عادة ما يرسم المشاهير والمؤثرون على مواقع التواصل الاجتماعي ملامح الموضة كل عام، لكن في صيف 2019 استطاع فستان منقط من Zara أن ينتشر في شوارع بريطانيا دون مساعدة أي من صانعي الموضة.
فبحسب صحيفة The New York Times الأمريكية، ساعدت صدفة غريبة على انتشار هذا الفستان خلال أسابيع، وجعله تريند في المملكة المتحدة.
فستان Zara المنقط.. موضة صيف 2019
هذا الفستان المصنوع من الفسكوز الأبيض المُنقط بنقاط سوداء مستديرة مقدم من عملاق الأزياء السريعة Zara، بسعر 50 دولاراً أمريكياً فقط (39.99 جنيه إسترليني).
وأصبح منتشراً بشدة داخل بريطانيا، لدرجة أنَّه بات يُعرف باسم "الفستان" فقط.
وبالفعل، أصبح "الفستان" مشهوراً جداً خلال الأشهر الثلاثة الماضية، لدرجة ظهور صفحة @hot4thespot المخصصة له على إنستغرام.
حيث تُتيح الصفحة، التي أنشأتها مصممة الأزياء فاي أوكينفول، لمتابعيها فرصة نشر صور مشاهداتهم للفستان في قطار الأنفاق، أو عند عبور الأرصفة، أو في المتاجر الكبيرة، أو في الكنيسة (وغيرها من الأماكن) داخل بريطانيا.
لكن لم تكن أوكينفول لتتخيل أن المنشورات الخاصة بـ "الفستان" ستأتي من أماكن مختلفة في كافة أنحاء العالم.
كيف أصبح هذا الفستان مشهوراً؟
قالت فاي في وقتٍ سابق مؤكدة أَّنها لا تمتلك الفستان في خزانتها: "التقيت الفستان للمرة الأولى في عيد الفصح، حين حضرت المديرة الفنية وفنانة المكياج وهما ترتديانه. ونشرت الأمر عبر صفحتي على إنستغرام بوصفه "لحظة أزياء غريبة.
وبدأ الأمر في التصاعد بعد ذلك، إذ بدأ الكثيرون في إرسال مشاهداتهم إليَّ.
وبعد أسابيع قليلة، بدا وكأنه أصبح شهيراً للغاية، إذ أُرسل إلى عدد هائل من صور النساء اللواتي يرتدين هذا الفستان، لدرجة أنني قررت إنشاء صفحة جديدة لمتابعة المحتوى بشكل جيد" .
جذب الفستان محبي الأزياء من كافة الأعمار حتى إن أكبر سيدة نُشرت صورتها وهي ترتدى هذا الفستان في الثمانين من عمرها (وهذا المنشور هو الأشهر أيضاً حتى الآن، إذ حصد قرابة الـ780 إعجاباً).
البعض هاجم المشروع بوصفه انتهاكاً للخصوصية
شيئاً فشيئاً لفت المشروع انتباه الكثير من النقَّاد الذين رأوا أنه ينتهك خصوصية النساء اللواتي يتم تصويرهن دون إذن منهن في الطرقات لتنشر صورهن على هذه الصفحة وهن يرتدين "الفستان" . ومن ضمن المنتقدين مصممة الأزياء صوفيا بينسون، التي انتقدت @hot4thespot والصفحات المُشابهة التي أُنشئت في أعقاب انتشار صيحات الأزياء على الشبكات الاجتماعية، بدعوى أنَّها تلتقط وتنشر صور النساء خلال ممارسة حياتهن اليومية دون إذن منهن.
إذ كتبت صوفيا في عمودها بصحيفة Metro البريطانية: "لدى النساء ما يكفي ليقلقن حياله في الأماكن العامة، بدءاً من المضايقات بالصفير، وتصويرهن من تحت التنورة، ومطاردتهن، ووصولاً إلى التحرش بهن.
ولا يحتجن لإضافة أيّ مصدر توتر جديد مثل أن يصورهن الناس بنية مشاركة هذه الصورة مع الآلاف من الأشخاص الآخرين" .
الفستان موضة "ديمقراطية" لم تُفرض بوساطة المشاهير
في النهاية لم تؤثر تلك الانتقادات كثيراً على الفستان.
إذ أوضحت لورا أنتونيا جوردن، مديرة أخبار وتقارير الأزياء بمجلة Grazia، أنَّ النساء اللاتي أحببن هذا الفستان المنقَّط هُنَّ من منح هذه الظاهرة تحديداً مصداقيةً ثقافية أكبر -وليس المشاهير، وأفراد العائلة الملكية، والشخصيات المُؤثِّرة.
وقالت لورا: "هذا الفستان يُمثِّل موضة ديمقراطية تعمل على أرض الواقع. لا يرغب الجميع في المزيد من الزهور والفتحات على الملابس الصيفية.
وهذا الفستان الخفيف الرقيق ذو الأكمام الواسعة، والوسط المشدود، يُناسب غالبية النساء.
وتغذَّت هذه الصيحة على حقيقة أنَّه متعدد الاستعمالات، ورخيص، ومتوفر في جميع متاجر Zara المتواجدة بالقرب من غالبية سكان بريطانيا" .
توجه نحو الاحتشام والعملية
أظهر الفستان اتجاهاً واضحاً نحو الاحتشام بعيداً عن الفساتين الضيقة والكاشفة للجسم خصوصاً في أعقاب حملة #MeToo.
وبعد فترةٍ من الهيمنة البائسة لملابس الشارع النسائية المشاكسة، تحت قيادة مصممين مثل ديمنا جفاساليا، انطلقت حركة لتبني الأزياء الرومانسية التي تتميَّز بالراحة والعملية في الوقت ذاته، والتي تمثَّلت في أزياء مثل فستان Zara المنقط.
ويُعَدُّ انتشار هذا الثوب الجديد وغيره من الأزياء السابقة، إلى جانب الحوار الناشئ حوله، مثالاً آخر على قوة الشبكات الاجتماعية، وعلى حقيقة أنَّ الكثير من العملاء في هذا العصر الرقمي المُتنامي يريدون رؤية أشخاصٍ يُشبهونهم وهم يرتدون علاماتهم التجارية أو مشترياتهم المفضلة، مما يؤكِّد على صحة قراراتهم الشرائية ويدعم إحساسهم بالانتماء للجموع.
وقالت سارة أوين، محررة كبيرة في شركة WGSN المتخصصة في توقُّع الصيحات: "لا تتعلق الصيحات واسعة الانتشار أحياناً بالتصميم أو الجماليات، بل تعتمد بدرجة أكبر على الحافز أو المُشجع" .
من جهتها، رفضت شركة Zara التعليق على نجاح الفستان المنقط الذي تبيعه مُقابل 50 دولاراً.
لكن يبدو أنَّ المنتج الذي نفدت الكمية المتاحة منه سابقاً، لا يزال متاحاً على الإنترنت في العديد من الأسواق بجميع مقاساته، بدءاً من XS ووصولاً إلى XXL.