جميعنا على الأغلب جرّبنا أعراض القلق، حين تتوتر عضلاتك، ويجتاح شعور الخوف أحشاءك، وتنبئك ضربات قلبك المتسارعة بأنك غير هادئ. كل هذا طبيعي تماماً.
ولكن في بعض الأحيان، يسبقنا القلق إلى الحد الذي قد يتسبب في إعاقة روتين حياتنا اليومي، ويفسد صحتنا وعلاقاتنا وعملنا وأنشطتنا الترفيهية.
في هذا المقال نتناول ثلاثة اضطرابات نفسية غير معروفة ونادرة، قد تعاني منها دون أن تعلم لكنها في الوقت ذاته مزعجة جداً وحقيقية حسب مجلة Psychology Today الأمريكية.
1. الخرس الاختياري
إذا شاهدت مسلسل The Big Bang Theory الأمريكي، فبالأغلب لديك علم بهذا النوع من الاضطراب، جسد راج بطل المسلسل هذا القلق، فهو عالم الفيزياء الفلكية المحبوب الذي يعمل في معهد كاليفورنيا للتقنية، ويتحدث بطلاقة طوال الوقت، إلا عندما يتعلق الأمر بالتحدث إلى النساء. تمثل هذه الشخصية أحد البالغين النادرين الذين يعانون من الخرس الاختياري، وهو اضطراب مرتبط بالقلق حين يفشل شخص ما في التحدث فى مواقف معينة على الرغم من قدرته على التحدث في حالات أخرى.
يتواجد هذا الاضطراب عادةً في مرحلة الطفولة، ويبدأ من سن 2 إلى 5 سنوات عندما يذهب الأطفال إلى الحضانة أو رياض الأطفال لأول مرة ويعجزون عن التحدث خارج منازلهم.
اضطراب نادر الحدوث، يحدث لأقل من 1% من الأطفال وبالرغم من أنه عادةً ما يتخلص الأطفال من هذا الاضطراب إبان نضجهم، فإن البالغين الذين مروا باضطراب الخرس الاختياري في طفولتهم يكونوا أكثر عرضة للإصابة باضطراب القلق بعد نضجهم.
كيف يُعالَج الخرس الاختياري؟
العلاج المناسب هو العلاج السلوكي المعرفي، وهو علاج منظم وتطبيقي، قصير الأجل ويهدف إلى تغيير سلوكيات الشخص وأنماط تفكيره. وبالنسبة للأطفال الذين يعانون من الخرس الاختياري، فإن المعالج من شأنه أن يساعدهم على التدرج في معالجة المواقف الكلامية التي يمرون بها من الأسهل إلى الأصعب من خلال منحهم الكثير من التشجيع والثناء.
2. اضطراب التشوه الجسدي
لنجم البوب الأمريكي مايكل جاكسون قصةٌ معقدة وإرثٌ مثير للجدل، فبعض الخبراء يعتقدون أنه كان لديه أعراض اضطراب التشوه الجسدي (BDD). وهو اضطراب نفسي يكون فيه الشخص منشغلاً للغاية بجانب من مظهره يظن أنه معيب، على الرغم من أن الآخرين لا يرون فيه أي خلل يستدعي الانتباه إليه حتى.
قد يبذل الشخص الذي يعاني من اضطراب التشوه الجسدي كثيراً من وقته وجهده مركزاً اهتمامه على عيب يعتقد أنه موجوداً في مظهره، محاولاً تغييره، أو إخفاءه، أو تلقي طمأنة من الآخرين بشأنه.
يمكن أن يسبب هذا بعض المشاكل لمن يعانون من هذا الاضطراب إذ يقضون ساعات في تغيير مظهرهم لدرجة أنهم قد يتجنبون التواصل الاجتماعي.
في بعض الأحيان، يخضع الشخص المصاب باضطراب التشوه الجسدي لجراحة تجميلية لإصلاح ما يعتقده من تشوه. في الواقع، يعاني من 7 إلى 15% من الأشخاص الذين يخضعون لجراحات تجميلية من اضطراب التشوه الجسدي.
كيف يُعالَج اضطراب التشوه الجسدي؟
يمكن أن تساعد كل من الأدوية والعلاج النفسي عن طريق تخفيف جذور وأصل اضطراب القلق الذي يدفع بحلقة مفرغة من القلق والانشغال. والهدف من ذلك هو كسر دائرة التركيز الشديد على المنطقة التي تظهر فيها "المشكلة" التي ترفع من اضطراب القلق، والتي لا تتعزَّز إلا من خلال الارتياح الذي يجلبه التحقق المستمر من المظهر، والسعي إلى الطمأنينة، والجراحة التجميلية.
3. الترايكلومانيا/ اضطراب نتف الشعر
ما إن يشعر هؤلاء المصابون بتوتر حتى يبدأوا بنتف شعورهم حتى يشعروا بالراحة، البعض يلقي الشعر المنتوف بعيداً، في حين يعبث البعض الآخر به أو حتى يبتلعونه كجزءٍ من طقوس عملية النتف.
يمكن أن تسبب هذه الأعراض مشاكل للناس إذا أدى نتف الشعر إلى فقدانه بشكل ملحوظ، أو إذا كانت العملية نفسها تستهلك الكثير من الوقت.
قد تُفاجأ بمعرفة أن هناك أشخاصاً مشهورين وجذابين يعانون من مرض الترايكلومانيا، إذ أعلن كل من أوليفيا مون وكولين فاريل وجاستين تيمبرليك إصابتهم بهذا الاضطراب.
وبشكل عام يعاني 1 إلى 3% من الناس من هذا الاضطراب، وغالباً ما يصيب النساء. ويميل إلى أن يبدأ في سن المراهقة المبكرة ولكن يمكن أن يستمر في سن الرشد لسنوات عدة.
كيف يعالج اضطراب الترايكلومانيا؟
عند الجمع بين العلاج الدوائي والعلاج النفسي نكون أمام حل جيد لهذا النوع من الاضرابات النفسية.
إذ يتضمن العلاج جلسات علاج نفسي أسبوعية يتعلم فيها الأشخاص المصابين عدة مهارات، بما في ذلك المراقبة الذاتية والوعي بالمشاعر والتحكم في المحفزات لمساعدتهم على تهيئة بيئة تجعلهم أقل قدرة على نتف الشعر، مثل ارتداء القفازات.
ولأن الترايكلومانيا لا يتعلق بوجود مشكلة في الشعر، تماماً مثلما لا يتعلق اضطراب التشوه الجسدي حقاً بتشوه في الشكل فمن المهم معالجة المشكلات الأساسية التي تحفز محرك الاضطراب
المحصلة أنه علينا أن نتعلم كيف نثق بأنفسنا ونتقبلها في كل حالاتها، وأن هذه الاضطرابات ليست أزمة ضخمة وإنما هي وسيلة للتعبير عن القلق، لذا يمكننا تجاوزها بسهولة إذا توفرت لدينا الإرادة.