة ويواجهون صعوبات في تكوين صداقات. في ضوء ذلك قارنت الأبحاث العلاقات بين الأقران والصداقات المكونة أثناء المدرسة الابتدائية بين الأطفال الوحيدين، والأطفال الأبكار الذي حظوا بأخ واحد، والأطفال الآتي ترتيبهم الثاني مع أخ واحد أكبر. تشير النتائج إلى أن الأطفال الوحيدين كونوا نفس عدد ونوعية الأصدقاء التي كونها الأطفال في المجموعات الأخرى
علم النفس يرد على خرافات عن الأطفال الوحيدين..هل من الأفضل أن تكون طفلاً وحيداً؟
بأخذ كل الاستنتاجات المتوصل إليها معاً في الاعتبار، يبدو أنها تشير إلى أن وجود الأشقاء لا يحدث فرقاً كبيراً في تشكيل ما نحن عليه. في الواقع، عندما تكون هناك اختلافات، يبدو أنه من الأفضل للمرء أن ينشأ طفلاً وحيداً دون أشقاء. لماذا؟
على النقيض من الأطفال ذوي الأشقاء، فإن الأطفال الوحيدين يتلقون اهتماماً غير مجزأ من ذويهم، جنباً إلى جنب مع الحب والموارد المادية على مدار حياتهم. لطالما كان الافتراض الشائع أن هذا القدر من المحبة يخلف عواقب سلبية على هؤلاء الأطفال لأنه يجعلهم مدللين وغير منسجمين. ولكن من المرجح أيضاً أن قلة التنافس على الموارد الأبوية قد تكون ميزة لصالح للأطفال.
بالنظر إلى أن عدد الأسر التي تحظى بطفل واحد فقط في تزايد في جميع أنحاء العالم، فقد حان الوقت للتوقف عن وصم الأطفال الوحيدين وإدانة الآباء الذين يختارون إنجاب طفل واحد فقط. إذ يبدو أن الأطفال الوحيدين يبلون حسناً، إن لم يكونوا أفضل حالاً من أولئك الذين يحظون بأشقاء.