هل تناول الوجبات الخفيفة في الليل أمر ضار حقاً؟ هذا كل ما تريد معرفته

سمعنا الكثير من التحذيرات والتنبيهات بخصوص عدم تناول الطعام ليلاً لأن ذلك سيئ لعملية الهضم، والنوم، أو الوزن.لنلقِ نظرة على التأثيرات الحقيقية لتناول الطعام قبل النوم على صحتك

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/09/04 الساعة 08:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/09/03 الساعة 13:50 بتوقيت غرينتش
تناول الوجبات الخفيفة في وقت متأخر من الليل

بالنسبة للعديد منا، يعد تناول وجبة خفيفة صغيرة ومُرضية قبل النوم جزءاً مهماً من عاداتنا المسائية. تناولُ بعض الجبن والرقائق أو طبق من الحبوب قبل النوم يبخّر كل محاولات النوم بمعدة خفيفة. وهناك أيضاً عطلة نهاية الأسبوع التي تنهيها بتناول شريحة بيتزا في الواحدة بعد منتصف الليل أو بوعاء كبير من المثلجات.

وفي نفس الوقت، سمعنا الكثير من التحذيرات والتنبيهات بخصوص عدم تناول الطعام ليلاً لأن ذلك سيئ لعملية الهضم، والنوم، أو الوزن. ولكن قبل أن تفكر في التخلّي عن عاداتك الليلية المحببة أو نزواتك العفوية في منتصف الليل، لنلقِ نظرة على التأثيرات الحقيقية لتناول الطعام قبل النوم على صحتك؛ وفقاً لما نشرته مجلة SELF الأمريكية.

تناول الطعام قبل النوم والهضم

بالرغم من قدرة أجسامنا المثالية على أداء مهمتين في وقت واحد؛ النوم والهضم، في هذه الحالة، لا يكون النوم بعد تناول الطعام مثالياً بالنسبة للعديد من الأشخاص بسبب تركيبة وهيئة الجهاز الهضمي.

وفقاً للمعهد الوطني لأمراض السكري والكلى والجهاز الهضمي، هناك صمام عضلي بين المعدة والمريء (الأنبوب الذي يحمل الطعام من الفم إلى المعدة) يُسمّى العضلة العاصرة السفلية للمريء. يقول سكوت غابارد، أخصائي أمراض الجهاز الهضمي في Cleveland Clinic، لمجلة SELF: "أحياناً يظل هذا الصمام مفتوحاً، مما يسمح لمكونات المعدة والعصارة الهضمية بالعودة إلى المريء والتسبب بتهيّج المريء". هذا الشعور بالحرقة في الحلق و/أو الصدر يُعرف بارتجاع المريء (ارتجاع أحماض المعدة أو حرقة المعدة).

وفقاً لـ Mayo Clinic، هناك بعض الأمور تحفز حرقة المعدة، من بينها تناول الطعام ثم النوم. يفسّر د. غابارد: "عندما ترقد في وضع أفقي بمعدة ممتلئة، تخسر تأثير الجاذبية الذي يساعد في الحفاظ على مكونات المعدة داخلها، مما يتسبب في حدوث ارتجاع لتلك المكونات". وفقاً للمكتبة الوطنية الأمريكية للطب، من الممكن أن يتعرض أغلبنا لشعور حرقة المعدة من حين لآخر، ولكن إذا شعرت به أكثر من مرتين أسبوعياً فهذا يشير إلى أنك مصاب على الأرجح بما يعرف بـ"الارتداد المعدي المريئي".

تناول الوجبات الخفيفة في وقت متأخر من الليل

هناك خطر آخر لتناول الطعام ليلاً وهو "عسر الهضم"، المعروف أيضاً بسوء الهضم أو اضطراب المعدة. وفقاً للمعهد الوطني لأمراض السكري والكلى والجهاز الهضمي يأتي عسر الهضم على هيئة مجموعة من الأعراض؛ مثل ألم بالمعدة، والغثيان، والشعور بالامتلاء بسرعة أو بشكل غير مريح، والشعور بانتفاخ وحرقة أعلى البطن، ترتبط بشكل كبير بتناول الأكل بسرعة، والإفراط في تناول الطعام، وتناول الأطعمة الدسمة، أو الحارة، أو تناول الكثير من المشروبات الكحولية أو الكافيين، أو المشروبات الغازية.

ومثل حرقة المعدة، الشعور بعسر هضم بسيط أو على فترات متباعدة لا يدعو للقلق. ولكن إذا استمر أكثر من أسبوعين أو كان مصحوباً بأعراض أخرى، من الأفضل أن تستشير طبيباً لمساعدتك على اكتشاف إن كنت تعاني من مشكلات أخرى كامنة في الجهاز الهضمي مثل قرحة المعدة أو عسر الهضم الوظيفي، الذي يعد مرضاً مزمناً بدون سبب معروف.

ويقول د. غابارد: "سواء كنت تعاني من ارتجاع مريء أو عسر هضم عرض أو مزمن، فإن تناول وجبة كبيرة قبل النوم قد يزيد الأعراض سوءاً". ولهذا السبب ينصح المعهد الوطني لأمراض السكري والكلى والجهاز الهضمي بتجنب تناول الطعام في وقت متأخر من الليل والانتظار ساعتين أو ثلاث ساعات من وقت تناول الطعام حتى النوم.

وعليك كذلك التفكير بشأن حجم ومحتويات وجبتك الليلية الخفيفة إذا كانت لديك أي من تلك الأعراض. الوجبات الأكبر تستغرق وقتاً أطول للهضم عن الوجبات الخفيفة الصغيرة. وكلما كانت المعدة أكثر امتلاء احتاجت إلى وقت أطول لعملية الهضم، وتصبح عندئذ أكثر عرضة للشعور بأعراض الارتجاع المعدي المريئي أو عسر الهضم. بعض أنواع الأطعمة أيضاً تحتاج إلى وقت أطول من غيرها في الهضم، مثل أي شيء يحتوي على الكثير من الألياف أو الدهون. كما أن الأطعمة الحمضية والحارة تزيد أيضاً من حدة حرقة المعدة وسوء الهضم.

بشكل عام، من أجل صحتك، ستكون الوجبة الليلية الخفيفة المثالية عبارة عن وجبة صغيرة، خفيفة منخفضة الدهون والألياف، وتناولها قبل النوم بساعتين. وإذا لم يساعدك هذا التغيير في الشعور بتحسن واستمرت الأعراض، ينبغي عليك زيارة الطبيب لأن هناك تعليمات وعلاجات أخرى قد تكون أكثر ملاءمة لك.

تناول الطعام قبل النوم وجودة النوم

إذا كنت تتناول طعامك بانتظام بالقرب من وقت النوم ولديك مشكلة في النوم بشكل جيد ليلاً، يجدر بك التفكير بوجود علاقة بينهما.

يقول د. غابارد إن الشعور بحرقة المعدة وعسر الهضم، والشعور بالامتلاء يجعلان النوم صعباً. ويقول راجكومار داسغوبتا، الطبيب والأستاذ المساعدة بكلية كيك للطب بأقسام أمراض الرئة والرعاية الحرجة وطب النوم في جامعة كاليفورنيا الجنوبية، لموقع SELF: "الارتجاع المعدي المريئي وعسر الهضم يجعلان من الصعب عليك أيضاً أن تظل نائماً". ويضيف د. داسغوبتا إن كلا المشكلتين قد تتسببان في فترات يقظة صغيرة جداً قد لا تتذكرها، ولكنهما يمنعانك من الدخول إلى مراحل أعمق من النوم، وفي الصباح تشعر بعدم الراحة وبعض الترنّح.

وفي نفس الوقت، إذا لم تكن تعاني من أي مشكلات مع النوم (أو ارتجاع المريء أو عسر الهضم)، فلا داعي لتغيير عاداتك بتناول الطعام ليلاً. يقول د. داسغوبتا: "في الواقع، عادات النوم المنتظمة تساعد في إرسال إشارات إلى الجسم والعقل بأنه قد حان الوقت للاسترخاء والراحة". قد تكون هذه العادات بالنسبة لبعض الناس تناول بعض الشاي، أو الاستحمام، أو قراءة كتاب، وقد تكون بالنسبة لآخرين تناول وجبة خفيفة، مما يدفع الجسم للاسترخاء والاستعداد للنوم بشكل جيد ليلاً. ويضيف د. داسغوبتا إن النوم على معدة خاوية في بعض الأحيان قد يشغل العقل ويجعل من الصعب على الجسم أن يسترخي. لذا إذا كنت تحتاج إلى وجبة خفيفة قبل النوم للتخلص من الشعور بالجوع طوال الليل، احصل عليها.

وتذكر أيضاً أن هناك حوالي 7,000 شيء قد تؤثر على قدرتك على النوم ليلاً بخلاف تناول الطعام قبل النوم؛ مثل تناول الكافيين، والتمرينات الرياضية، وعادات النوم، والقلق، واضطرابات النوم. لذا، بدلاً من القفز إلى الاستنتاجات، ينصح د. داسغوبتا بتتبع وتسجيل حالة النوم لمدة أسبوعين لترى إن كان هناك أي ارتباط أو علاقة بين صعوبات النوم وتناول الطعام. إذا لاحظت إنك دائماً ما تحظى بنوم أقل أو تشعر بالنعاس وعدم الراحة في النهار بعد تناول الطعام قبل النوم، جرّب تقليص أو منع تلك الوجبة الخفيفة قبل النوم وراقب النتائج.

تناول الطعام قبل النوم والوزن

الكثيرون منا يربطون تناول الطعام ليلاً بزيادة الوزن. في الحقيقة، قد يكون ذلك بسبب النصائح التي نسمعها أو نقرأها بعدم تناول الطعام بعد ساعة معينة من أجل فقدان الوزن الزائد. بالإضافة إلى شيوع الأنظمة الغذائية التي تعتمد على الصوم المتقطع (التي تتضمن تناول الطعام خلال فترة معينة، مثل 10 صباحاً إلى 6 مساءً)، فتفترض ضمنياً أن تناول الطعام ليلاً له علاقة بزيادة الوزن.

باختصار، قد يكون هناك صلة فعلية، ولكننا لا نعرف حقاً ما يكفي من المعلومات لنقول أي شيء. تقول كيلي سي أليسون، أستاذ مساعد علم النفس في قسم الطب النفسي بكلية بيرلمان للطب جامع بنسلفانيا ومدير مركز اضطرابات الوزن والطعام، لمجلة SELF: "هناك بعض الأبحاث تشير إلى علاقة بين تناول الطعام ليلاً، وزيادة الوزن، والتمثيل الغذائي".

وتوصلت مراجعة ساهمت فيها أليسون، نُشرت في صحيفة Physiology & Behavior عام 2018، لبعض الأدبيات التي تناولت هذا الموضوع إلى أنه بالرغم من أن الأبحاث معيبة وغير كاملة، فإن بعض النتائج من مجموعة دراسات صغيرة تشير إلى أن توقيت تناول الطعام يؤثر على الوزن ووظائف التمثيل الغذائي، بشكل أكثر تحديداً، تناول الطعام بشكل منتظم ليلاً يؤدي إلى خلل في التمثيل الغذائي، بينما تناول الطعام نهاراً ليس له أي تأثير سلبي.

إحدى النظريات تقول إن نقل استهلاك السعرات الحرارية إلى وقت متأخر من اليوم يغير إيقاع الجسم اليومي، مما يساعد على تنظيم عملية التمثيل الغذائي. تقول أليسون: "أجسادنا مجهزة للاستيقاظ وتناول الطعام والحركة أثناء النهار، والنوم والصيام ليلاً". ولكنها تظل مجرد نظرية. يعترف أصحابها بالحاجة إلى المزيد من العمل والبحث، بما يشمل دراسات أكبر وأكثر تنظيماً على مجموعات متنوعة من الأفراد لفترات زمنية أطول قبل إصدار أي تعميم بهذا الشأن. (وتعمل أليسون حالياً على دراسة تجريبية عن هذا الموضوع).

ما الذي نعرفه على نحو مؤكد؟ تقول أليسون حتى إذا وُجدت تلك الصلة، تظل مجرد قطعة صغيرة في الأحجية المعقدة المتعلقة بالصحة، والتمثيل الغذائي والوزن. وتضيف: "لا يزال الأمر يتعلق بشكل كبير بقيمة وكمية الطعام التي تتناولها، بعض النظر عن موعد تناول ذلك الطعام".

هناك أمر آخر يمكننا قوله ونحن واثقون 100%: حتى إذا كانت زيادة الوزن مرتبطة بتناول الطعام ليلاً فهذا ليس بالضرورة يدعو للقلق. الوزن ليس المؤشر الوحيد (أو حتى الأهم) لحالتك الصحية.

لذا، في نهاية اليوم، يمكنك على الأرجح تناول وجبة خفيفة والنوم بسهولة. إذا واجهتك مشكلة مثل حرقة المعدة أو عسر الهضم أو عدم القدرة على النوم بعمق، من الأفضل عندئذ أن تلتزم بالإرشادات العامة: اجعل الوجبات أصغر، ولا تتناول الأطعمة التي تحتوي على الكثير من الألياف أو الدهون أو التوابل أو الحمضيات؛ وتناولها قبل موعد النوم بساعتين على الأقل. وإذا استمرت الأعراض، عليك استشارة الطبيب.

تحميل المزيد