نستخدم عبارة "جنون العظمة" لنصف بعض القادة -أو المديرين!- لكن هي ليست مجرّد عادة أو صفة في شخصية الفرد تنمو معه مع مرور الوقت، وإنما هي اضطراب اسمه مرض البارانويا، له أعراضه وأسبابه وعلاجه أيضاً.
ما هي البارانويا؟
مريض البارانويا أو جنون العظمة لديه تقدير مبالغ فيه للذات، ويؤمن بعظمة وأهمية شخصيته، حتى مع وجود دليل قاطع على عكس ذلك.
ما يعتقده مريض البارانويا لا علاقة له بخلفيته الثقافية أو الدينية أو مستوى ذكائه، وكان أول من تحدث عن البارانويا هم اليونانيين القدامى.
وعلى ما يبدو، كانوا يستخدمونها لمعنى مصطلح "الجنون" نفسه، حتى نهاية القرن التاسع عشر، حيث أصبحت بمعنى اختلال عقلي بسبب الأوهام، التي تتطور ببطء حتى تصبح نظاماً معقداً.
أعراض مرض البارانويا
الأعراض التي يعانيها مريض البارانويا أو جنون العظمة هي:
- الإجهاد المستمر.
- القلق مما يعتقده الآخرون.
- عدم الثقة بالآخرين.
- الشعور بأن لا أحد يفهمه.
- الشعور بالاضطهاد وأنه الضحية، حتى عندما لا يكون هناك تهديد.
- الانعزال عن الآخرين.
- اضطراب ثنائي القطب أو الاكتئاب الهوسي.
- الاكتئاب.
أسباب البارانويا
هناك مجموعة من العوامل والأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بمرض البارانويا، ومنها:
- الضغط العصبي.
- كيمياء الدماغ.
- تعاطي الممنوعات، فوفقاً لأحد البحوث يمكن أن يسبب استخدام الميثامفيتامينات أوهاماً تؤدي إلى جنون العظمة.
أما علاج البارانويا
بدايةً يقوم الطبيب بإجراء فحوص طبية، ورؤية التاريخ الطبي الكامل للمريض؛ للتأكد من أنه لا يعاني أي مرض عقلي آخر كالخرف.
وإذا كان الاضطراب جزءاً من حالة نفسية، فإن الطبيب يحيل المريض إلى طبيب نفسي، والذي بدوره يجري تقييمات واختبارات نفسية سريرية؛ للمساعدة على تحديد الحالة العقلية.
يعتمد علاج البارانويا على سبب وشدة الأعراض، إذ عادةً ما يحتاج علاجاً نفسياً، يساعد على تطوير مهارات التأقلم مع الآخرين، ويحسّن من التواصل الاجتماعي لديه.
في بعض الحالات، يصف الأطباء أدويةً مضادةً للقلق أو مضادات الاكتئاب لعلاجه، وأحياناً قد يوصي الطبيب بالاستشارة الفردية أو الأسرية، فالعلاج النفسي يهدف إلى مساعدة الناس الذين يعانون البارانويا، عن طريق:
- تقبُّل الضعف الموجود عندهم.
- زيادة احترام الذات.
- تطوير الثقة لديهم بالآخرين.
- تعلُّم كيفية التعبير عن أنفسهم والتعامل مع عواطفهم بطريقة إيجابية.
العلاجات الدوائية
يعد مرض البارانويا أحد أنواع الاضطرابات الوهميّة، وتعالَج اضطرابات الوهم بما يتضمن البارانويا بالأدوية الآتية:
- مضادات الذهان النمطية: تُعرَف أيضاً بالمعقّلات وتُساعد هذه الأدوية على إغلاق مستقبلات الدوبامين في الدماغ، حيث يُعتقد أنَّ الدوبامين ناقل عصبيّ مسؤول عن حدوث التوهُّمات، وقد جرى استخدام هذه الأدوية لعلاج عديد من الاضطرابات النفسية منذ منتصف الخمسينيات من القرن التاسع عشر، ومن أمثلتها: هالوبريدول، وثايوثيكسين، وكلوربرومازين.
- مُضادَّات الذهان اللانمطية: وهي عائلة من الأدوية طُوِّرت حديثاً لعلاج أعراض البارانويا بميزة أعراض جانبية مُتعلِّقة بالحركة أقلّ مقارنة بالجيل الأقدم من مُضادَّات الذهان، وتُساعد هذه العائلة على منع مستقبلات كلٍّ من الدوبامين، والسيروتونين، حيث يُعتبَر الأخير ناقلاً عصبيّاً ذا صلة في التوهُّم، ومن أمثلة هذه الأدوية: أربإبرازول. وأسينأبين. وكلوزابين.
المعالجة النفسية الاجتماعية
تحتلُّ المعالجة النفسيّة الاجتماعيّة الخيار الأوَّلي الأمثل لعلاج البارانويا، وبقية أنواع اضطرابات التوهُّم بمصاحبة الأدوية؛ نظراً إلى مقاومة مثل هذه الأمراض للأدوية إن استُخدمت وحدها للعلاج، وتنطوي خُطَّة العلاج النفسيّ على الخيارات الآتية:
- العلاج النفسيّ الفرديّ: حيث يساعد الشخص على تحديد وتصحيح الأفكار التي تحوَّلت إلى اضطراب.
- العلاج السلوكيّ المعرفيّ: يُساعد العلاج السلوكي المعرفي المُصاب على تحديد الأنماط الفكرية والسلوكية التي تُسبِّب تضارب المشاعر، وتطوُّر المرض.
- التشارك العائلي: تُدخل هذه البرامج العائلة لتطوير القدرة على التعامل بشكل أكثر فاعلية مع الفرد المُصاب باضطراب التوهُّم، فيكون للعائلة دورٌ في حياة أفضل للمُصاب.