أحياناً يبدو التوقف عن العمل في الإجازة شبه مستحيل، تلاحقك الرسائل النصية والإلكترونية أينما ولَّيت وجهك.
تخيل الآتي: تهيئة البريد الإلكتروني على وضع خارج المكتب ووضع هاتفك بعيداً عن متناول يدك، باستثناء في وقت إجراء مكالمات حجز العشاء في بعض الأحيان.
ثم الاستيقاظ وأنت في غاية الراحة مستقبلاً أشعة الشمس، ليس لأنك مضطر لعقد اجتماع، ولكن لأنك ترغب في بداية نهار حافل بالنشاطات.
لسوء الحظ، مع أننا نبذل قصارى جهدنا في كثير من الأحيان، إلا أن النتيجة العكسية هي ما نحصل عليه: هل سبق لك أن عُدت يوماً من عطلة وأنت تشعر بمزيد من الإرهاق والتوتر أكثر مما كنت قبل الذهاب؟
تقول سوزان ديجز- وايت، الحاصلة على دكتوراه في الاستشارة المهنية المتخصصة من جامعة كارولينا الشمالية لموقع Mind Body Green إنه "في عالم حققت فيه التكنولوجيا التطلعات إلى الرد الفوري على الاتصال، وتوفر الخدمة 24 ساعة في اليوم طوال الأسبوع، فإن مفهوم التوقف عن العمل قد صار له دلالات سلبية بالنسبة لكثير من الناس هذه الأيام" .
وتابعت: "ولكن أجسامنا لا تتماشى مع هذا المنظور المعوج على نحو غريب؛ إذ إنها بحاجة ماسة إلى بعض الراحة، وإلا قد تصبح الآثار الصحية والنفسية المترتبة على ذلك ضارة بقدرتنا على القيام بأي من أدوارنا المختلفة في الحياة بنجاح" .
حسناً، هناك طرق لتحقيق أقصى قدر من الانتعاش، للعقل والجسم، حتى يمكنك أن تعود وأنت تشعر بمزيد من الرضا والاستعداد لاستئناف ما كنت تقوم به من عمل.
ما عليك سوى النظر إليها على أنها توجيهات عامة وليس كدليل إرشادي.
التوقف عن العمل في الإجازة
إياك والانشغال بجدول أعمالك
ربما كنت من النوع الذي لا يكل ولا يمل من العمل أثناء تواجدك في المنزل، دائماً ما تتطوع لمزيد من العمل، وتحير أطفالك بجدول أعمالك المكتظ، وتخصص للتمارين ما يزيد عن الساعة.
قاوم رغبتك في القيام بذلك أثناء العطلة؛ فهذا سبب إضافي من أسباب التوتر، وقد تفوتك بسببه متعة العفوية.
تقول ديجز وايت: "حتى وإن كنت من ذلك النوع من الأشخاص الذين لابد أن يعرفوا متى وأين من المفترض بهم أن يتواجدوا في توقيت بعينه وكيف ستصل إلى هناك، خذ نفساً عميقاً ودع الأمور تسير بصورة طبيعية دون محاولة السيطرة عليها" .
سبب آخر يستدعي عدم الإفراط في التخطيط، هو أن الأمور قد تسوء، وعليه تكون مضطراً لتعديل الوضع طوال الوقت.
وأضافت: "عندما يحدث ذلك، لا تدع رد فعلك واستجابتك تزيد الأمور سوءاً، فقط ذكّر نفسك أنه في بعض الأحيان تجري الأمور في الحياة على هذا النحو وأن المسلك المعتاد لا يؤدي دائماً إلى الوجهة المناسبة بالنسبة لك ولعائلتك" .
امنح جسمك قسطاً من الراحة
قد يستخدم بعض الأشخاص العطلة كوقت لتجنب ممارسة الرياضة، فهناك أسباب كثيرة قد لا تمكنك من تخصيص وقت للتمرين، لكن بالنظر إلى أنك تقوم الآن بالقراءة، فمن المحتمل أنك وضعتها في صدارة أولوياتك؛ ومع أنه من المفيد لك أن تحرك عضلات جسمك في الإجازة، إلا أنك يجب أن تحرص على منح جسمك وقتاً لاستعادة قواه.
يكون هذا صحيحاً بشكل خاص إذا كانت إجازتك من النوع الذي يشتمل على تحديات جسدية، مثل: التسلق، أو الركض لمسافات طويلة، أو ركوب الدراجات، أو ركوب الأمواج، أو التزلج.
يقول المدرب أليكس سيلفر فاجان: "عندما نطلب من أجسامنا أن تطاوعنا أثناء التمرين أو أي نشاط بدني آخر، فإننا نشق على عضلاتنا ونرهقها؛ والطريقة الوحيدة التي يستطيع الجسم أن يعاود نشاطه من جديد أن تحصل على وقت للتعافي" .
الغذاء الصحي قد يفيد
تعد تجربة الأطعمة الجديدة والاستمتاع بمذاقها هي أهم ما في العطلة، لكن في نهاية الرحلة، قد تشعر بالخمول والتخمة.
لذا، كل ما شئت، لكن عليك ببعض الوجبات المليئة بالخضراوات من وقت لآخر فهذا يساعدك على المدى الطويل.
يقول الطاهي العالمي دان تشرشل: "يغفل الناس تماماً عن استرداد عافيتهم حتى تزول الصحة" .
وأضاف: "لا غنى عن الغذاء لاستعادة قوى الجسد. عندما نتحدث عن الأطعمة المجددة للطاقة، فإننا نميل إلى الحديث عن المغذيات الكبرى، مثل: النشويات والبروتين والدهون. لكني أقول دائماً للناس هو الالتزام ببعض العادات حتى لا تطلق لجسدك العنان كثيراً" .
تحتاج حقاً إلى فصل نفسك عن العمل
التوقف عن العمل هو الطريقة الوحيدة التي تمكنك من الكف عن التفكير في العمل واستعادة قواك أثناء العطلة، ومع ذلك فهي عملياً مهمة صعبة.
وتقول دجيس- وايت: "إذا كنت تريد حقاً قضاء إجازة، فسيتعين عليك إجبار نفسك على أن تترك خلف ظهرك (حرفياً ذلك هو الأفضل؛ وعلى سبيل المجاز، إذا كان هذا هو كل ما تستطيع تنفيذه) أي وسيلة تكنولوجية تربطك بالعمل.
قد يستلزم الأمر الكثير من الانضباط للتنازل وترك الهاتف المحمول أو جهاز اللاب توب، ولكن يلزمك الكثير من الجهد لمقاومة تلك الرغبة (أو الإدمان) المتعلق بحمل جهازك والشروع في تفقد رسائل البريد الإلكتروني أو الأخبار التي بالتأكيد تستحق ذلك العناء!
يستحق عقلك تماماً الفرصة لإعادة تشغيل ذاته.
استخدم تعاليم الاستغراق الواعي والتأمل
وتقول أيضاً: "ذكّر نفسك أنك تستحق الابتعاد ولو لبعض الوقت عن وظيفتك أو روتينك المعتاد. بعض الناس يشعرون بالذنب إذا خصصوا بعض الوقت من أجل متعتهم الخاصة، فلا يُفترض أن يضغط العالم دوماً على متعة أوقات الفراغ" .
وتقول دجيس- وايت: "عندما تراودك الأفكار بشأن ما تركته دونما إنجاز أو ما ستواجهه حال عودتك، فدعها تمر من عقلك، مثل الغيوم في السماء، تراها ثم تمضي بعيداً" .