لا أحد من الوالدين يحلم بتربية طفل مدلل، لكن في بعض الأحيان، قد تتسبب رغبة الوالدين في إعطاء أطفالهم أفضل ما لديهم وجعل حياتهم مريحة وآمنة قدر الإمكان في نتائج لا تتفق بالتأكيد مع خطة الأبوة والأمومة الأصلية مما ينتج عنه : الطفل المدلل.
ففي بعض الأحيان يمكن أن تصبح هذه الرغبة الصحية غير صحية عند العمل بجد لتوفير كل شيء لأطفالنا بحيث يكون لديهم وفرة من كل شيء طوال الوقت ولا يتعلمون أبداً قيمة ما يمتلكون.
اتضح أن علماء النفس الأطفال كانوا يعملون على هذه المشكلة لفترة طويلة، وأطلقوا عليها متلازمة الطفل المدلل. ونحاول في هذا التقرير توضيح الدلائل التي تشير إلى أن طفلك مدلل، وبعض النصائح الخاصة بكيفية التعامل معه.
الأسباب وراء الطفل المدلل
يشعر الأطفال المدللون بأن الكون يدور من حولهم، فلا شأن لهم بأي شيء سوى احتياجاتهم واهتماماتهم ومشاعرهم ورغباتهم، أما الجميع فيأتون في المرتبة الثانية.
ولأن الأطفال يفعلون ما نقوم بتدريبهم عليه، وما نقودهم إليه، فإن الآباء هم المسؤولون إلى حد كبير عن السلوك المدلل، فالأبوة المتساهلة تجعل الطفل غير قادر على استيعاب الحدود المناسبة.
عندما يفسد الآباء أطفالهم تكون نواياهم جيدة في كثير من الأحيان، وإن كانت مضللة. إنهم يريدون أن يوفروا لأطفالهم أفضل حياة ممكنة، ويعطونهم كل شيء. قد يشعر بعض الآباء بالقلق من أن قول كلمة لا سيؤذي مشاعر الطفل أو يضر بثقتهم، فينتج عن هذا تحول سلوك الطفل إلى السلوك المدلل.
علامات الطفل المدلل
هناك العديد من العلامات التي تشير إلى أن طفلك ينتمي للأطفال المدللين، ونرصد هنا بعضاً منها:
ينغمسون في نوبة غضب بمجرد أن تقول لهم لا
يشعر الأطفال المدللون بخيبة أمل عندما تعترض على ما يريدون وتقول لهم لا، وعادة ما يعبرون عن رفضهم لما يحدث بنوبات من الغضب المتمثلة في الصراخ والبكاء.
لا يحب الأنشطة القائمة على مبدأ المنافسة
يجب على الآباء تعليم الطفل درساً مهماً، وهو أن الحياة ليست مكسباً دائماً، وإنما هناك ما نخسره من وقت لآخر، لذلك لا يوجد شيء يجب أن نخجل منه.
غالباً ما يرفض الأطفال المدللون الاشتراك في المسابقات التنافسية لأنه يرى أن هناك احتمالاً للخسارة مما يجعله ليس دائماً الأفضل.
لا يرضون مطلقاً عما لديهم
قد يحصل الأطفال المدللون على كل الألعاب والألبسة في العالم، لكن هذا لا يكفي أبداً؛ فهم يريدون المزيد والمزيد.
بدلاً من أن يعبر الأطفال المدللون عن امتنانهم بما لديهم، فإنهم يركزون أكثر على ما يريدون الحصول عليه في المرة القادمة.
يكون مهذباً مع الآخرين، ولكن لا يظهر امتنانه لك
يُظهر الطفل المدلل سلوكاً جيداً مع أشخاص آخرين، لكنه لا يعبر عن أي امتنان لأفراد الأسرة.. ينسى الطفل المدلل أن يقول شكراً، وذلك ليس عن قصد أو لأنه يريد إيذاء مشاعرك، ولكن لمجرد أنه قد اعتاد أن كل ما تفعله أسرته له أمر مسلم به.
يعتقدون أن العالم يدور من حولهم
يميل الأطفال المدللون إلى التركيز على أنفسهم، كما انهم يتوقعون معاملة خاصة، ويرون أنهم مؤهلون للحصول على المزيد من المزايا والتقدير من الآخرين.
فالطفل المدلل يعتمد بشدة على أفراد أسرته، ويسعى دائماً أن يكون مركز الأسرة، ولكن يجب أن يفهم الطفل أن الآخرين أيضاً لديهم احتياجات.
لا يشعرون بقيمة المال
تؤثر الإعلانات بشكل سلبي على الأطفال مقارنةً بالبالغين، لهذا السبب من المهم تعليمهم كيف يمكنهم مقاومة الضغط الاجتماعي. يجب أن يفهم الطفل أن المال لا يظهر في أي مكان وأن على الآباء العمل بجد لكسبه.
يعقد الطفل المدلل أن رغباته وطلباته أهم من ميزانية الاسرة، وهذا ينمي عنده الشعور بأن جميع رغباته تتحقق بدون أدنى مجهود ما يجعله أقل عرضة للاستقلال المالي في الكبر، وربما ينتهي به المطاف غارقاً في الديون.
لا يتحلون بالصبر حتى استجابة طلباتهم
يطلب الأطفال المدللون الأشياء، وينتظرون الاستجابة الفورية، وليس لديهم القدرة على تفهم الانتظار والصبر من أجل تحقيق ما يريدون.
يرفضون إكمال المهام البسيطة حتى تستجديهم أو ترشوهم
يجب على أي والد مسؤول مساعدة أطفاله على أن يصبحوا مستقلين. في سن 3 سنوات يمكن للأطفال التقاط ألعابهم، وفي سن الخامسة يمكنهم المساعدة في الأعمال المنزلية الصغيرة. في سن العاشرة يمكن أن يقشروا البطاطس ويشاركون في صنع الطعام للعائلة بأكملها.
إذا كان طفلك يرفض في كثير من الأحيان القيام بأشياء أساسية للغاية حتى تتوسل إليه أو تحفزه بالمال، فللأسف طفلك مدلل.
كيف يمكنك تعديل سلوك الطفل المدلل؟
السلوك المدلل لا علاقة له بالجينات، وإنما التنشئة، وهذا خبر جيد، لذا فالتغلب عليه أمر ممكن. ولكن، يجب البدء في إجراء بعض التغييرات فور اكتشافك سلوك طفلك، فكلما كبر الطفل، أصبح التغيير أكثر صعوبة.
– تعود على قول لا دون الإحساس بتأنيب الضمير، فمنعك بعض الأشياء عن ابنك يكون من أجل تحسين شخصيته. كما أن تكرار قول لا أمام طفلك يعوده أنه مهما بذل من مجهود في الإلحاح، فالنتيجة ستكون الرفض.
طالما أنك توفر الاحتياجات الأساسية للطفل، فليس عليك أن تشعر بالندم لرفض طلباته، فلا يمكن تحقيق كل ما يطلبه.
– اسمح لطفلك بالبكاء والانزعاج، ومن الممكن أن تتعاطف معه وتحاول تهدئته، ولكن مع وضع حدود للاستجابة بمطالبه حتى يتمكن من الاعتياد على حدودك.
– ابدأ في تفهيم ابنك أنه أهم مما يمتلك، وحاول البدء معه في تعلم الشكر والامتنان، وذلك بتعديد النعم التي يمتلكها.
– أكثر من استخدام كلمة نحن مع طفلك كي يعتاد عليها ويبتعد عن الأنا، وحاول إشراكه في الحياة اليومية.
– تذكر أن الأطفال يستجيبون بشكل أفضل للتشجيع وليس العقاب، لذا ساعدهم على تقدير الأشياء الصغيرة في الحياة، وأظهر لهم أن هناك الكثير من البهجة والسعادة في الأشياء البسيطة.