متلازمة التعب المزمن أو التهاب الدماغ والنخاع الحميد المؤلم للعضل (المعروف باسم ME) هي مرض طويل الأجل يصيب أكثر من 250 ألف شخص في المملكة المتحدة، وفقاً لجمعية المصابين بمتلازمة التعب المزمن.
رغم ارتفاع عدد المصابين وغالبيتهم من النساء، فإنه يُعتبر مرضاً غير واضح المعالم ويُساء فهمه على نطاق واسع.
تذكر هيئة الخدمات الصحية الوطنية NHS أن أكثر الأعراض شيوعاً هو التعب الشديد، كما قد يعاني الأشخاص المصابون من مشاكل في النوم، أو ألم في العضلات أو المفاصل، أو حالات من الصداع، أو التهاب في الحلق، أو أعراض شبيهة بالإنفلونزا، أو الشعور بالدوار أو الغثيان، أو خفقان القلب.
يقول الدكتور تشارلز شبرد، من جمعية المصابين بمتلازمة التعب المزمن: "إنه مرض بلا أعراض ظاهرة، وعندما ترى أشخاصاً مصابين بمتلازمة التعب المزمن، قد لا تبدو علينا مظاهر المرض دائماً، ولكن عندما تظهر الأعراض علينا، فإن آثارها تصبح واضحة للعيان، فأجسامنا تصاب بالتهابات مؤلمة وأدمغتنا تسبب لنا حالة من الارتباك" .
تُعدُّ أسباب المرض غير معروفة، ولكنْ هناك عدد من النظريات حول كيفية حدوثه: الالتهابات الفيروسية مثل الحمى الغدية، والالتهابات البكتيرية، مثل الالتهاب الرئوي، ومشاكل في الجهاز المناعي، والاضطراب الهرموني، أو توتر العصبي والصدمة النفسية.. يعاني المصابون أيضاً أكثر من غيرهم من مخاطر محاولات الانتحار.
إليك ما تريد معرفته عن هذه المتلازمة، بحسب ما نشرته النسخة الإسبانية من موقع HuffPost الأمريكي.
تتجاوز الأعراض إحساس التعب إلى حد بعيد
كانت ميللي لوزلي، البالغة من العمر 13 عاماً، من مقاطعة لوثيان الشرقية في اسكتلندا، مولعة بممارسة لعبة الهوكي ولكنها الآن أصبحت حبيسة منزلها وقد تركت المدرسة منذ مايو/أيار 2018.
تقول: "أشعر بأن هناك أحمالاً على جسدي طوال اليوم، أو كأني أجري بأقصى سرعتي وأنا مصابة بالإنفلوانزا، كما أنني شديدة الحساسية للضوء، لدرجة الشعور بالحرقة في عينيّ، وإذا تحدث شخص بجانبي فكأنما يدوي في أذني بوق شاحنة هوائي، ذهني دائماً ما يكون مشوشاً لدرجة أنني نسيت عيد ميلادي ذات مرة. لو أن أحداً يعرف طعم الموت، لقلت إنني أعيش ذلك الشعور" .
متلازمة التعب المزمن قد تجعلك غير قادر على النهوض من الفراش
شُخِّصت حالة جيما كورفالا، البالغة من العمر 31 عاماً، من مدينة كامبريدج بأنها مصابة بتلك المتلازمة بعد إصابتها في حادث سيارة عام 2011.
تحولت من قدرتها على القيام بحركات الضغط وهي معلقة في إطار الباب من أصابعها إلى العجز عن النهوض من الفراش.. والآن يهتم بها زوجها خافيير.
تقول: "عادة ما أقضي أيامي في الفراش بصحبة قطتَيّ الصغيرتين، إذ يعمل زوجي بدوام كامل كي يؤمِّن لنا ما نحتاج إليه. أكره جسدي، وهذا ألطف تعبير؛ فهو لم يجلب عليَّ سوى المشقة والألم. أنا مجرد قشرة لشخصيتي السابقة" .
قد تسبب لك تلك المتلازمة الوحدة والانعزال
تقول كورفالا: "ليس لديَّ الآن حياة اجتماعية منتظمة لأتحدث عنها كما أنني فقدت الاتصال بمعظم أصدقائي إن لم يكن جميعهم. بالإضافة إلى أنه لا يمكنني الخروج من المنزل بمفردي لأنني أعتمد على كرسي متحرك وأقضي معظم وقتي في السرير، ما عدا المرات القليلة التي أذهب فيها إلى السينما أو لزيارة بعض الأصدقاء الذين يمكنني عدُّهم على أصابع اليد الواحدة" .
أما هايلي ديت، البالغة من العمر 45 عاماً، من مقاطعة سمرست، فقد أصابتها المتلازمة في يوم رأس السنة في عام 2015 أثناء التسوق.
تقول: "لقد أصبحت وحيدة ومنعزلة وغير قادرة على فعل الكثير من الأشياء، لا أستطيع حقاً وضع خطط للمستقبل؛ لأن ليس لديَّ أدني فكرة عما إذا كنت سأكون بعافيتي حتى أنفذها أم لا" .
قد يتم الخلط أحيانا بينها وبين الاكتئاب
تقول آلي ماكنمارا، 48 عاماً، من مدينة كامبريدج، إنه حتى بعد عدد من الاختبارات، لم يستطِع طبيبها الممارس أن يجزم بما إذا كانت تعاني من الاكتئاب أم أنها مصابة بمتلازمة التعب المزمن.
تقول: "أخبرني طبيبي أنه يمكن أن يكون أحد أمرين: الاكتئاب أو متلازمة التعب المزمن. لقد عانيت من الاكتئاب في الماضي، لذلك عرفت أنه ليس ذلك المرض. من الواضح أنني لم أكن راضية عن الشعور بتلك الأعراض، ولكنني لم أكن في حالة الظلام التي يدفع الاكتئاب بك إليها. لذا فقد تمت إحالتي إلى عيادة طبية متخصصة في مرض متلازمة التعب المزمن، إذ قام المختصين بتشخيص حالتي" .
لا يمكنك التغلب عليها فقط عن طريق ممارسة الرياضة
كانت ماكنمارا تعمل في السابق مدربة خاصّة قبل أن تصاب بالمتلازمة، لذا فهي تعلم فوائد التمرين على الصحة البدنية والنفسية. لكن التمرين في الواقع يزيد حالتها سوءاً.
تقول: "كنت أشعر بالتحسن دائماً عندما أتمرن. لذلك في أيام العطلات كنت أدرك أن التدريب هو الذي سيحسن حالتي المزاجية، وإذا انتابني أي شعور بالخمول يختفي كالسحر. لكن بعد ذلك بدأ أمر مختلف؛ بدلاً من أن أشعر بتحسن، بدأت التمارين تجعلني أشعر بحالة أسوأ، وكنت متعبةً دائماً، أما الآن عندما أضغط على نفسي في التمرين، أشعر دائماً بأسوأ حالة في اليوم التالي" .
بعض الأطباء يشكُّون في حقيقة أعراض متلازمة التعب المزمن
تقول كورفالا: "لا يزال يتعين علينا القيام بالكثير، بالأخص مع الأطباء الذين لا يزالون يشككون في حقيقة أعراضنا ويشكون في المرضى عموماً ويرفضون فكرة أننا في معاناة. أخبرني الأطباء أن أشرب المزيد من القهوة… عندما سألت عما إذا كان هناك أي شيء يمكنني القيام به لتخفيف التعب" .
تحتج كورفالا: إذا لم يستطِع الطبيب قبول فكرة وجود متلازمة التعب المزمن، فهذا يجعل قبولها صعباً على المرضى والأشخاص العاديين عموماً.
تتفق ديت مع ذلك الرأي قائلة: "لا أستطيع أن أفهم كيف أن بعض الأطباء لا يزالون يرفضون قبول متلازمة التعب المزمن كحالة طبية حقيقية، على الرغم من القصص التي لا حصر لها عن الوهن البدني الشديد" .
الانتكاس بعد التحسن
شُخِّصت حالة هانا غراندي، 36 عاماً، من مدينة نوتنغهام بأنها متلازمة التعب المزمن في أواخر العشرينيات من عمرها، بعد عدة أشهر فقط من بدء عملها الجديد.
تقول: "إنه كفاح مستمر ولا تعرف أبداً متى ستزداد الحالة سوءاً مرة أخرى. مثلما تنصلح الأمور ويظهر لك بصيص من الأمل في شكل تحسن طفيف، ولكن بعدها تعود الأمور إلى سابق عهدها أو ربما أسوأ، وتعاود المحاولة مرة أخرى من الصفر. أشعر غالباً وكأنني عجوز تبلغ من العمر 100 عام داخل تعيش داخل جسم فتاة شابة" .